صحتك بالدنياعام
الإدمان العاطفي
كتبت /
نوارة عبد الفتاح
هل تبدو هذه الكلمة غريبة (الإدمان العاطفي)؟
بالتأكيد، فهي مصطلح غريب على الأذن، ولكنه حقيقي إلى درجة كبيرة، فـ إدمان الحب أو الرغبة الزائدة في الشعور بالحب طيلة الوقت، تصرف شائع جدا من الممكن أن نقع فيه جميعا، وهو يعني بشكل أوسع إدمان إقامة العلاقات العاطفية بحثا عن الحب والرومانسية بكل الطرق، أو الاستمرار في بعض العلاقات السلبية احيانا بحجة أننا لا نستطيع التخلي أو الاستغناء عن هذا الشخص.
وعكس الشائع وما يتم ترويجه، فإن الإدمان العاطفي من الممكن أن يكون له الكثير من الآثار السلبية الخطيرة على الحياة الاجتماعية والصحة النفسية للأشخاص، كأن يمنعك من إقامة العلاقات الصحية الناجحة أو العثور على الحب الحقيقي، الذي ستكمل حياتك معه بشكل مستقر.
ولعل فهم هذا النوع من الإدمان والإلمام به يساعد في اتخاذ خطوات ملموسة لتغير الطريقة التي تتفاعل بها مع العلاقات فـ تمضي قدما في حياتك بشكل متوازن وأكثر صحة.
إذن ما هو الإدمان العاطفي؟
الإدمان العاطفي هو إدمان الاعتياد على وجود المشاعر الرومانسية والكلمات الجميلة اللطيفة والسلوكيات الرومانسية المرتبطة بالحب والعلاقات العاطفية بالدرجة الأولى، هذا الوجود هو ما يسبب الارتياح والسعادة القصوى أثناء العلاقة والتي لا يمكن الوصول إليها بأي من التصرفات الأخرى الأكثر اعتدالا ونضجا.
والحقيقة أننا لا نستطيع إنكار أهمية هذه الممارسات والاحتياج الطبيعي لها، ولكن مطاردة هذه المشاعر بطريقة مستمرة والاعتماد عليها وحدها في العلاقات العاطفية، دائما ما يسبب عدم الاستقرار.
ويشمل الإدمان العاطفي أيضا مفهوما آخر، وهو أن يتعلق الإنسان بشخص واحد ويصبح مدمنا له، أو بمعنى آخر أن الحياة تصبح متوقفة كليا على هذا الشخص، فهو يستمد منه سعادته، وهدفه الدائم في الحياة هو الاستمرار بجانب هذا الشريك مهما كلفه الأمر، هنا نجد ان هذا الشخص قد تحول من مجرد شريك إلى محور الكون بالنسبة للآخر، مما يسبب الهزات العاطفية العنيفة التي يصاب بها الشخص ما أن أختفي هذا الشريك الذي علق عليه كل آماله.
للمزيد
هذا النوع من العلاقات (المرضية) يسبب ضررا بالغا لمن يمارسه، لأنه يمنعه من الحياة ومن فرصة إقامة علاقة سوية متوازنة يتم فيها تبادل المشاعر والاهتمام.
كيف تغير موقفك وسلوكياتك تجاه الآخر؟
حقيقة أنه وبمجرد أن تفهم ما هو الإدمان العاطفي؛ سوف تتغير طرق تفكيرك وسلوكياتك التي تسبب لك هذا الهوس، و سـ تعطي نفسك لحظات تتوقف خلالها لتدرك ما إذا كانت طريقتك في التعامل مع الشريك صحية وصحيحة، أم أنها بدأت تدخل منحنى الخطر.
وهذه اللحظات دائما ما تكون فارقة جدا في علاقتك مع الآخر، بل ستنعكس عليك بشكل أكثر إيجابية لتكون أكثر سعادة واستقرارا، غير أنها ستساعدك على اكتشاف نفسك من جديد مما يتيح لك رؤية واضحة للحياة فـ تتصرف بشكل متوازن غير ضار لك ولـ شريكك ولـ علاقاتك بشكل عام.
للمزيد
ولحظات التوقف والتقاط الأنفاس كما نسميها ليست فرصة لإصلاح العلاقة العاطفية فقط إنما أيضا فرصة سانحة لاكتشاف نفسك عن قرب مما يساعدك على التخلي التام عن تلك الممارسات المؤذية، التي توحي لك طوال الوقت أنك غير قادر على الحياة بمفردك وأنك دائما بحاجة ماسة إلى شريك، سـ تعلمك أنك من الممكن أن تعيش وحيدا و سعيدا في نفس الوقت، وأن سعادتك الشخصية لا يجب أن تتوقف على أحد، فطبيعة الحياة أنها لا تتوقف على آخر تنهار انت لـ عدم وجوده ، بل وتعزز فيك مدى سلبية العلاقات العاطفية العشوائية التي تدمر سلامك النفسي وطاقتك الروحية دون داع.
أعلم جيدا وأنا أكتب لك هذه الكلمات أن تغيير المواقف ليس سهلا بـ هذه الطريقة التي أعرضها عليك ولكن تأكد عزيزي القارئ أنك مجرد أن تتوقف للحظات كما اخبرتك وتأخذ قرارك بالتغير سيكون كل شيء اسهل بكثير مما تظن.
فإذا كنت أسيرا لإحدى العلاقات الفاشلة أو تسعى دائما للبدء في علاقة جديدة في أوقات متقاربة، اتخذ قرارك وتوقف الآن عن كل هذا، ولعل قضاء وقتا أطول مع الأصدقاء والعائلة وممارسة الأنشطة التي تعزز قيم الاهتمام والحب فيما بينكم كفيلة بأن تساعدك في التخلص أو على الأقل تخفف من حدة الإدمان العاطفي لديك.
الحصول على مساعدة المختصين:
وأخيرا إذا كنت تعاني من هذا النوع من الإدمان ولا تستطيع مساعدة نفسك، قد تحتاج إلى زيارة المختص لـ يساعدك في التحكم في معتقداتك وأفكارك حتى تستطيع الحياة بشكل صحي متوازن.
رئيسه قسم صحتك بالدنيا /
نهى على