مقالات

نافذة جديدة للحرية

الصحافة هي أطول وسائل الاعلام عمراً

بقلم : محمود درويش

وفق الترتيب التاريخي.. وحسب الأقدمية المطلقة، تعتبر الصحافة الآن هى أطول وسائل الإعلام عمراً، وأكثرها عراقة وقدماً.. فقد كانت الصحيفة هى أول ماظهر على وجه الأرض كوسيلة لمخاطبة جمع كبير من الناس، وتلي الصحافة ظهور الإذاعة، التى استخدمت تقنيات جديدة تماماً، وكانت -فى حد ذاتها- تمثل انقلاباً على إيقاع الصحيفة، وأسلوبها، وطريقتها في التواصل مع الناس ، ،

وقيل وقتها أن الإذاعة سوف تحيل الصحف والمجلات إلى التقاعد ، وهو مالم يحدث حتى الآن على الأقل ، ولأكثر من سبب ، منها أن الصحافة تمكنت من تطوير نفسها ، وواكبت التحديات الكبيرة ، التي واجهتها ، واستطاعت أن تقدم ما يعينها ، ويساعدها على أن تحافظ على قارئها ، بل وكونت نوعاً جديداً من الجمهور ، ظل مرتبطا بها، حتى مع ظهور التليفزيون، الذي كان مرحلة أكثر تطورا بعد الإذاعة، وقتها بات التحدى أمام الصحافة، أكبر مما كان عليه بظهور الإذاعة، فقد باتت هناك صورة – أصبحت فيما بعد ملونة- وزاد على ذلك سرعة نقل الحدث، بل وعلى الهواء مباشرة، إلى جانب ما وفرته الأقمار الصناعية، التي جعلت الدنيا أكثر قرباً، وأكثر سرعة، وربما فى متناول اليد،

ولم يخطىء عالم الإعلام الأشهر “مارشال ماكلوهان” حين وصف الكرة الأرضية بأنها صارت مثل “قرية كونية صغيرة”، وأظن لو أن الرجل كان لازال بيننا إلى اليوم لغير رأيه تماماً بعد أن ظهر”الانترنت” .. شبكة المعلومات العالمية ، التي لم يعد على وجه الكرة الأرضية بلد واحد لا يعرف عنها شيئا ، أو على الأقل يتعامل معها..

ومنذ أن كانت البداية فى منتصف الستينيات ، وصلنا الآن بعد مايقرب من أربعين عاماً إلى وضع شديد الإبهار، فهناك ملايين من المواقع، وملايين من الخدمات، ومليارات من المستخدمين، وقدر هائل من المعلومات التي ليس بإمكان أحد أن يحصيها، أو يعرف مداها، وعلى عكس ماجرى مع كل وسائل الإعلام الأخرى..
أقول على مسئوليتى الشخصية أن الصحافة دخلت بالفعل مرحلة الخطر، والسبب “الانترنت”، ولن يكون حدود وأثر الخطر عند مجرد تراجع مبيعات الصحف والمجلات، وإنصراف القارىء عنها، ولكن – وقلتها أكثر من مرة من قبل :
أن الصحافة تواجه مصير الانقراض فى غضون الخمسين عاماً القادمة، وربما أقل بكل أسف ، وستصبح الصحافة صحافة إلكترونية من خلال الشبكة العنكبوتية أو”الانترنت”، ولن يمسك وقتها أى أحد بالجريدة التقليدية فى يده، لأن هذا سيكون هو إيقاع العصر، وهو مابدأت ملامحه في الظهور بالفعل منذ سنوات، فهناك- بالفعل- أجيال كاملة من الشباب باتت تعتمد اعتمادا كليا على “الانترنت”، فى كل الأشياء، وفى كل وقت، فهو قادر على التواصل مع الناس، والحصول على الأخبار، ومعرفة كل ما يجرى فى العالم كله لحظة بلحظة، ولم تعد هناك وسيلة أسرع من “الإنترنت” في نقل الأخبار والمعلومات.

ويمكن أن نشعر بذلك –وأكثر- فى مواقع الرياضة، وبالأخص كرة القدم..ناس تتواصل كل الوقت.. وهم بالملايين، وهناك أخبار تتواتر فى كل لحظة ..وهى لاتتوقف أبداً، وهناك معلومات هائلة يتناقلها المستخدمون ، يتبادلونها فى نفس اللحظة، وهو ما لا يتوافر لأي وسيلة أخرى.

إلى جانب هذا وذاك ، وهو الأهم.. هو التواصل، والحميمية، وردود الفعل الفورية التى يعيشها كل من يستخدم هذه الوسيلة..
ولكل هذا كنت أرى، أن ظهور موقع جديد على الإنترنت، وخاصة لو كان من المواقع الرياضية، هو حدث مهم وكبير، ومن المهم التوقف أمامه كثيراً، والاهتمام به أكثر، فهذا الموقع مثل ظهور الجريدة، وظهور الجريدة يعني، نافذة حرية تنفتح أمام الناس ..باب للعبور إلى آفاق أرحب..

وسيلة متحضرة للتواصل ونشر الثقافة الراقية، ومحاربة محاولات العودة للوراء، والوقوع في مناطق الصراع التافهة، والوهمية التى انشغلت بها الصحف كثيراً، ولم يعد من السهل البعد عنها ، أو التخلص منها.

إن ظهور موقع رياضي جديد على الإنترنت هو بمثابة يوم عيد بالنسبة لي، ويصبح العيد جالباً للسعادة الغامرة، والفرحة الطاغية، عندما يكون وسيلة للاستنارة، والارتقاء بذوق الناس، وصنع التقارب بينهم.. .
هذا الموقع وأي موقع يعمل بشفافية ودقة هو بمثابة نافذة جديدة إلى الحرية

محمود درويش

إقرأ المزيد  تجارة وتُجّار مع بلازما الدم

درة الصحافة التى هزت عرش المقال المصري

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock