مقالات

د.خالد احمد “مسرحية”تنصيص ” لعراب المسرح السعودي نقلة نوعية فى كتابة النص المسرحي

الْمَسْرَحِيَّةُ هِي عَمَلُ أدَبِي مُتَكامِلِ الْعَنَاصِرِ تَقُومُ عَلَى عَرْضِ حِكَايَةِ تَحْوِي فِكْرَةً ، تَحْمِلُ مَوْضُوعًا أَوَعِدَّةُ مَوَاضِيعِ ، وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ لَا تَكُونُ شيئاً مِجْرَدًا بَلْ مَحْسُوسًا ، أَوْ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ النَّشَاطِ الْبَشَرِيِّ ، أَوْ السُّلُوكُ الْإِنْسانِيُّ النَّفْسِيُّ أَوْ الْاِجْتِمَاعِيَّ وَعَلاَّقَتَهُ مَعَ بَيْتِهِ وَمُجْتَمَعِهِ ، وَبِالْتَّالِي لَا بِدْ مِنْ تَوَافُرِ شَخْصِيَّاتٍ تَقُومُ بِالْفِعْلِ الْمَسْرَحِيِّ ، وَتَنْمُو هَذِهِ الشَّخْصِيَّاتِ عَنْ طَرِيقِ الْحِوَارِ الدِّرامِيِّ الْمُتَبَادَلِ الَّذِي يَكُونُ وَسِيلَةٌ لِلتَّوَاصُلِ مَعً الآخرين وَمِنْ خِلاَلِ لِقَاءِ الشَّخْصِيَّاتِ مَعَ بَعْضِهَا وعلاقاتها وَمُعَايَشَتَهَا لِلْفِعْلِ الدِّرامِيِّ يَنْشَأُ الصِّراعُ الدِّرامِيُّ الَّذِي يُمَيِّزَ الْمَسْرَحِيَّةُ عَنْ مَثِيلَاتِهَا فِي الْحَيَاةِ وَيَحْدُثُ كُلُّ هَذَا فِي إِطارِ زَمَنِي وَمَكَانِيِ مُحَدَّدٍ ، ثُمَّ يَبْدَأُ عَرْضُ الْأَفْعَالِ وَالشَّخْصِيَّاتِ حَتَّى تَصِلَ إِلَى النِّهَايَةِ ، وَمِنْ خِلاَلِ تَفَاعُلٍ كُلُّ هَذِهِ الْعَنَاصِرِ مُجْتَمَعَةٌ ، وَتُدَاخِلُهَا منطقياً ، يَتِمُّ لِلنَّصِّ الْمَسْرَحِيِّ الْبَنَّاءِ الدِّرامِيِّ الْمُتَكامِلَ ، وُجُودُ صِراعِ دِرامِيِّ مُرْتَبِطٍ بِهَذِهِ الْقَيِّمِ ، فَالصِّراعُ الدِّرامِيُّ هُنَا يُشْكِلُ الْجَوْهَرُ وَالْأَسَاسُ وَيُحَاوِلُ الْبَاحِثُ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ مِنَ الدِّرَاسَةِ التَّطْبِيقِيَّةِ لاحد نُصُوصُ الْكَاتِبِ فَهْدُ رَدَّةِ الْحارِثِيِ ، وَهُوَ نَصٌّ ” تَنْصِيصٌ ” أَحْدُثُ مَا كَتَبَ الْحارِثِيُّ حَيْثُ كُتُبِهِ عَامٍ 2018 وَتُمَّ عَرْضُهُ فِي مِهْرَجَانٍ ” الدَّنُّ ” بِسَلْطَنَةِ عَمَّانِ ، وَالشّارِقَةُ الْمَسْرَحِيَّ بِالْإمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ وَحُصِدَ جَائِزَةُ الْمَسْرَحِ الْعَرَبِيِّ لِعَامَ 2018 وَكَذَلِكً لِلنَّصِّ الْجَدِيدِ ” كافَى ” وَقَدْ كُتُبَهُ فِي مَايُوٍ 2019فمن خِلَالَ هَذِهِ الدِّرَاسَةِ تَتَوَصَّلُ لِكَيْفِيَّةِ رَصْدِ الصِّراعِ الدِّرامِيِّ مِنْ خِلاَلِ عَنَاصِرِ الْبِنَاءِ الدِّرامِيِّ وَكَيْفَ تُسْهِمُ هَذِهِ الْعَنَاصِرَ فِي تَحْدِيدِهِ.

1.العناصر الدرامية وعلاقتها بالصراع الدرامي :-

الفكرة والموضوع وعلاقتها بتجسيد الصراع :

تَعْتَبِرُ الْفِكْرَةَ نَوَاةُ النَّصِّ الدِّرامِيِّ ، وَهِي عُنْصُرُ حَيَوِيٍّ ، حَيْثٌ تَصِفُ لَنَا الْأَفْعَالَ الَّتِي تَدُورُ حَوْلُهَا الْمَسْرَحِيَّةِ وَالشَّخْصِيَّاتِ وَالزَّمانُ وَالْمَكَانُ وَبِالْتَّالِي تَبْرُزُ لَنَا الصِّراعُ الدِّرامِيُّ ، فَكَيْفَ تُسْهِمُ الْفِكْرَةَ بِاِعْتِبارِهَا نَوَاةٍ ، وَكَيْفَ تَكُونُ كَآلِيَّةٍ تُوضِحُ لَنَا مَلاَمِحُ الصِّراعِ الدِّرامِيِّ ، وَتَكْشِفُ عَنْه فَالْفِكْرَةُ تَرْتَبِطُ بِالشُّعُورِ ، وَالْمَرْءُ يَسْتَحِيلُ عَلَيه التَّفْكِيرُ دُونَ أَنْ يَشْعُرَ فَالْكَاتِبُ الْمَسْرَحِيُّ يَنْطَلِقُ مِنْ وَاقِعِهِ ، فَيُنْقِي أَفْكَارُهُ مِنْ مُجْتَمَعِهِ أَوْ بِيئَتَهُ أَوْ الظُّروفَ الْمَعِيشِيَّةَ الَّتِي نَشَأً فِيهَا ، وَيَبِثُّهَا فِي فِكْرَةِ مَسْرَحِيَّتِهِ وَالْحارِثِيِ يَذْكُرُ أَنَّه يَلْتَقِطَ الْأَفْكَارُ مِنَ الْأرصفةِ أَوْ الطُّرْقَاتِ أَيُّ أَنَّه مَعَايِشُ جَيِّدٌ لِصَمِيمِ مُجْتَمَعِهِ ” فَالْكَاتِبُ الدِّرامِيُّ يُقَدِّمُ صُورَةٌ لِعَصَرَهُ وَاِسْمًا ومجسداً أَهُمْ صِراعَاتُهُ وَاِنْتِصارَاتٌ وَهَذِهِ الْمُهِمَّةِ تَتَطَلَّبُ مِنْه مُقَدَّرَةً أَوْ قُوَّةُ فَكَرِيَّةُ”

وَيَقُولُ مَا يرهولد ” الْفِكْرُ يَأْتِي أَوَلَا ، فَالْمَسْرَحِيَّةُ الْبَارِزَةُ تَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهَا بِعُمْقِ أَفْكَارِهَا “” فَالْفِكْرَةُ تُمَثِّلُ مِحْوَرً إرتكازي فِي تَرْكِيبِ الْمَسْرَحِيَّةِ الْبَارِزَةِ وَتَدِلُّ عَلَى الْهَدَفِ الْعَامِّ وَالْجَانِبَ الْفِعْلِيِ وَالْاِنْفِعالِيِ فِي الْمَسْرَحِيَّةِ ، فَهِي بِشَكْلِ عَامٍ هِي خَلاصَةُ الْعَمَلِ الدِّرامِيِّ”

وَمِنْ خِلاَلٍ هَذَا التَّعْرِيفُ يَتَّضِحُ لَنَا أَنَّ الْفِكْرَةَ هِي الْبذرةُ الْأوْلَى لِكِتَابَةِ الْمَسْرَحِيَّةِ وَرَكيزَةُ النَّصِّ الْمَسْرَحِيِّ ، فَهِي تُسْهِمُ بِشَكْلِ فَعَّالٍ فِي رَصْدِ الصِّراعِ الدِّرامِيِّ وَالْكَشْفَ عَنْه

ملخص مسرحية تنصيص :-

مَسْرَحِيَّةٌ ” تَنْصِيصٌ ” أَتَتْ فِي ثَمانِي لَوْحَاتٍ ، مَبْنِيَّةٌ عَلَى تَكَنِّيِكَ الْمَسْرَحِيَّةِ دَاخِلُ الْمَسْرَحِيَّةِ ، وَهَذَا التَّكْنِيكُ يُسَاعِدُ عَلَى تَعْمِيقِ الْمَوْضُوعِ وَيَسْتَثِيرُ عَقْلُ الْقَارِئِ وَالْمُشَاهِدِ ، فَالْعَرْضُ يَظْهَرُ قَضِيَّةُ فِرْقَةِ مَسْرَحِيَّةٍ لَا تَسْتَطِيعَ عَرْضَ مَسْرَحِيَّتِهَا بِسَبَبِ اِكْتِشَافٍ ” شَقَّ ” فِي السِّتَارَةِ تُشَكِّلُ جُزْءًا مِنَ الدِّيكُورِ ، حَيْثٌ بَدَأَ هَذَا الشِّقُّ فِي الْبِدَايَةِ الْمَسْرَحِيَّةِ صَغِيرٌ ، وَلَكِنْ مَعَ نِهَايَةِ الْعَرْضِ يَزْدَادُ اتساعاً ، وَأَخَذَ يَتَّسِعُ مَعَ نِهَايَةِ الْعَرْضِ مَعَ فَقْدِ الْمُمَثِّلِينَ وَالْمُخْرِجِ السَّيْطَرَةَ عَلَى مُعَالَجَةِ أَمْرٍ هَذَا الشِّقِّ ، وَاُسْتُنْفِذُوا كُلُّ الْمُحَاوَلَاتِ لِتَرْقيعٍ هَذَا الشِّقِّ ، وَلَكِنْ دُونَ جَدْوَى.

وَمِنْ خِلاَلِ الْمُلَخَّصِ تَبْرُزُ لَنَا الْفِكْرَةُ الرَّئِيِسيَّةُ الَّتِي تَدُورُ حَوْلُهَا الْمَسْرَحِيَّةِ وَهِي الْبيرُوقْرَاطِيَّةُ وَالسُّلْطَوِيَّةَ وَإِعاقَتَهَا لِلِفْنَ وَالثَّقَافَةَ وَفَسَادٌ هَذِهِ الْبيرُوقْرَاطِيَّةِ الْمُسْتَفْحِلَ الَّذِي يُؤَدِّيَ بُدورُهُ لِطُمِسَ الْإِبْدَاعُ ، وَذَلِكَ أَرَادَ الْحارِثِيُّ أَنْ يُوضِحَهُ مِنْ خِلاَلِ اِخْتِيَارِ الْعُنْوَانِ فَالْعُنْوَانَ هُوَ ” تَنْصِيصٌ ” وَهِي عَلاَمَةُ التَّرْقِيمِ الَّتِي تَرْمِزُ ، لِكُلُّ مَا أُرَادُّ الْكَاتِبَ أَنْ يجتزأه خَارِجُ النَّصِّ الْأَصْلِيِّ ، أَوْ كُلُّ مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْ مَتْنِ النَّصِّ أَوْ كُلُّ مَا هُوَ غَرِيبٌ ، وَنَجِدُ الْحارِثِيَّ فِي اِسْتِعْمالِهِ لِعَلاَمََاتِ التَّرْقِيمِ طَبِيعَةُ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ باقِي الْكِتَابِ الْمَسْرَحِيِّينَ ، فَهُوَ لَا يُوَظِّفْهَا فَنِيًا فَقَطْ فِي عَمَلِيَّةِ الْكِتَابَةِ ، وَإِنَّمَا يُوَظِّفُهَا رمزياً أيضاً ، وَكَأَنَّه اِخْتَارَ الْعُنْوَانُ ” تَنْصِيصٌ ” لِكَيْ يَرْمِزُ إِلَى مَا هُوَ خَارِجٌ عَنِ الْأَصْلِ وَعَنْ الصَّحِيحِ فَالْبيرُوقْرَاطِيَّةَ ، وَالْفَسَادُ وَالرَّشْوَةَ وَالْإهْمَالَ وَعَدَمُ التَّخَصُّصِ وَالْقَمْعَ وَالسُّلْطَوِيَّةُ وَالْمَحْسُوبِيَّةُ وَغَيْرَهَا مِنْ آفات الْمُجْتَمَعَاتِ وَكَأَنَّهَا كُلُّهَا تَحْمِلَ نَفْسُ عَلاَمَةُ التَّرْقِيمِ دَاخِلُ الْمُجْتَمَعِ الْوَاعِي الَّذِي يَخْلُوَ مِنْ كُلُّ هَذِهٍ الآفات ، فَالْعُنْوَانُ يَعْكِسُ الْفِكْرَةُ وَلَكِنَّ بِشَكْلٍ غَيْرَ مُبَاشِرٍ أَوْ بِشَكْلِ رَمْزِيٍّ ، وَهَذِهِ الرَّمْزِيَّةُ فِي الْعُنْوَانِ الْغَرَضَ مِنْهَا أَنْ يَجْعَلَ الْقَارِئُ فِي حالَةِ بَحْثِ دَائِمٍ عَنِ الْعَلاَّقَاتِ وَفِي حالَةِ تَشْوِيقٍ لِلْقَارِئِ ، حَتَّى يَنْكَشِفَ لَهُ الْغُمُوضُ عِنْدَ الْقِرَاءةِ وَالتَّبَحُّرَ فِي ثَنايا النَّصِّ وَلَكِنَّ يَجْدُرَ بِنَا أَنَّ نشير إِلَى مَا تُوُصِّلْتِ إِلَيه الْبَاحِثَةَ تُركِيَّةً الثبيطي

في موضوع علامات الترقيم فتقول

” فِي الْوَاقِعِ يُوَظِّفُ الْحارِثِيُّ جَمِيعَ عَلاَمَاتِ التَّرْقِيمِ لِتُسْهِمُ فِي تَحْقِيقِ عَمَلِيَّةِ الْاِتِّصَالِ دُونَ مُرَاعَاةٍ لِقَوَاعِدِهَا الْفَنِّيَّةِ ؛ بَلْ لَمَّا يُمْلِيَهُ عَلَيه حِسُّهُ الْعَاطِفَيِ ، وَحاجَةُ الْعِبَارَةِ الْمَسْرَحِيَّةِ لِأَبْعَادِ دَلالِيَّةِ خَاصَّةِ تَسْتَطِيعُ أَنَّ تَصَوُّرَ نَفْسِهَا لِيَتَخَيَّلُهَا الْقَارِئَ وَيُجَسِّدُهَا الْمُمَثِّلَ بِدِقَّةٍ ” وَيَتَّفِقُ الْبَاحِثُ مَعَ ذَلِكَ الرَّأْي ، حَيْثٌ اُسْتُخْدِمَ الْحارِثِيُّ عَلاَمَاتِ التَّرْقِيمِ اتصالياً أَكْثَرُ مِنْهَا فَنِيًا وَذَلِكً يَتَّضِحُ فِيمَ عَرْضُهُ مِنْ نُصُوصِ ،فَلَمْ يَهْتَمْ الْحارِثِيُّ بِقَوَاعِدِ هَذِهِ الْعَلاَمَاتِ الْفَنِّيَّةَ ، وَإِنَّمَا اُسْتُخْدِمَهَا اِسْتِخْدامَ رَمْزِي فَالنُّقْطَةَ ، تَسْتَخْدِمُ فِي نِهَايَةِ الْفَقْرَاتِ وَبَعْدَ الْجَمَلُ التَّامَّةُ وَالَّتِي تُسَمَّى الْوَقْفَةَ (،فَقَدْ حُمِلْتِ وَظِيفَةَ مُخْتَلِفَةٍ فِي مَسْرَحِ الْحارِثِيِ ، فَنَجْدُهُ يَضَعُ نَقَطَتَيْنِ أُفُقِيَّتَيْنٍ مُتَجَاوِرَتَانِ بَعْضُهُمَا بَعْضٌ ، وَهَذِهِ الْعَلاَمَةُ غَيْرَ مَوْجُودَةٍ فِي عَلاَمَاتِ التَّرْقِيمِ الْعَرَبِيَّةُ الْمَعْرُوفَةُ ، وَلَكِنَّ اِبْتِكَارَهَا الْحارِثِيِ ، لِلتَّعْبِيرِ عَنْ مُدَى الْمَسَافَةِ الزَّمَنِيَّةِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْجَمَلِ وَالَّتِي تَلِيَهَا عَنْدَمًا يُنْطِقُهَا الْمُمَثِّلَ وَلِكَيْ يَشْعُرَ الْقَارِئُ بِالْمُقَاطِعِ وَهَذَا يَتَّضِحُ فِي نَصِّ الْعَرْضِ الْأَخِيرِ”حاولت تحديد سعر لي .. وأنت أفكاري،، عواطفي،، تفاهاتي،، تفاعلي مع الآخر،، وتفاعل الآخر معي،، وجدت نفسي لا أسوى سوى ما أملكه من نقود ولم يكون معي نقود عرفت أني لا أسوي شيئاً .. “([5])

وَجَاءَتْ النَّقَطَتَانِ الْأُفُقِيَّتَانِ كَرَمْزٍ لِإِبْلاَغِ الْمُمَثِّلِ لِلتَّوَقُّفِ وَالصّمتِ بَيْنَ الْمَقْطَعِ وَالْآخِرَ كَمَا أَنَّ الْحارِثِيَّ اُسْتُخْدِمَ عَلاَمَاتِ التَّعَجُّبِ بِطَرِيقَةِ جَدِيدَةٍ وَمُخَالِفَةٍ ” سَقَطْتِ فِي الْفَرَاغِ وَصَحَوْتِ مِنْ نَوْمِي فَزَعًا .. أَخَذْتِ أَبَحْثٌ مِنْ تَفْسِيرَاتٍ لِحُلْمِيٍ لَكِنَّي لَمْ أَتَمَكَّنْ!!([6])

وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ عَلاَمَةَ التَّعَجُّبِ تَوْضُعُ فِي نِهَايَةِ الْجَمَلِ لِمَرَّةِ وَاحِدَةٍ لِتُعَبِّرُ عَنِ الدَّهْشَةِ ، وَلَكِنَّ كَرَّرَهَا لِأَكْثَرُ مِنْ ثَلاثِ مَرَّاتٍ ، لِتَعْمِيقِ الدَّهْشَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِعَلاَمَةِ التَّنْصِيصِ فَأَرَادَ الْحارِثِيُّ أَنْ يُشِيرَ إِلَى الْحالَةِ الْاِنْفِعالِيَّةَ فِي الْحِوَارِ كَمَا نرى فِي نَصِّ الْحارِثِيِ الْمثلِ بِاِنْكِسارٍ ، بِسُخْرِيَّةٍ ، يَصْرُخُ بِألَمٍ ، بِحِقْدٍ ، فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ الْمَكْتُوبَةُ وَالَّتِي هِي عِبَارَةٌ عَنْ عَلاَمَاتِ اِنْفِعالِيَّةٍ ، فُرِضْتِهَا الْحالَةَ النَّفْسِيَّةَ لِلْمُمَثِّلِ ، تَكُونُ اِنْفِعالَاتٍ مُوَظَّفَةٍ لِتُشِيرُ إِلَى مَعَانِيِهَا ، وَتُصْبِحُ علامات غير لفظية رَغْمُ كِتَابَتِهَا فِي النَّصِّ ، فَهَذِهِ الْعَلاَمَاتُ الْاِنْفِعالِيَّةَ وُضِعَتْ بَيْنَ عَلاَّمَتِي التَّنْصِيصِ لِتُرْشِدُ الْمُخْرِجَ وَالْقَارِئَ . فَقَدْ تَعْرِضُ الْكَاتِبَ لِفِكْرَةِ التَّدَخُّلِ فِي النَّصِّ أَوْ تُغَيِّرَهُ مِنْ قَبْلَ الْجِهَاتِ الرَّقابِيَّةَ الَّتِي تُعِيقُ الابداع وَتُغُيِّرَ الْمُعَنّى وَالْمَضْمُونُ وهوأحد الْأَفْكَارَ الَّتِي أُكِّدَهَا الْحارِثِيَّ فِي مَسْرَحِيَّةٍ ” تَنْصِيصٌ ” فَيَقُولُ الْحاجِبُ :- خُدُودٌ إِلَى الْبِئْرِ ، حَيْثُ الظُّلْمَةِ تَقْتُلُهُ ، حَيْثُ الدَّمِ يَتَسَلَّقُ أَصابِعُهُ حَيْثٌ يَمُوتَ كَمْدًا وَحِدَةً ، حَيْثٌ يَشْتَهِيَ الْمَادَّةُ فَلَا يَجِدُ إلّا الدَّمَ المتخثر لجثث قَدْ تَعَفَّنْتِ

الحارس:- (متوسلاً بتصنع) يا سيدي اللحمة ! اللحمة يا سيدي!

المخرج:- لا داعي (للإفيهات) هنا ؛ لا مكان لها ؛ سينقص ذلك من هيبة الحوار في بدايته، دعوا الحوارات جادة كما هي، ثم نلعب فيما بعد وفق نبض الجمهور ومزاحه

الحارس:- الرحمة يا سيدي الرحمة !

الحاجب :- كلا كلا كلا، ستنهش العقارب لحمك، سيسقط جلدك بفعل سمها القاتل، ستكون طعام الحشرات

الحارس:- دعني هذه المرة وسأكون مخلصاً وفياً مثل كلبك الذي تحب

الحاجب:- وكيف ذلك ؟

الحاجب :- أعطني اللحمة يا سيدي وستري

المخرج :- أرجوك كف من ابتذلك وعد للنص لا وقت للارتجال([7])ومن خلال مقدمة المسرحية، تَجِدُ أَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ وَتَمْهِيدً وَمَدْخَلً لِلْفِكْرَةِ الْعَامَّةِ لِلنَّصِّ ، حَيْثُ خُرُوجِ الْحاجِبِ الْمُتَكَرِّرِ عَنِ النَّصِّ لِصَنَعَ الإفيهات وَالْخُرُوجَ عَنِ النَّصِّ ، فَالْفِكْرَةُ هُنَا هِي الْخُرُوجُ عَنِ الْمَأْلُوفِ أَوْ الصَّحِيحُ وَالتَّغْرِيدُ خَارِجُ السِّرْبِ ، فَالْمَسْرَحِيَّةُ هَادِفَةٌ حُمِلْتِ رِسَالَةَ التَّوْعِيَةِ وَالْإِصْلاحَ و وَكَأَنَّ الْكَاتِبَ يُرِيدُ أَنْ يُوضِحَ أَنَّ الْخُرُوجَ عَنِ الصَّحِيحِ هُوَ ضَرَرٌ لِلْفَرْدِ وَالْجَمَاعَةَ

الحكاية والفعل وتجسيدها للصراع :-

الحكاية المسرحية :-

فَالْإِنْسانُ يُحِبُّ الْحِكَايَاتُ فَهِي الْمَصْدَرُ الَّذِي يُنْهَلْ مِنْه الْكَاتِبَ وَحُتِّي يَجْعَلَ الْمَسْرَحِيَّةُ أَكْثَرٌ تَأْثِيرًا وَتَشْوِيقًا ، فَالْحِكَايَةُ تَجْذُبُ اِنْتِباهَ الْمُتَلَقِّي وَالْقَارِئِ أَثْناءُ سَرْدِهَا ، وَهِي تَمثُّلٌ فِي الْمَسْرَحِ عُنْصُرًا أساسياً خَاصَّةُ جَانِبِ السَّرْدِ فِيهَا ، كَمَا إِنَّهَا تُنَظِّمَ مَجْرى الْأَفْعَالِ ، كَمَا تَكُونُ فِي ذِهْنِ الْكَاتِبِ وَتَوْضُعُ مَجْرى الْأَفْعَالِ وَتَسَلْسِلُهَا زمنياً ، وَتَعْرُفُ الشَّخْصِيَّاتِ وَالزَّمانُ وَالْمَكَانُ وَتَكْشِفُ عَنِ الصِّراعِ وَتَوْضُعُ مَعَالِمَهُ

والسؤال:- كيف يمكن أن تكون الحكاية آلية للصراع الدرامي في مسرحية تنصيص ؟

وَالْإِجَابَةُ عَنْ هَذَا السُّؤَالُ ، لاَبِدٌ أَنْ نَعْرِضَ أثَرَ الْحِكَايَةِ فِي مَسْرَحِيَّةِ تَنْصِيصٍ فَالْمَسْرَحِيَّةُ تَحْكِي قِصَّةَ فِرْقَةِ مَسْرَحِيَّةٍ ، تَتَدَرَّبُ عَلَى عَرْضِ مَسْرَحِيِ لِتَعْرِضُهُ وَفِي أحَدِ برُوفَاتِ الْعَرْضِ ، يَكْشِفُ أحَدُ الْمُمَثِّلِينَ أَنَّ السِّتَارَةَ بِهَا ( قَطْعٌ ) أَوْ ( خَرِقَ )، وَتَبْدَأُ مُحَاوَلَاتِ تَرْقيعٍ هَذَا الشِّقِّ مِنَ الْمُؤَلِّفِ وَالْمُخْرِجِ وَبَعْضُ الْمُمَثِّلِينَ وَلَكِنَّهَا تَبُوءُ بِالْفَشَلِ ، الأغرب أَنَّ الشِّقَّ الَّذِي حَدَثً فِي السِّتَارَةِ يَزْدَادُ اتساعاً ، مم يَجْعَلَ باقِي الْفِرْقَةِ فِي ذُهُولٍ وَخَيْبَةُ أَمَلٍ ، إِلَى أَنْ يَتَصَاعَدَ ذُرْوَةُ الصِّراعِ

المخرج:- والله إن الشق قد زاد عن البارحة، لم تعد الرقعة تكفيه أخذت المقاس بشكل جيد

(المجموعة تبدو غير مقتنعة، لكنها توافقه، فهو المخرج)

ممثل1 : الشقوق تزيد هذه الأيام، والرقع تصغر، صدقت يا أستاذ

ممثل2 : الشقوق تزيد بالحرارة وتنكمش بالبرودة([8])

وَتَسْتَمِرُّ عَمَلِيَّةَ الْبَحْثِ عَنْ قِطْعَةِ مُنَاسَبَةِ لِتُنَاسِبُ هَذَا الشِّقَّ الَّذِي يَتَّسِعَ يَوْمَا ً بَعْدَ يَوْمٍ ، وَلَكِنْ لَا جَدْوَى مِنْ كُلُّ الْمُحَاوَلَاتِ ، وَيَسْتَمِرُّ الْحارِثِيُّ فِي التَّصَاعُدِ بِالْأَزْمَةِ إِلَى أَنَّ تَقَرُّرَ الْفِرْقَةِ كِتَابَةُ خِطَابٍ لِسَعَادَةِ الْمُدِيرِ الْعَامِّ وَتُسْنِدُ إِلَى الْمُؤَلِّفِ كِتَابَةُ الْخِطَابِ الرَّسْمِيِّ ، ثُمَّ تُعْرَضُ الْفِرْقَةَ عَنِ الْفِكْرَةِ وَيُسْنِدُ إِلَى الْمُخْرِجِ كِتَابَةُ الْخِطَابِ وَالْخِلاَفُ حَوْلَ الْأَلْفَاظِ وَالْعَبَّارَاتِ الَّتِي يَدُونُ بِهَا الْخِطَابَ ، وَيَتَوَجَّهُ الْمُخْرِجُ لِتَسْلِيمِ الخطاب حتى تحل المشكلة ويرقع الشق أو تغير الستارة ثم تأخذ الْحِكَايَةُ الْمَسْرَحِيَّةُ طَوْرَا آخِرِ ، عَنْدَمَا اُجْتُمِعَ مَجْلِسُ الْإِدَارَةِ حَلٌّ هَذِهِ الْأَزْمَةِ وَقَرَارُ اللَّجْنَةِ بِأَنَّ السِّتَارَةَ أَصْبَحَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ فِعْلًا وَأَنَّ الشِّقَّ يَزِيدُ يومياً ، وَالرُّقْعَةُ تُصَغِّرُ يومياً وَقَرَارُ اللَّجْنَةِ بِإبدالِ السِّتَارَةِ الْقَدِيمَةِ بِأُخْرَى جَدِيدَةٍ يُرَاعِي فِيهَا الْمُواصَفَاتِ وَاُعْتُمِدْتِ اللَّجْنَةَ تَشْكِيلُ لَجْنَةٍ ؛ لِتَحْدِيدِ السِّتَارَةِ الْمَطْلُوبَةِ ، وَزِيارَةُ الْمَحَلَّاتِ الْمُتَخَصِّصَةِ ، وَدِرَاسَةُ أَوْضَاعِ السِّتَارَةِ الْمَطْلُوبَةِ ، وَمَقَاسَاتُهَا وَأَلْوَانَهَا ، وَخامَاتُهَا ، وَأسْعَارُهَا . جَلْبُ ثَلاثِ تَسْعِيرَاتٍ لَهَا وَاِنْتَظَرَ الْمُمَثِّلُونَ تَتَّجِهُ قَرَارَاتِ اللَّجْنَةِ وَكُلُّهُمْ أَمَلً وَحَمَاسً لِقُرْبِ حَلِّ أَزْمَةِ السِّتَارَةِ وَالشِّقَّ ، وَلَكِنَّه سُرْعَانَ مَا يُجِيبُ أَمَلُ الْفِرْقَةِ الْمَسْرَحِيَّةِ حَيْثٌ تُوُصِّلْتِ اللَّجْنَةَ إِلَى أَنَّ أسْعَارَ السُّوقِ غَيْرَ مُنَاسَبَةٍ ، وَالْخامَاتُ غَيْرَ جَيِّدَةٍ ، وَقُرِّرْتِ اللَّجْنَةَ تَشْكِيلُ لَجْنَةِ جَدِيدَةٍ تَقُومُ بِجَوْلَةٍ فِي الدُّوَلِ الْمُجَاوِرَةِ وَالصَّدِيقَةِ وَالْمُتَقَدِّمَةِ مسرحياً ، لِمَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ السَّتَائِرِ وَأَحْجامَهَا وَطُرِقَ عَمَلُهَا وَالْاِسْتِفادَةَ الْقُصْوى مِنْهَا وَطَبْعَا حَجْزِ تُذَاكِرُ السَّفَرَ فِي الدَّرَجَةِ الْأوْلَى أَيُّ أَنَّ مَوْضُوعَ السِّتَارَةِ وَتُغَيِّرُهَا أَصْبَحَ حُجة لِلِجَانِ الْإِدَارِيَّةِ للإستفادة مِنْه فِي أُمُورٍ لَا تَخُصُّ الْعَمَلِيَّةَ الْمَسْرَحِيَّةَ ، وَيُصَابُ الْمُؤَلِّفُ وَالْمُخْرِجُ وَالْمُمَثِّلُونَ بِحالَةِ اِكْتِئَابٍ ، لِتَأَخَّرَ مَا وُصِلْتِ إِلَيه اللِّجَانَ فِي حَلِّ مُشَكَّلَةٍ ( الشِّقُّ ) و ( السِّتَارَةُ).

المؤلف:- حظ العمل سئ جداً، تعطلنا بسبب هذه الستارة اللعينة ([9])

المخرج:- حالي تعبانة يا ستارة ! حب مفيش احنا غلابة يا ستارة وهما دراويش

ممثل1 :- والله احنا الدراويش وهما راحوا ولفوا العالم وتمشوا واتبسطوا وعادوا قبل يومين ولاحس ولا خبر ، ثُمَّ يَأْتِيَ الْمُخْرِجُ بِالْخَبَرِ الْيَقِينَ ، حَيْثُ الْمَفْهُومِ أَنَّ الْمُدِيرَ الْعَامَّ دَعَا كَافَّةُ الْمَسْرَحَيْنِ وَقَدَّمْتِ لَهُ هَذِهٍ الْجَلْسَةَ نَمَاذِجَ لِسَتَائِرِ الْمَسْرَحِ الْمَوْجُودَةَ فِي دُوَلِ الْعَالَمِ ، وَقُدِّمْتِ أَوْرَاقَ عَمَلٍ لِاِسْتِفادَةٍ مِنْ تِلْكَ السَّتَائِرِ ، وَكَانَتْ الْجَلْسَةُ صَاخِبَةٌ ، حَيْثٌ اُعْتُرِضَ بَعْضُهُمْ ، وَوَافَقَ بَعْضَهُمْ ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَوَصَّلُوا لِقَرَارِ

ممثل1 :- طالب بعض، ورفض الطلب بعض

المخرج :- وناقش بعض، وتام بعض

المؤلف :- وبين بعض وبعض، تفوق بعض على بعض إلى أن يصدر القرار الأخير، وَهُوَ بَقاءُ السِّتَارَةِ عَلَى وَضْعِهَا ، وَعَدَمُ إِجْرَاءِ تَغْيِيرٍ عَلَيهَا وَإلْغَاءُ الْمَسْرَحِ عُمُومًا وَالتَّخَلُّصَ مِنْ مُشَكَّلَةِ السِّتَارَةِ الَّتِي كَانَ الْمَسْرَحُ سِيبًا فِيهَا ، فَالْإلْغَاءُ النّشاطُ الْمَسْرَحِيُّ سيكون الْأَصْلَحَ وَالْأَكْمَلَ وَالْأجملَ . فَتُشَكِّلُ الْحِكَايَةَ عُنْصُرًا أساسياً وَأَصيلًا فِي الْمَسْرَحِيَّةِ ، فَالْمَسْرَحِيَّةُ هِي حِكَايَةُ تَحْمِلُ مَجْمُوعَةً مِنَ الْأَفْعَالِ وَالْأَفْكَارَ الَّتِي تَقُومُ بِتَجْسِيدِهَا شَخْصِيَّاتٍ تَتَحَاوَرُ ، فِيمَا بَيْنَهَا وَمِنْ خِلاَلٍ هَذِهِ الْحِوَارَاتِ وَالتَّنَاقُضَاتُ تُحَقِّقُ لَنَا الصِّراعُ الدِّرامِيُّ ، الَّذِي هُوَ الْجَوْهَرُ ، وَيَتِمُّ ذَلِكً عَبْرُ تَسَلْسُلِ مِنْطَقَيٍ فِي زَمانٍ وَمَكَانُ مُحَدَّدَيْنٍ ، حَتَّى تَصِلَ الْأَفْعَالَ إِلَى النِّهَايَةِ ، وَلِهَذَا اُعْتُبِرْتِ الْحِكَايَةَ ، أَسَاسُ وَمُصْدِرُ الْكِتَابَةِ الْمَسْرَحِيَّةِ ، كَوْنُهَا تَقُومُ بِتَبْسِيطِ مُحْتَوَى ، وَمَضْمُونُ الْمَسْرَحِيَّةِ ، وَتُمَهِّدُ لِلْأَفْعَالِ مسبقاً وَتَكَشُّفً عَنِ الصِّراعِ بِاِعْتِبارِهَا النَّسِيجِ الْجَامِعِ لِلْأَفْعَالِ وَمِنْ خِلاَلِ حِكَايَةِ مَسْرَحِيَّةِ تَنْصِيصٍ ، نَجِدُ أَنَّهَا سَادَتْ فِي رَصْدِ الصِّراعِ الدِّرامِيِّ مُنْذُ الْوَهْلَةِ الاولى ، حَيْثُ جَوْهَرِ الْحِكَايَةِ ، هُوَ الشِّقُّ الْمُكْتَشَفَ فِي سِتَارَةِ الْعَرْضِ وَبِنَاءُ الصِّراعِ الدِّرامِيِّ مِنْ خِلاَلِ الْأَحْدَاثِ الَّتِي أَتَتْ لِمُعَالَجَةٍ هَذَا الشِّقِّ ، وَمُحَاوَلَاتٌ لِلْقَضَاءِ هَذِهٍ الْمُشَكَّلَةَ ،اِخْتَارَ الْحارِثِيُّ ” السِّتَارَةُ ” عَلَى وَجْهٍ الْخُصُوصِ لِكَيْ تَكَوُّنً هِي مَصْدَرُ الْمُشَكَّلَةِ ، لِأَنَّ السِّتَارَةَ ، هِي تَمثُّلُ حجبٍ مَا وَراءُهَا أَيُّ أَنَّ كُلُّ مَا يَدُورُ خَلْفُهَا يَكُونُ غَيْرَ ظاهِرٍ لِلْكَلِّ ، فَهِي رَمْزٌ لِلْعَمَلِ فِي الْخَفَاءِ ، وَعِنْدَ حُدوثُ شِقٍّ فِي السِّتَارَةِ ، أَيٌّ يَحْدُثَ هَتْكٌ لِهَذَا الْحُجُبِ ، وَكَذَلِكَ أَرَادَ الْحارِثِيُّ أَنْ يُعْطِيَ بُعْدَا آخِرِ لِمُشَكَّلَةِ الشِّقِّ وَاِمْتِدَادَهُ أَنَّ النَّسِيجَ الْاِجْتِمَاعِيَّ الْمُتَمَثِّلَ فِي السِّتَارَةِ وَهِي جُزْءَا هامَا مِنَ الدِّيكُورِ الْمَسْرَحِيَّةَ ، قَدْ شِقٌّ وَأَخَذَ يَمْتَدَّ اِتِّساعُهُ بِسَبَبِ أَمْرَاضِ اِجْتِمَاعِيَّةٍ تَفَشَّتْ ، وَكَأَنَّ الشِّقَّ الَّذِي أَخَذَ فِي الْاِتِّساعِ هُوَ تَعْبِيرٌ وَرَمْزً عَنْ تَفَشِّي مُشَكَّلَاتٍ ، كَالْوَاسِطَةِ وَالْمَحْسُوبِيَّةِ وَالسُّلْطَوِيَّةَ ، كَمَا أَنَّ الْمَسْرَحِيَّةَ تُعَالِجُ قَضِيَّةَ أكْبَرِ وَمَوْضُوعِ يُهِمُّ الْمَسْرَحِيِّينَ وَهُوَ تَمَدُّدُ الدَّوْرِ الرَّقابَيِ ، الَّذِي أَصْبَحَ مُعِيقٌ لِلْعَمَلِيَّةِ الْفَنِّيَّةَ، بَلْ أَصْبَحَ مهيمت عَلَى الْإِبْدَاعِ ، لِأَنَّه فِي الْمَقَامُ الْأَوَّلُ لَا يَهِمْهُ الابداع فِي شئ ، كُلُّ الَّذِي يُهِمُّهُ ، هُوَ تَحْدِيدُ لِجَانِ تَنْبَثِقُ عَنْهَا لِجَانً حَتَّى يُمَرِّرَ ، مَبَالِغُ مَالِيَّةٌ أَوَلِلسَّفَرِ لِقَضَاءِ عِدَّةِ أيَّامٍ عَلَى نَفَقَةِ الدَّوْلَةِ بِحُجَّةِ اللِّجَانِ وَالْبَحْثَ عَنْ سِتَارَةِ جَدِيدَةٍ لِلْمَسْرَحِ ، وَلَعَلَّ الَّذِي يُدْهِشُنَا فِي الْمُفَارَقَةِ الَّتِي حَدَثْتِ وَالسُّفَرُ وَالْمُنَاقِشَاتُ الطَّوِيلَةُ ، وَبَعْدَ إِضاعَةٌ كُلُّ هَذَا الْوَقْتُ ، قَرَّرْتِ فِي النِّهَايَةِ إلْغَاءُ الْعَرْضِ الْمَسْرَحِيِّ لِعَدَمِ وُجُودِ سِتَارَةٍ ، وَلَيْسَ لِفَشَلِهُمْ فِي الْبَحْثِ عَنِ السِّتَارَةِ ، وَلَعَلَّ الْمُفَارَقَةَ تَصْطَدِمُ الْقَارِئَ وَالْمُشَاهِدَ ، قَبْلَ أَنْ تَصْدِمَ الْغُرْفَةَ الْمَسْرَحِيَّةَ الَّتِي دُهِشْتِ مِنْ هَذَا الْقَرَارِ ، فَكَيْفَ يُلْغِي الْعَرْضُ ؟ وَكَيْفً ضُرِبْتِ اللَّجْنَةَ عَرْضُ الْحائِطِ بِمَجْهُودِ الْفِرْقَةِ الْمَسْرَحِيَّةِ ، وَوَقْتُهَا وَتَطَّلِعُهَا لِعَرْضِ الْمَسْرَحِيَّةِ ، الَّتِي هِي فِي الْأَسَاسِ تُعَالِجُ قَضَايَا الْمَحْسُوبِيَّةِ وَالرَّشْوَةَ وَالْفَسَادَ ، ويرى الْبَاحِثَ أَنَّ الْكَاتِبَ ، قَدْ نَجَحَ فِي الْحَبْكَةِ الْمَسْرَحِيَّةِ مم أَدَّى إِلَى رُؤْيَةِ جَدِيدَةٍ فِي مُعَالَجَةِ النِّهَايَةِ إِنَّهَا مُفَارَقَةً لَيْسَتْ مُتَوَقَّعَةٌ عَلَى الْإِطْلاقِ لِفَرِيقِ الْمُمَثِّلِينَ وَلَكِنَّ مِنْ خِلاَلِ التَّصَاعُدِ فِي ذُرْوَةِ الصِّراعِ مُنْذُ بِدَايَةِ الْمَسْرَحِيَّةِ ، نَجِدُ أَنَّ الْقَارِئَ ، قَدْ يَسْتَنْتِجَ الْقَارِئُ وَالْمُشَاهِدُ ، أَنَّ النِّهَايَةَ لاَبِدً أَنْ يَطَلَّ عَلَيهَا مِنْ هَذَا الشِّقِّ الَّذِي اِمْتَدَّ وَاِتَّسَعَ ، أُرَادُّ أَنْ يَظْهَرَ أَنَّ مَا تَحْجُبُهُ السِّتَارَةَ ، سيظهرفي وَقْتً وَلَكِنْ هُنَاكَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُشَوِّشَ عَلَى هَذِهِ الْقَضَايَا ، هُنَاكَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُلْغِيَ الْعَرْضُ نَفْسِهِ وَذَلِكً لِمُصَالَحَةِ الشَّخْصِيَّةِ ، لَا لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ .

هَذَا مَا أُرَادُّ أَنْ يَقُولَهُ الْحارِثِيَّ ، أُرَادُّ أَنْ يَظْهَرَ وُجِدَ خِفُّي ، لِمُشَكَّلَاتٍ نُرِيدُ أَنْ نَتَهَرَّبَ مِنْهَا وَلَكِنَّهَا تَنْكَشِفُ شيئاً فشيئاً ، فَلَا نَسْتَطِيعُ مُعَالَجَتَهَا ، وَإِنَّمَا نتغاطى عَنْهَا لِلْحُصُولِ عَلَى مَكَاسِبِ فَرْدِيَّةٍ ، هَذَا وَاقَعَ نعيشه ، وَلَعَلَّ الْمَوْضُوعَ وَحَبْكَتُهُ أُفَادُ الصِّراعَ الدِّرامِيَّ لِلْمَسْرَحِيَّةِ

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock