أدم وحواءعام

عقد زواج المسيار ما بين الشرع و القانون

عقد زواج المسيار ما بين الشرع و القانون



كتب بشار الحريري :


ما هذا الزواج ؟ هل هو عقد زواج صحيح شرعا و قانونا ام لا ؟ و ما هي الأثار التي تترتب على هذا الزواج ؟ 
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن هذا الزواج وقد كثر ودرج بكثرة في دول الخليج العربي وخاصة السعودية وقبل أن نتحدث عن هذا الزواج وتعريفه لا بد لنا أن نتعرف على ما هو عقد الزواج الشرعي و على أركان وشروط عقد الزواج الشرعي ومن ثم نتحدث عن ما سمي بزواج المسيار لنرى فيما إذا كان زواج المسيار عقد زواج صحيح أم غير ذلك .

تعريف عقد الزواج :
أولاً : تعريف الزواج:
1- الزواج لغة : هو الاقتران .


2 – اصطلاحاً: هو عقد يفيد حق استمتاع الزوجين بعضهما ببعض على الوجه المشروع ويجعل لكل منها حقوقاً وواجبات تجاه الأخر.

3 – قانوناً : عرف قانون الأحوال الشخصية السوري الزواج في مادته الأولى بـــ : (( الزواج عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل.)).

نجد من التعاريف السابقة الذكر (( لغة واصطلاحاً وقانوناً )) : إن الزواج عبارة عن عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً لا يحتاج الأمر فيه إلى طقوس دينية ومنه ما هو عليه الشرع الإسلامي ولا أن يتم أمام رجل دين معين ، مأذون بإجراء عقد الزواج لأن الزواج في الشريعة الإسلامية هو عقد كبقية العقود له صفته المدنية فمتى توافرت أركانه وشروطه التامة سواء أكان العقد في البيت أم في المسجد، فهو عقد صحيح يستلزم أثاره الشرعية . أيضاَ نجد أن عقد الزواج هذا شرع ليكون عقداً أبدياً غير قابل للتوقيت فأي توقيت فيه يفسده .

فلا يجوز شرعاً أن يشترط أحد الزوجين في العقد مدة زمنية محددة له صراحة أو ضمناً لأنه في هذه الحالة العقد غير صحيح لأن الأصل فيه ألا يكون مؤقتاً وبالتالي فإن الطلاق ما هو إلا حالة طارئة على هذا العقد وليس بشرط أساسي فيه.

ثانيا – أركان وشروط عقد الزواج :


إن الله عز وجل لما شرع النكاح، جعل له أركانا وشروطا لصحته، فلا يصح النكاح إلا إذا كان مشتملا على هذه الأركان، و متحققة فيه هذه الشروط.

1- أركان عقد الزواج : هذه الأركان هي:


ًأ – خلو الزوجين من الموانع ، بمعنى أن لا تكون المرأة محرمة على الخاطب لأنها من محارمه، او ذات زوج أو معتدة من طلاق زوج آخر، أو محرمة عليه بالرضاع، أو أن بعصمة الزوج من لا يصح له الجمع بينها وبين مخطوبته، كأن تكون أختها أو خالتها أو عمتها، لان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، ولأن الله تعالى قال في معرض الحديث عن المحرمات من النساء «وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف»

ًب – ركن الإيجاب، وهو من ولي المرأة .

ج – ركن القبول : وهو من الزوج.

ومن عقد على امرأة مع اختلال ركن من هذه الأركان، فنكاحه باطل، ويفرق بينه وبين المرأة في الحال، ويجب استبراء رحم هذه المرأة قبل أن تتزوج غيره، ويكون الاستبراء بحصول حيضة، إن كانت ممن يحضن.

2 – شروط عقد الزواج : هذا عن أركان النكاح، أما عن شروطه فهي أربعة:

1ًً – تعيين الزوجين، بأن تتميز المرأة المخطوبة عن غيرها، وذلك بأن يذكر اسمها أو صفتها، أو إن لم يكن للأب غيرها من البنات، بأن يقول خطبت ابنتك. وكذلك في حق الرجل، لا بد من تمييزه عن غيره، بحيث تعرف المرأة هذا الخاطب محددا وحقيقة.

2ًًً – رضا الزوجين، فلا يجوز أن تجبر المرأة على الزواج بمن لا تريده، وكذلك الرجل، لا يجبر على الزواج ممن لا يريد. وفي حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تنكح الأيم، أي الثيب، حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن». رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وروى ابو داوود في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم،

3ً- هو شرط «الولي».. فلا يجوز أن تتزوج المرأة إلا بولي يتولى تزويجها، وهذا الشرط هو قول جمهور الفقهاء، باستثناء الإمام ابي حنيفة رحمه الله، والدليل قوله تعالى «وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم»، وقوله جلا وعلا «ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا» وهذا خطاب للأولياء دون النساء، وأيضا قوله تعالى «ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن» فلو لم يكن الذي يتولى التزويج وعقد النكاح هو الولي لما نهى الله تعالى الولي عن «العضل»، والعضل هو الامتناع عن تزويج المرأة، فلو كانت المرأة تستطيع تزويج نفسها لما استطاع الولي أن يمتنع عن تزويجها.

وقد روى أهل السنن من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل باطل باطل.. قالها ثلاثا، فإن لم يكن لها ولي، فالسلطان ولي من لا ولي له». وفي حديث ابي داوود عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي»، وقد صحح هذا الحديث بعض الحفاظ.

4ً – شرط «الشهادة»، فلا يصح النكاح إلا بشاهدين عدليين ذكرين مكلفين سميعين ناطقين، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: «البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة» رواه الترمذي، وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل»، وهو حديث روي من عدة طرق يشد بعضها بعضا، فيصلح للاستدلال.

و أن النكاح يصح مع الإعلان فقط، وان لم يشهد شاهدان، وهو قول الإمام مالك، واختيار ابن حزم، ولكن العمل بالحديث أولى.

هذا بعد أن عرفنا أركان وشروط النكاح الشرعي، فإننا بتنا نعلم أن أي نكاح لا يصح إلا بتوفر هذه الأركان والشروط فيه.

ثالثا – زواج المسيار :


وعليه وبناء على ما تقدم من تعريف وأركان وشروط عقد الزواج فإن ما العقد الذي سمي المسيار إذا ما توافرت فيه الأركان والشروط اللازمة لعقد النكاح فهو عقد صحيح أما إذا لم تتوافر فيه الأركان والشروط المتوجبة لصحة عقد الزواج فهو غير صحيح .

1 – سبب هذه التسمية : لماذا سمي بزواج المسيار ؟


هذه التسمية جاءت في كلام العامة، تمييزاً له عما تعارف عليه الناس في الزواج العادي، لأن الرجل في هذا الزواج يسير إلى زوجته في أوقات متفرقة ولا يستقر عندها .



عقد زواج المسيار ما بين الشرع و القانون


2- صورته التي عرف بها : 

هو زواج مستوفي الشروط والأركان والتي تحدثنا عنها أعلاه ، ولكن تتنازل الزوجة عن بعض حقوقها الشرعية باختيارها ورضاها مثل النفقة والمبيت عندها . خصوصا أن إسقاط الحقوق مشروع وجائز، وقد ورد في الصحيين أن سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، لما شعرت بعدم رغبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، بها تنازلت عن ليلتها لعائشة رضي الله عنها وعن سودة… و قال من افتى بهذا الزواج من الفقهاء وعلماء الدين لو كان هذا غيرَ جائز شرعًا لَمَا أقره الرسول صلى الله عليه وسلم. وكل شرط لا يُؤثر في الغرض الجوهريّ والمقصود الأصليّ لعقد النكاح فهو شرط صحيح، ولا يَخِلُّ بعقد الزواج ولا يبطله.


3- الأسباب التي أدت إلى ظهور هذا النوع من الزواج :


أ – كثرة عدد العوانس والمطلقات والأرامل وصواحب الظروف الخاصة .

ب – رفض كثير من الزوجات لفكرة التعدد ، فيضطر الزوج إلى هذه الطريقة حتى لا تعلم زوجته الأولى بزواجه .

ج – رغبة بعض الرجال في العفاف والحصول على المتعة الحلال مع ما يتوافق وظروفهم الخاصة .

د – تهرّب البعض من مسؤوليات الزواج وتكاليفه .

4- الأضرار التي يمكن ان تنتج عن زواج المسيار :

هناك أضراراً قد تحصل بسببه:

• قد يتحول الزواج بهذه الصورة إلى سوق للمتعة وينتقل فيه الرجل من امرأة إلى أخرى، وكذلك المرأة تنتقل من رجل لآخر.

• الإخلال بمفهوم الأسرة من حيث السكن الكامل والرحمة والمودة بين الزوجين .

• قد تشعر المرأة فيه بعدم قوامة الرجل عليها مما يؤدي إلى سلوكها سلوكيات سيئة تضر بنفسها وبالمجتمع .

• عدم إحكام تربية الأولاد وتنشئتهم تنشئة سوية متكاملة ، مما يؤثر سلباً على تكوين شخصيتهم.

رابعا – النتيجة :


إنني أرى أن عقد زواج المسيار فيما إذا أسقطنا عنه هذه التسمية التي أطلقها العامة من الناس عليه أنه عقد صحيح كونه استجمع كامل الأركان والشروط التي نص عليها الشرع الإسلامي والتي سبق ذكرها أعلاه سيما وانه العبرة في العقود للمقاصد والمعاني وليس للألفاظ والمباني . إذا فلا عبرة للتسمية التي أطلقت عليه ما دامت أركانه وشروط صحته متوافرة . والله أعلم .

ولابد من القول أن هذا الزواج لم يعرف في سورية وإنما انتشر في دول الخليج العربي وأن مجمع الإفتاء في السعودية قد أفتى بصحة هذا العقد .

أما بالنسبة للقانون السوري فهو يتعامل مع عقد الزواج كعقد زواج ولا يتعامل على ما أطلق على هذه العقود من تسميات فإذا استجمع عقد الزواج كما أسلفنا سابقا أركانه وشروط صحته وفق ما نص عليه الشرع الإسلامي وقانون الأحوال الشخصية السوري المستمد منه فهو عقد صحيح . وفوق كل ذي علم عليم والله أعلم العالمين .

وكل ما سبق ذكره لا يعني في حال من الأحوال أننا نشجع على زواج المسيار وإنما الغاية والهدف هو الوقوف على الحقائق من خلال تحليلها تحليلا قانونيا وشرعيا فيما يتعلق بعقد الزواج وعلى أساسه يتم الحكم بأنه عقد جائز أم غير ذلك .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock