مقالات

صاروخ الحرب الجرثومية أيامه تعد وجيوش أخباره تبدد

د .الهام عيسى

حينما تصف ملفات التاريخ الحديث والمعاصر لمواجع أمتنا عامة وخلال مائة عامة مضت أو بالأحرى ما تم رسمه وتخطيطه وتسويقه وفرضه علينا بعد حسابات حقل السياسة ونتاجات بيدر الحرب العالمية الأولى وما بعدها .. وبعيدا عما كان يجري في الأمة وعلى آلامة خلال وقبل ذاك في قرون ودويلات وشعارات رنانة لم يرن في جرس حضارتنا منها غير الثالوث الأقذر ( جهل وفقر ومرض ) ..

تبين أننا ندور بفلك الاستغلال التام .. فما يخرجونا من أزمة إلا وقد أعدوا لنا ازمات متتالية .. لن ننفك نداوي جراحنا حت نقع بأخرى تنسينا هول ما سبقها … هكذا دواليك تدور بنا دواليب التبعية والاستغلال لتشرح بجلاء ووضوح سوء حالنا وتخلفنا الذي نحن فيه جراء تلك الضربات التي لم ينفك منها جسد الأمة منذ قرون … وقرون … لا يوجد أمل في الأفق يدل على الخلاص القريب ..

إذ لا يمكن لحضارة أن تبنى إلا على ثلاث مرتكزات مهمة ( معرفة وأخلاق ووعي ) فالمعرفة هي العلم وما يتحصل منه بشكل يخدم الأمة ويستهدف رقيها ويستبطن النوايا الحسنة بعيدا عن أي أغراض دنيئة …

وأما الأخلاق فهي تلك المنظومة التي ترسخت عبر أجيال الأمة من أديان وأعراف وقواعد تعاطي عمل مجتمعي يستهدف العدالة الاجتماعية ويسير بهدي السماء .. أما الوعي فلا تعريف له إلا عبر إدراك لا عبثية الخلق وهدفية الوجود الذي نحن محطة تكاملية فيه نشترك في مشوار إنساني جمعي نسير في مركب بلوغ غايته مهما اختلفنا في وجهات النظر او تعددت وشطحت المصالح ..

قد تبدو الأهداف والأماني طوباوية التحقيق في ظل واقع متردي مستعصي الشفاء مستسلم الانقياد اعمى المسير .. سيما تحت ربقة توالد الغباء والانقياد الأعمى للمطبات والمحطات المرسومة منذ قرون وربما عصور .. ما لم نتعلم من التجربة ونعيد الحسابات بصورة مقلوبة تجعل العمل أولا والتجربة مشعلا والكفاءة راس حربة …. فلا يمكن التحدث عن إمكانية بلوغ منجز من أي نوع حضاري كان .. فكل ما تحقق عبر قرون خلت مجرد أوهام في قصور غاطة للركبتين حد الثمالة بأحلام النسوان والخصيان والاقنان … بعيدا عن شؤون وشجون الأمة ومقارعة الأمم .. ذاك واقع لا يمكن خلع قناعه بتسفيف وقائعه وتسفيه قناعاته .. وما الله بظلام للعبيد .. بل كانوا أنفسهم يظلمون …

صحيح أن العالم محتشد متأجج في الصراع ضد ما يسمى بمرض كورونا أو صاروخ الحرب الجرثومية كما يطلق عليه البعض لكنه مهما تضخم وسيطر وقتل سوف لن يدوم ركبه ولا مركبة .. أيامه تعد وجيوش أخباره تبدد .. هو يحتضر في غرف الظلام الأجندات .. هنا تكمن العبرة والدمعة على أمة تدور بفلك الأزمات ولا تصحوا من وقع الضربات .. فقادم الأيام قريب والمتاحف العالمية ستحتفظ بارشيفها الكثير من قصص الحرب الجرثومية للألفية الثالثة .. لكنها بكل الأحوال لا تشكل نهاية المطاف ولا آخر الطابور .. ما دمنا بعيدين عن السماء .. متشبثين بتبعية اهل الأرض .. وقد قيل من قبل ( ما أكثر العبر وأقل الاعتبار ) .

 

د.أشرف كمال /ملتقى الرواد جمع الشمل وفتح باب الحوار لمثقفي العالم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock