عاممقالات

أحمد زكي “بصمة لن يمحيها الزمن

أحمد زكي "بصمة لن يمحيها الزمن


بقلم /إسراء أحمد

الإمبراطور ، النمر الأسود الذى حفر اسمه من ذهب داخل قلوب الجماهير ، العاشقة لفنه ، والمؤمنة بموهبته منذ ظهوره على الساحة الفنية حتى رحيله ، فترك لنا بعد رحيله أساطير من أعمال فنية سيخلدها الزمان على مدار الحياة ، ذلك الشاب الأسمراني الذى اختار مكانة لا أحد حتى الآن قادر على اقتحامها ، أو التواجد مكانه ، خلق عالما خاصا به ما زال حتى الآن الجميع في حيرة من أمره كيف فعل ذلك ؟ وسيظل معلما للأجيال القادمة بعد قرون ، وسيظل يدرس منهجا للطلبة مهما دار الزمان .

أحمد زكي "بصمة لن يمحيها الزمن


إنه أحمد زكى الشاب الأسمرانى القادم من محافظة الشرقية ، حيث ولد أحمد زكي في 18 نوفمبر عام 1949، في مدينة الزقازيق محافظة الشرقية ، عاش يتيما ، حيث توفي والده هو يبلغ العام من عمره ، ويمكن القول أنه عاش يتيم الأب والأم ، حيث تزوجت والدته بعد وفاة والده ، وتركته ، حيث تربى على يد جده وأعمامه ، كان منذ الصغر يعمل ويدرس في نفس الوقت ، والتحق بمدرسة الثانوي الصناعي ، ووقتها اشترك في مسابقة مدارس الجمهورية للمسرح ، ونال جائزة أفضل ممثل على مستوى مدارس الجمهورية ، حيث سمع من أحد المتواجدين في الحفل أن هذا الشاب الأسمرانى إذا انتقل إلى القاهرة سيصبح ممثلا عظيما ، حيث قرر حينها الذهاب إلى القاهرة وهو في سن العشرين ، والتحق بمعهد الفنون المسرحية ، وتخرج الأول على دفعته عام 1973، حيث عاش في تلك الفترة حياة عصيبة جدا مليئة بالحرمان ، ولكنه كان يصبر حتى ترى موهبته النور .


أحمد زكي "بصمة لن يمحيها الزمن

كانت بداية ظهوره في مسرحية “هاللو شلبي ” مع الفنانين عبدالمنعم مدبولي والفنان سعيد صالح ، ومن بعد تلك المسرحية بدأت العيون تنظر إليه ، وكان ذلك قبل تخرجه بعام واحد ، حيث قدمه المخرج جلال الشرقاوي في مسرحية ” مدرسة المشاغبين ” ، حيث كل هذا كان عام 1969 ، وكان وقتها الاحتفال بمرور ألف عام على تأسيس القاهرة ، حيث أعلنت مجلة ” سينما الفنون ” ، عن إقامة احتفالية كبيرة لهذه المناسبة وذلك عن طريق أوبريت كبير كتبه صلاح جاهين ، وكان وقتها أحمد زكى من ضمن الكومبارس ، ولكن لسوء الحظ اعتذر فنانين الصف الأول عن هذا العمل لظروف خاصة ، فرشح المخرج الألماني لهذا الأوبريت ، أحمد زكى ، حيث أنه كان مؤمنا بموهبته جدا ، ولكن المخرج المسرحي رفض ، بحجة أنه ما زال طالب ، فكيف له أن يقدم طالب لقيادة أوبريت كبير مثل هذا ، حيث حزن جدا زكي لهذا الموقف ، ولكن كان عزاؤه الوحيد هو أن المخرج الألماني رشحه ، وكان مؤمن بموهبته ، كما أنه طلب منه السفر إلى الخارج لإثبات موهبته ، والبعد عن مجتمع لا يقدر قدر الموهبة الحقيقية .


أحمد زكي "بصمة لن يمحيها الزمن

بدأ الشاب الأسمرانى يشارك في أدوار صغيرة جدا منها “ولدى ” “بدور ” “شلة المشاغبين ” ، وتم اختياره لدور البطولة في فيلم “الكرنك ” ليقف أمام السندريلا ، حيث ظن أن الحظ ابتسم له، ولكن تلك الفرحة لم تدم طويلا ، حيث أن المنتج رمسيس نجيب رفضه ؛ لكونه شاب أسمرانى ، وكيف يقف حبيبا أمام السندريلا ، فذلك سوف يقف عائقا أمام تسويق الفيلم ، ويسبب ذلك في سقوط الفيلم ، وأعتذر له السيناريست ممدوح الليثى ، وحاول زكى الإنتحار بعد ذلك الموقف ، واسعفه الفنان حسن مصطفى إلى المستشفى ، ولكن بعد ذلك رشحته الفنانة ماجدة فيلم “العمر لحظة ” ، ومن بعدها فتحت له أبواب المجد ، وابتسم الحظ له من جديد ؛ ليقتحم أبواب المجد ، ويضع يده على النجومية وكأنها وضع يد دون منافس ، حيث رشحته وأصرت على وجوده بطل أمامها في فيلم “شفيقة ومتولى ” .

من هنا بدأت الانطلاقة للشاب الأسمرانى حيث بسبب النجومية التي حققها ، اختاره سمير العصفوري؛ ليشارك في مسرحية “العيال كبرت ” وتلك المسرحية كانت نقطة تحول في حياة النمر الأسود ، حيث ألقت الضوء على موهبته ، وفي نفس العام شارك في مسلسل “الأيام ” ، ورغم أنه قدم دور ثانوي في فيلم “الباطنية ” إلا أن زكي بدأ يستقبل الجوائز على هذه الأدوار ، و كان الفرح يسود عليه دائما ، فهو بدأ يصعد أول سلم المجد .


أحمد زكي "بصمة لن يمحيها الزمن

من هنا بدأ الإمبراطور في احتلال الساحة الفنية ، لم يكن فنانا عاديا حيث ترك بصمة لن يمحيها الزمن حتى انقراض البشرية ، حيث قدم وعالج مشاكل ، وقضايا مهمة جدا في جميع أفلامه، حيث قدم العديد من الأفلام مثل “البيضة والحجر “و”الهروب” “أرض الخوف” ” زوجة رجل مهم “، حيث أبدع الإمبراطور في تقديم هذه الأدوار ونال عليها العديد من الجوائز، شارك الفنان الراحل زكي بستة أفلام قام ببطولتها ضمن قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية وهي “أبناء الصمت ” “زوجة رجل مهم” “البرئ” “الحب فوق هضبة الهرم” وأحلام هند وكاميليا ” “إسكندريه ليه ” حيث دائما ما عودنا أن يكون رجل الصعاب في السينما ، وكذلك أنه دائما ما كان يدهشنا بأعماله المثيرة ، تارة مدمن ، وتارة نمر، وتارة رجل مهم ، وتارة يتيم ، حقا استحق وسام الإبداع والتميز في السينما العالمية وليس المصرية فقط .

لم يكن سيد السينما فقط بل قدم العديد من الأعمال التلفزيونية الكثيرة مثل مسلسل”هو وهي ” و”الغضب ” ” لا شئ يهم ” “بستان الشوك ” إضافة إلى مسلسل إذاعي وحيد “دموع صاحبة الجلالة “
بدأت أعمال ذكي تأخذ مسارا آخرا ليدهش الجمهور ويثبت له أن الإمبراطور لا يسير على نمط واحد ، فقدم فيلم “إضحك الصورة تطلع حلوة “و “معالي الوزير ” بينما فيلم ” أيام السادات ” و فيلم “ناصر 56” أثارا ضجة كبيرة في الوطن العربي ، من خلال تجسيده لتلك الشخصيات العظيمة ، وكأنه قام بتجسيد حي ولم يترك ورائه غلطة ، حتى الآن طبع في أذهان الجيل الصغير شكل أحمد زكي وكأنه ناصر والسادات .
أما عن الجوائز فقد أطلق على الفنان الراحل “صائد الجوائز ” لدرجة أنه كان ينسى الجوائز عند أصدقائه أو في التاكسي ، وحصل على العديد من الجوائز المحلية والعربية عن معظم أدواره السينمائية ، وكذلك حصل على وسام الدولة من الطبقة الأولى حيث منحه ذلك الوسام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك .

أحمد زكي "بصمة لن يمحيها الزمن

إقرأ المزيد  محمود عامر العفوية والطيبة


تزوج من الفنانة الراحلة هالة فؤاد وأنجب منها ابنه الوحيد هيثم ، ولكن زواجهما لم يدم طويلا ، وانفصلا عن بعضهم البعض ؛ لعدم اتفاقهما فى وجهات النظر المختلفة ، ولم يتزوج بعدها ، إلا أنه خاض بعض تجارب الحب مع بعض الفنانات مثل الفنانة شيرين سيف النصر ، وكذلك الفنانة رغدة ، حيث صرحت الفنانة رغدة مع نيشان في برنامجه على قناة الحياة ، أنها هي والراحل الإمبراطور كانا يحبان بعضهم البعض ، وهو في المستشفى عرض عليها الزواج قطعا للألسنة والإشاعات التي أشاعت زواجهما سرا ، ولكنها رفضت رغم حبها الشديد له ، حيث كانت تعتقد أنهما لا يصلحان أن يكونا زوجين ، وأرادت أن تخدمه بنفسها خلال فترة مرضه ، وليست لكونها زوجة له .


أحمد زكي "بصمة لن يمحيها الزمن

‎جمل وعبارات لن ننساها للراحل أحمد زكي وما زالت هذه الجمل نرددها حتى الآن إذا حدث موقف ما مثل” كلهم كدابين و عارفين إنهم كدابين وعارفين إننا عارفين إنهم كدابين وبرضو مستمرين في الكذب ومع ذلك بيلاقوا اللي يصفق لهم” من فيلم “حب فوق هضبة الهرم” وجملة”كلنا فاسدون لا استثني أحدا حتى بالصمت العاجز.. الموافق قليل الحيلة” من فيلم ضد الحكومة ، وجملة “مسيرها تروق وتحلى” من فيلم “أحلام هند وكاميليا ” ، وغيرها من الجمل التي حتى الآن تردد على لسان الجمهور .
‎أما عن أخر أعماله السينمائية هو فيلم “حليم ” الذى قرر أن يكمل الفيلم رغم تدهور صحته ، لأنه كان يرى أن حياة العندليب الأسمر كانت تشبه حياته من آلام وعناء ومشقة ، فقد ولدا الإثنين في الزقازيق ، وأصيب بنفس المرض من نفس الترعة في بلديهما ، لذلك كان مصمم على تجسيد شخصية حليم .

‎أثناء مرضه ، وتدهور صحته ، وفي الثلاثة أشهر الذي كان طريحا للفراش بسبب المرض، استقبل الفنان الراحل مليون رسالة اطمئنان ، وقد اشتملت على الكثير من الدعوات ، ووصفات العلاج الطبيعي للشفاء ، وتسلم 3250 طردا من جميع أنحاء العالم ، يحمل بعضها “حبة البركة ” والبعض الآخر أعشابا طبية من الصين والسودان ، والبعض مياه زمزم من السعودية ، وغذاء ملكات النحل ، إضافة إلى المصاحف والسبح والخرزة الزرقاء لتحميه من الحسد ، ولكن كل ذلك لم يعد يفيد فقد كان الإمبراطور يستعد للرحيل ، حيث صرح دكتوره الخاص ، أن الفنان تكلم مع ملك الموت أمامه في مشهد تمثيلي ، وطلب منه أن يقوم بتجهيز صوان العزاء ، ومن ثم يعود إليه ، حيث كان مصابا بسرطان الرئة شراهته في التدخين .
‎وفي 27مارس 2005 ، رحل الإمبراطور ، رحل وترك لنا ميراثا من الفن نورثه للأجيال القادمة ، وندرسه لهم ، رحل ولكنه مازال هنا بأعماله القيمة ، رحل وأسدلت الستار باللون الأسود معلنة عن رحيل النمر بعد حياة حافلة بكل الألوان ، حيث قبل وفاته تبرع بأجره في فيلم العندليب لشاب كان يعاني من نفس مرضه ، ودفع نفقات عمرة ثلاث موظفين في المستشفى ، رحل وترك لنا مكانا خاليا في السينما لن يستطيع أحد الوقوف مكانه ، ورحل ولكنه ما زال هنا .

إقرأ أيضا  إعلان ” ريري” والفرق بين الزمنين


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock