شعر وحكاياتعام

قراءة في ديوان أبي ديوان

قراءة في ديوان أبي ديوان
كتب عمرو الزيات 
للشاعر المبدع د.( السيد خلف أبو ديوان) رائد مدرسة الجن ديوان في الغزل السياسي بعنوان ( أعراف ) يمثل عالمه الشعري الإبداعي ، وتظهر من خلال الديوان شخصية شاعرنا المميزة بكل ما تملك من : موهبة فذة وفريدة من نوعها ؛ تلك الموهبة القادرة على ركوب جميع البحور الخليلية لاسيما المهجور والصعب منها ، ومقدرة لا نظير لها على التجديد في المعاني والصور ، وتوسع في الدلالات .

شاعرنا عاشق حتى النخاع لوطنه ؛ فهي ليلاه التي يهيم بها عشقا ، يعاني ألم البعد عن حبيبته ؛ رغم أنه يعيش فيها بل تعيش فيه ، أو كلاهما يذوب في الآخر ، ويصعب فصلهما ، وحين يكون الغزل بطعم السياسة ، وتكون السياسة غزلا رقيقا في الوطن مصر ، تجد شاعرنا يحلق بك في سماءات رحبة من عالمه الشعري الساحر ، يبهرك شعره وزنا وقافية وأسلوبا وخيالا ؛ فشاعرنا يشاركك ، أو بالأحرى تشاركه أحلامه ، وطموحاته الجامحة ، ومعاناته ؛ فتعود من تلك الرحلة راضيا مرضيا ، قد امتلأت نفسك حتى الكظة من هذه الوجبة الفنية البديعة .
بداية تلك الرحلة حين يصحبك الشاعر المبدع إلي عالمه الشعري معرفا بنفسه :
دموعي
حين أسكبها
تكفن
آخر الموتى
أصابعها
بتوديعي
ستزرع جنتي 
صمتا
لسان الحال :
من أنت ؟
أنا رجل 
يغني الحب
قافية
ولا صوت
لكن شاعرنا يحمل حبا لوطنه ممزوجا بمعاناة يعاني ألمها وحده ، كأنه كل أبناء الوطن فيتساءل :
أتمضي
في رداء الحزن
تذكر وجهها 
وحدك؟
وبسمتها
التي كانت
تعانق في اللقا
شهدك؟
وكلما زادت المعاناة زاد العشق للمحبوبة :
أحبك
هكذا أحيا
بدون الماء 
والصبار
لماذا
يسكر القبطان
فوق
دفاتر الأشعار
ومن
في شاطئ النسيان
لم يسأم
من التذكار
ولم يسمع
نداء الموج
غير
بشاعة الأحجار
كل هذا الحب الذي يحمله الشاعر أتراه راضيا عنه ؟ لا يقنع الشاعر بكل هذا ، ويرى محبوبته تستحق أكثر من ذلك :
لأن حبيبتي 
ولدت
معمدة 
على الكوثر
سقاها الرب
من عسل
يقبل
وجهها الأنضر
فأقسم
يوسف الصديق
حين رآك
أن يسكر
ثم يزداد الحب لهيبا ؛ فيرى الشاعر نفسه أصبح شهيدا لهذا الحب وتلك المحبوبة ، وهو يعيش حالة مغايرة للبشر ، وتلك طبيعة العظماء من الشعراء :
أنا المقتول
ماجدوى
رجوع السيف
للغمد
أعيش طبيعة
أخرى
أعود
كعودة المهدي
أطوف
مدينتي السكرى
أعاني
ظلمها وحدي
ولعلك أيها القارئ تسأل : لكن لماذا كل هذا الحب ؛ فيجيب شاعرنا :
هي الأنثى
ولكن …ليست
امرأة
كما النسوان
حياء جفونها
سحر
ونبض عيونها
إنسان
لكفيها
يصلي الأرز
صوفيا
على لبنان
يتوه
كتاب أزمنتي
وأمسي الآن
هي امرأة
وليست
كالنساء
تحيض
لها قلبان
من عسل ،
وخمر
يعجزان قريض …
وسكر ثغرها
يشفي
جنون اليأس
والتبعيض …
تمارضنا
فما بخلت
سلافا
والزمان مريض

تلك قراءة سريعة في ديوان ( أعراف ) ، ونحسب أننا لم نحط بالقليل من آيات الإعجاز الشعري به ؛ فهو جد غني ، ولا يحاط به إلا في بحوث مفصلة ، حاولنا من خلالها الدخول إلي عالم أبي ديوان الشعري ؛ فطوف بنا الشاعر عوالم رحبة من الإبداع ، أثبت من خلاله أن العربية مازال الخير فيها ، وأن الشعر العربي لا خوف عليه بعد اليوم ، وأن الرائد السلطان السيد خلف أبا ديوان رائد مدرسة الجن ومعه مردة المدرسة : ولي العهد الركن الركين الشاعر المبدع دكتور محمد ناجي ، والسفير على أحمد ، وغيرهم كثير قادرون على إعادة القارئ إلي حظيرة الشعر الخليلي ، تلك الجماعة التي عرفت باسم ( مدرسة الجن ) لقد أصبح الاتجاه معروفا لدي كثير من النقاد والشعراء والدارسين بأنه الاتجاه الذي يكتب شعرا على كل بحور الشعر العربي ، لا سيما المهجور منها ، ولسوف يذكر التاريخ هؤلاء الشعراء بأنهم أخلصوا للشعر ، فأصبح صعبه سهلا وطيعا ، وكلنا أمل أن يصبح هذا الاتجاه راسخا مسيطرا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock