شعر وحكايات

قصة قصيرة “الأحد الماطر ” بقلم الكاتبة نسرين بدور

ذات صباح بارد كان الطقس فيه غائماً

والسماءُ ملبدةً توحي بالمطر

رغم هذا الجو العاصف العصافير تغرد لتوقظ الناس

عوضاً عن شروقٍ ذهبي يلون الصباح

لكن ماذا عن أحلامٍ مضيئة تشعُ مع بزوغ الضوء

في هذا التوقيت تستيقظُ طفلتان جميلتان

للذهاب إلى المدرسة سيرين ونورسين

تعيشان في بيت صغير يملؤه الحبُّ والأمل.

-اليوم هو يوم الأحد

تبدأ أم نورسين بجملتها صباحُ الواحد الأحد

فلا أحد يأتي لينشلنا من حال الضيق

لحال الانفراج العام كرمى صغارنا…

-الصغيرة سيرين تهمس أمي كم الساعة الآن

-الأم اعتقد السابعة صباحاً والشمس لم تشرق بعد

-نورسين أمي إذاً نحن لسنا في الصباح

بعد أن نظرت إلى النافذة وشاهدت البدر المكتمل متربعاً في عرش السماء.

-أم نورسين نعم يا ابنتي نحن في الصباح لكن هناك خطأ ما في التوقيت

-تضحكُ نورسين قائلة حتى الساعة تخطيء يا أمي؟

تقولُ الأم لا يا ابنتي الساعة بقيت على حالها

لكن يبدو أنّ البطارية ضعيفة

-الصغيرة سيرين أمي لاتقلقي عندما يعود أبي

سيحضرُ لكِ واحدة جديدة.

يجولُ في رأس الأم الجواب الحقيقي

تريدُ أن تفهم طفلتيها

لكن لايمكنها القول بأن هناك مسؤول أخطأ لأن نورسين

ستقول أمي الكبار لا يخطئون

وعند طرح الأسئلة يا ابنتي الكبار يكذبون…

لذلك علينا تحصينُ عالم الأطفال

كي لا يموت! المستقبل وتبقى الأحلامُ مستيقظة…

-جهزت الأم طفلتيها للذهابِ إلى المدرسة

فتحت باب المنزل ثم امسكت نورسين باليد اليمنى

وسيرين باليد اليسرى…

وفي الطريق تذكرت نورسين والدها الحبيب

الكائن على حدودِ أرضنا الحبيية دفاعاً عن الوطن…

-نورسين تقول أمي لو كان أبي هنا لبقيتي في المنزل.

-تبتسم الأم قائلة لاعليكِ ياابنتي سأعود وأكمل عملي

سأعد لكِ أيضاً طعاماً شهياً عند عودتكِ واختكِ من المدرسة.

-لاحظت الأم أن الحركة مشلولة في الشوارع

أين السيارات والحافلات ؟

أين الناس؟… هناك امرأة وطفلة أمامنا…

-تنادي سيرين أمي هذه صديقتي سارة…

فجأة هطل المطر بغزارة

فتحت الأم مظلتها دون فائدة

-والدة سارة تقول اسرعوا الشوارع تمتلئ بالمطر

للأسف في المساء لم تأتي الكهرباء

لنعرف ماهو حال الطقس

-تبتسم أم نورسين قائلة ولا جوال لنتابع الأخبار

لنعرف كم الساعة على الأقل…

-تقول نورسين اليوم هو يوم الأحد يا أمي

وأنت قلتي الأحد لا يأتي كما نشاء.؟.

والدليل على ذلك المطر الذي بلل ملابسنا

على الله حماية الصغار من المطرِ والرياح والبرد

-تقول سيرين وعند الرعد نخاف يا أمي

-أم نورسين ها قد وصلنا لا تخافوا يا صغار….

المدرسة باردة وكئيبة ومظلمة

لا تدفئة لا إنارة والوجوه شاحبة

الكادر التدريسي في الإدارة

تبدأ المديرة بشرحٍ مفصلٍ دون الوصول لحل…

ما يحزننا أن الأطفال لا تستحق العيش

وسط هذه الأزمةِ الخانقة والمعيشة الصعبة

أضف إلى ذلك شح مواردِ الطاقة

والقرارات المجحفة بحقنا كأخر قرار خاطئ

حيث تم تثبيت التوقيت الصيفي في بلدي فأصبح الطفلُ مفروضاً عليه الذهاب إلى المدرسةِ في الصباح الباكر قبل أن يودعنا ظلام ذلك الليل

وقبل قدوم أول خيطٍ لنهارنا الجديد

وهذا حال جميع المدرسين والموظفين في البلد

في هذه اللحظة شاح نظري نحو احدى

نوافذ المدرسة المكسور زجاجها

والذي يتسربُ من خلالها ذلك الهواء البارد

هل يعقل أن يلفحَ وجوه أطفالنا الصغار ربما…

وهناك أمور تستحقُ أن يُسليط عليها الضوء

كي ينعم أطفالنا بحقوقهم البسيطة

هناك صوت من الخارج ينادي هيا تعالوا

اوقدت الحطب للدفء

هو أذن المدرسة ذلك الرجل الخمسيني الطيب

اجتمع الجميعُ حول النار فكانت حرارة القلوب

أقوى من حرارةِ النار…

هنا توققت العاصفة وظهرت الشمس الخجولة

على صوتِ ذلك الرجل الطيب الذي امتعنا بصوتهِ العذب

واحزننا بكلامهِ عن الحصارِ المميت

الذي أحاط بالشعبِ المسكين.

للأسف لا جرص يقرع ولا صوت يسمع

لكن نورسين راحت تغني رن الجرس حان الدرس اسمعوه اسمعوه صوتهُ جميلٌ ماله مثيل دي دان دو

انتشر المعلمون إلى صفوفهم لغرسِ بذورِ العلم.

-ذهبت نورسين للصفِ الثاني مع بعض رفيقاتها

-وسيرين للصفِ الأول مع ملاحظة تغيب الكثير من الأطفال ربما بسبب رداءةِ الطقس والبرد

وربما قد تأخروا وسوف يأتون بعد قليل…؟

ليكون درس يومنا هذا الأحد الماطر

على أمل قدوم الأحد الساحر.

-وهكذا عادت أم سارة وأم نورسين أدراجهن

وسط هذه العاصفة المخيفة

وطيلة الطريق تحدثن عن المعاناة المعاشة

ليت الله يمطرُ علينا حلولاً تشمل عدة أصعدة لعلنا نرتاح كما كنا في سابق عهدنا فالزمن الجميل ولّى…

والقادم أصعب فكيف سيكون درب المستقبل المفتوح أمام صغارنا الله أعلم.

نسرين بدور

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock