أخبار وفنعام

الممر بين تاريخ وحاضر






الممر بين تاريخ وحاضر






بقلم نشوى الحوفي 
لا زلنا نحيا في الممر الذي علينا العبور فيه من مواجهات فرضتها علينا السياسة العالمية والجغرافيا الإقليمية. تماماً كحال فرقة الصاعقة التي جسدت إحدى عمليات المواجهة مع العدو الاسرائيلي في مرحلة حرب الاستنزاف في الفيلم الرائع الذي حمل اسم”الممر”. وبين تاريخ علينا اعادة انتاجه لأجيال فرضوا عليها التغييب و التغريب و ساعدناهم في ذلك، وبين حاضر نواجه فيه الحروب وان اختلفت ملامحها… نتوقف.
نعم كانت هزيمة 5 يونيو 1967 قاسية بكل ما تحمله الكلمة من معاني. تجمعت فيها خيانة قوى الإقليم و الكتلتين الغربية و الشرقية لمصالح جمعتهم وإن اختلفت ملامحها، وخُنا فيها من قبلهم أنفسنا حينما لم ندرك أبعاد المؤامرة و لم ندرس مستقبل الخيارات. وكانت النتيجة احتلال سيناء كاملة والجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية، وفقدان الجيش المصري لنحو 80% من قوته العسكرية وهيبته. كانت هزيمة قاسية ولكنها أبداً لم تكن نهاية المطاف…مجرد معركة في حرب لم ولن تنتهي بعد. نعم… لم تنتهي فلا تزال مستمرة.
من هنا كانت بداية احداث فيلم الممر الذي سلط الضوء بعبارات ومشاهد سريعة على اكثر من جزئية فهناك تخطيط سيء وغياب تدريب و كفاءات، وهناك عدو يدرس ويخطط و يصل في حد استهانته بنا الى استخدام نفس خطة حرب العدوان الثلاثي عام 1956 لأننا لا نتعلم ولا نتذكر، وهناك مظلة دولية تلعب نفس لعبتها المستمرة المتضاربة بين تصريحات لا يجب الاعتماد عليها و مواقف هو ما يجب دراسته. وهناك شعب متذمر ناقم مستعد للسخرية حتى من ذاته دون إدراك لأبعاد الموقف حتى ولو آذى وسخر من جيشه الذي هو لحمه ودمه. تلك الكتلة التي تمثل لمصر الأمان على مدار سنوات التاريخ فهم منا نحن المصريين، من باعوا الدنيا و اشتروا الشرف و أعينهم على الآخرة حتى ولو لم يشعر أحد بفعلهم وبما ضحوا به. وتلك هي سمة الأرض المبارك شعبها والموصوفة بالأمان منذ قديم الأزل… جيشها الذي هو خير أجناد الأرض.
الممر بين تاريخ وحاضر
لم يقع فيلم الممر في أزمة تسطيح وتسفيه العدو بل على العكس كان العدو شرساً، وتلك ميزة لم تتوافر فيما سبق من اعمال جسدت الصراع المصري الاسرائيلي. ليخرج الفيلم وهو يعبر عن الفارق بيننا وبينهم رغم شراسة الاخر، لدينا عقيدة قتالية ندرك من خلالها ما ندافع عنه بينما هم مدفوعون بعقيدة متطرفة الفهم للدين يملؤها الغل وفي هذا لا يختلفون شيئاً عن اخوان او سلفيين او ملالي ايران أو القاعدة أو داعش…كلهم صهيون. 
جاء توقيت الفيلم في شهر يونيو ذكرى يونيو 1967 ونحن نخوض حرباً مختلفة في سيناء مقر الصراع الأبدي بيننا وبينهم. ليدرك الجيل الذي لم يعش الحرب ولا ظروفها أننا وإن كنا هُزمنا فإننا لم ننتكس ولم ننكسر بل عدنا في خلال أيام لنقف ونعيد بناء قواتنا ومن قبلها استغلال أغلى ما نملك… الفرد المقاتل في المؤسسة العسكرية. فكانت رأس العش يوم 1 يوليو 1967 وكان تدمير ايلات في مياه بورسعيد وقتل 100 ممن عليها واصابة 99 اخرين يوم 21 أكتوبر 1967 وغيرها الكثير من العمليات. أرادوا أن تكون يونيو 1967 نهاية حربهم معنا فجعلناها وبالا عليهم واستعدنا كرامتنا وهيبتنا على مدار ست سنوات توجناها بنصر اكتوبر 1973. 
ولكن لم تنته الحرب بعد…بل هي مستمرة في عالم تشتد فيه ملفات الصراع…حدودنا الاستراتيجية في سوريا و السودان وليبيا و باب المندب، الغاز، حمايتنا لأمن الدول العربية، أمننا القومي بين اقتصاد و تعليم وانتاج، وعي شعبنا والتلاعب به….وغيرها من ملفات تؤكد استمرار الصراع واحتياجنا لآلاف الممرات.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock