شعر وحكايات

“قصة قصيرة ” إلا علبة الكبريت ……!!

بقلم : د.محمد حسن كامل رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب 

 

كان يعيش في قصره وحيداً

وكان صاحب القصر ثرياً تبدو عليه آثار النعمة والحكمة

تلك الحكمة التي أشعلت راسه بالشعر الأبيض

بينما كانت تجاعيد الزمن تتسرب إلى وجهه دون أن يدري

وخطوات السنين تبتسم على جبهته

كان يحب أهل بلدته

وكل البلدة تحبه وتُجله .

كان يمد المساعدة لكل من يقصده غريباً أو قريباً

كان عنوانه الإحسان

وسُمي قصره بقصر الإحسان .

عاش في سلام ووئام .

وفي ليلة من ليالي الشتاء قصد المدينة لص

وجاب شوارع المدينة , ولمح قصر الثري

وهنا توقف وجلس يراقب القصر ويجمع معلومات عن صاحبه وثروته وكل ما له

وخطط لسرقة القصر في ليلة رأس السنة .

وبينما كانت المدينة تلهو وتستعد لإستقبال العام الجديد , كان اللص في قصر الثري الذي لم يتواجد في قصره في تلك اللحظة , كان في زيارة ما ….سوف نعرفها لاحقاً .

سرق اللص كل ما في خزانة الثري الحديدة ذات الأرقام .

ولاسيما وأن اللص محترف في فتح أي خزانة رقمية .

خبير في فتح الخزائن مهما كانت .

حمل محتويات الخزانة في جوال وخرج من النافذة التي دخل منها .

انفرد اللص بالمسروقات والتي كانت عبارة عن أموال , وقطع من الماس , ومصوغات ذهبية , وعلبة من الكبريت مملوءة بأعواد من الكبريت المحترقة ….!!

لاحظ اللص أن كل عود كبريت مكتوب عليه تاريخ .

وهنا احتار اللص وسأل نفسه ما سر علبة الكبريت , وأعواد الثقاب المحترقة , والتواريخ التي عليها …..؟ وحينما أفرغ العلبة وجد كلمة مكتوبة في درج العلبة

” أحبك “

وهنا قرر اللص أن يبحث عن سر علبة الكبريت وأعواد الثقاب المستعملة والتواريخ المكتوبة وكلمة ” أحبك “

هذا اللغز محتاج شرطي محترف في جمع المعلومات .

عاد إلى قصر الثري في الحال ودخل من النافذة وفتح الخزانة وترك للثري رسالة :

ـــ عزيزي الثري أنا اللص الذي سرقت محتويات خزانتك ……سوف أرد إليك كل المسروقات مقابل أن تخبرني بسر علبة الكبريت التي تحتفظ بها في خزانتك .

ــ لا تخبر الشرطة بما حدث وإلا لن أعيد إليك ثروتك ولا علبة الكبريت .

ـــ فقط أترك رسالتك لي هنا وأنا سوف أحصل عليها في الوقت المناسب .

ـــ صحيح أنا لص ولكن صاحب كلمة شرف .

وترك الخزانة مفتوحة حتي يدرك الثري بسرعة السرقة .

عاد الثري إلى قصره واكتشف السرقة وأيضا وجد رسالة اللص .

وقرر الثري أن يحفظ العهد مع اللص ولم يُبلغ الشرطة بالسرقة .

وكتب رسالة إلى اللص وتركها في الخزانة :

ــــ صديقي العزيز ….

بعد أن قرأت رسالتك أكتب إليك وأستهل رسالتي بكلمة صديقي لأنك فعلاً صديق مخلص ولست لصاً , عزيزي قصة علبة الكبريت التي احتفظت بها خزانتي هي أغلى ما في الخزانة , أغلى من المال والذهب والمجوهرات وقطع الماس لهذا السبب , كل عود كبريت مكتوب عليه تاريخ أشعلته زوجتي لتضئ لنا مصباح الكيروسين ” لمبة الجاز ” في بداية قصة حبنا لتضئ لنا جواً من الحب والحنان ونحن لم نملك شيئاً إلا الحب , كنا فقراء ولكن كنا أغنى الناس في العالم , كنا نحتفل سوياً بكل إنجاز ننجزه في تلك الحياة وراء باب لكوخ خشبي قديم في أطراف المدينة , هنا مكان هذا القصر .

كل عود كبريت يحمل ذكرى حب لن تعوض , ولن تجود الأيام بمثلها .

جمعت كل أعواد الكبريت المحترقة وكتبت عليها التواريخ يوم بيوم .

وفي داخل علبة الكبريت كتبت لي زوجتي كلمة ” أحبك “

ثم رحلت عني الزوجة .

رحلت عني في ليلة رأس السنة

مثل هذه الليلة , من أجل ذلك كنت أحتفل معها ليلة راس السنة في المقابر

حينما كانت زيارتك لخزانتي , كنت اقضي الليلة مع حبيبتي

هذا سر علبة الكبريت …..صديقي العزيز.

رد إلي علبة الكبريت ولك كل ما الخزانة هدية لك .

ووفى اللص بوعده وأعاد علبة الكبريت مع كل المسروقات مع رسالة اعتذار تبللت بدموع اللص .

وشرع اللص ان يقترب من الرجل دون أن يفصح عن هويته

وعمل في خدمته دون مقابل

ومات الثري

وقرر اللص أن يحتفظ بعلبة الكبريت , فسرقها .

ولما أختلى بها وجد أعواد الكبريت كما هي ولكن اختفت التواريخ التي كانت مكتوبة على أعواد الكبريت , كما تلاشت كلمة ” أحبك ” التي كانت مكتوبة في درج العلبة , يبدو كل شئ رحل مع صاحب أروع وأصدق قصة حب في العالم تبوح بها علبة كبريت …..!!

هل لديك علبة كبريت …..؟

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock