مقالات

تأملات في قطار الحياة

مظاهر الزيف

بقلم / ميرفت مهران 

2020/1/12

المتأمل في هذه المحطة من قطار الحياة يرى قبح الزيف الذي نعيشه في كل أوجه الحياة فقد أصبحت الابتسامات مزيفة ويسمونها(،مجاملة) حتى بعض الناس الذين يظهرون لك الاهتمام يكون في الغالب اهتماما مزيفا.

والحقيقة الجلية التي لمستها في هذه المحطة أن معظم الناس ظاهرهم لا يعبر عما بداخلهم فكل ما نراه على الوجوه مختلفا تماما عما تخفيه القلوب فبعض الناس فيها يظهرون لك الحب لكنك سرعان ماتكتشف أنه حب مزيف وربما يصل لدرجة الكره فهناك شيئ على السطح و هناك شيئ آخر في الأعماق
ووجدت نفسي في هذه المحطة ابتسم في حيرة وأخفي وراء ابتسامتي نهرا من الدموع فربما ابتسامتي كانت حتى لاانفجر في البكاء أمام الآخرين فنحن في أغلب الأحوال لأ نخدع الآخرين ولكننا نخدع أنفسنا الهشة حين ننظر لها بأعين الآخرين


ووسط هذا الزيف أصبحت القدوة غائبة في هذه المحطة فالكذب يقتلعنا من جذورنا ومعظم العلاقات مزيفة بمشاعر غير حقيقية تعكس الواقع القاسي الذي نعيشه بلا قيمة ولا قدوة فالأم والأب لم يقدما لأبنائهم القدوة عند التربية فكيف يأمر الأب ابنه بحسن معاملة الجار وهو يسيئ للجيران وكيف يطلب منه عدم التدخين وهو مدخن شره وكيف يصدقه الابن حين يعدد له مضار التدخين ويصبح الأبناء فريسة سهلة لكل مثل براق مزيف وأغلبهم يتخذون قدوتهم من الرياضيين والفنانين ربما للشهرة وكثرة المال وإذا تأزمت أفكارهم فلا بأس أن يصنع الابن قدوته من بطل أحد الروايات أو أفلام الكرتون أو لعبة يلعبها ويكون فيها نهايته.


وأكبر مظاهر الزيف والانحراف عن الفطرة السليمة في محطتنا أن المعلم والمربي في المدرسة لم يعد قدوة لتلاميذه فكيف يدعوهم للتمسك بالخلق الحسن ويحثهم على الصدق واحترام العمل وهو يفعل عكس ذلك بل ويستنزف أموالهم في الدروس الخصوصية ولايعطيهم حقهم في التعلم داخل المدرسة
وكيف نطلب من أبنائنا الابتعاد عن العنف وهم يرون العنف يمارس في كل مكان بل ويعرض على شاشات التلفاز والسينما ويصور البطل على أنه بطل خارق ينتصر في النهاية


والأكثر زيفا في حياتنا أن نجد ممثلا يقوم بأدوار تدعو للخير والفضيلة وهو لا يفعل ذلك في حياته الخاصة،وغيرهؤلاء الكثير ممن يسمونهم أيقونات يزخر بهم المجتمع وللأسف بريقهم يخدع الناس ،أي مصير سنصل إليه بعد أن تركنا أبناءنا لهؤلاء المزيفين وتركنا شخصيات حقيقية نستطيع أن نجعلها قدوة لهم مثل “،فاروق الباز مجدي يعقوب الشيخ الشعراوي المهندس هاني عازر” وغيرهم الكثير من العباقرة في مجالات مختلفة،وكيف يكون ذلك ونحن نعيش عالما مزيفا يشوه ويطمس كل مهم وعظيم والمؤسف حقا في هذه المحطة من قطار الحياة انك تجد بعضا من رجال الدين مزيفين يكذبون على الناس ويتصدرون كل مشهد وكل موقف يمارسون الزيف بكل أمن وسلام نفسي فتجدهم يدعون الناس إلى تجنب الحرام وأكل الحلال والتمسك بالفضيلة وهم غارقون في الحرام والنصب على الناس والبعد عن كل خلق كريم.


فكيف يكون المجتمع إذا كان قدوته مزيفين ،؟هل يقبلهم بزيفهم؟
وأقول لكم أن المجتمع هو القادر على تقبلهم أو رفضهم فالقرار قراره في ظل غياب إعلام حقيقي يساهم في بناء المجتمع على الحقيقة ومواجهة كل ماهو مزيف وليس نشره والترويج له ليصبح عاملا أساسيا لبنية الجهل في المجتمع بدلا من أن يكون شعاع نور يرشد الناس للحق والصدق .


وإذا كان هذا حالنا في هذه المحطة من قطار الحياة فعلينا جميعا أن نعلم أن الحياة معركة لابد أن نعيشها بصدق دون تزييف وندرك أن ما نشاهده في الحياة لا يبقى وأن الحياة تتغير بنا حين نرفض الزيف ونتمسك بالقدوة وتبقى القيمة والقيم التي نعيش عليها هي الخالدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock