شعر وحكايات

ثلاث قصص قصيرة ” لوحات “

 

 الهام غانم عيسى

1- غيمة حالمة

لحظة أسدل الغمام على المدينة البحرية رداءه.. وغطاها بين غفوة وسهاد.. وعلا أنين يبدد هدير الأمواج العالية..

أقلعت مركبة حبلى تعج بالمهاجرين.. نقطة كبرى على الشاطئ والضفة.. تضيق تضيق..

تبتعد.. كما نقطة حبر تبتعد عن الميناء رويدا رويدا

لم تبق غير عيون شاخصة إلى مدن الحرية..

تغفو.. تغط في نوم عميق..

لمحت وسط الزحام امرأة شاخصة عيونها.. ترنو لبلدها الجريح الذبيح.. تنطلق ذكريات أليمة.. تداهمها.. تحاول ان تبددها بصرخات المسافرين.. بضحكاتهم بارتقابهم..

بغتة يكفهر الجو فتعبس الوجوه ثم تعلو نداءات الاستغاثة..

ولكن ليس من طوق لنجاة..

حمولة زائدة تدفع بالمركب للغرق..

فيما تتسارع نبضات قلبها..

ويغرق المركب في عرض البحر..

تفيق ممسكة وسادتها صائحة:

– كيف لها أن تستعيد الحلم بين كوابيسه؟

2- قطار الليل
نزل من القاطرة لينتظرها تجيء.. وتستقبله بالاحضان..
بعيدا عن ضوضاء البشر، جلس في قاعة الانتظار، طلب فنجان قهوة ليعدل مزاجه، ركن حقائب السفر بجانب الطاولة المستديرة.. متعب سقطت سجائره من يده.. وارتخت من يده حافظة نقوده..
اشواق كبيرة تتدفق الى قلبه وعقله..
صوت ينادي من بعيد:
-لن أسمح لك بالرحيل بنيّ..
رنّ هاتفه طويلا حتى سكت..
افاق لم يجد حقائبه..، حافظته وهاتفه..
وبينما كان يتنفس شذرات القهر، الأمل والحلم..
لم تأتِ بعدُ..
كانت تبحث عنه.. بعيدا في الغياب..
3- عتمة أخرى
تصفق البوابة المفتوحة، تصفر الريح بين الشقوق، على مصراعيها تتكسر النوافذ.. السقف والحيطان عرشت عليها خيوط العنكبوت..
منضدة بائسة تعلوها تجاعيد الزمن القاسي ٠٠
اوراق مبعثرة هنا وهناك..
تتساقط في خريف العمر المنهك..
لم تبق غير أطياف حلم تضاجع خياله.
وحكايا شجون وطن متعب اثخنته الجراح..
اسند ظهره للجدار..
لحظتها، اقتحم الخربة جند وعسس..
وتبدد حلم العودة..
ورقة ورقة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock