أخبار وفن

فيلم ” تحت الخط” رسالة هشام عبد الحميد إلى العالم

كتب : فارس البحيري
” سطرين سينما “

يصل بك أحيانا الحال عند مشاهدتك لعمل فني أن تقف عاجزاً عن الوصف أو مهما حاولت التعبير ستجد أن الكلمات لن تسعفك في إعطائه حقه… في حالة من الكمال الفني شاهدت فيلم ” تحت الخط ” بأرقى وأسمى شكل له في صميمه وطرحه يحاول التغير يضيء على معاناة وظلم في الكثير من المجتمعات باعتبارات لا تنتهي عند حد يتداخل فيها الدين والمجتمع والأعراف محوره الإنسان ومن هنا تخيل إلى أي مدى ممكن أن تتشابك الأمور حرب شائكة مهما حاولت الخروج منها لن تخرج إلا وأنت مصاب بحالة إرباك وتخبط لا مثيل لها من فرط الإبداع الفني في الفيلم..!!

حصل هذا معي هنا وبمجرد طرح “التريلر” الرسمي لهذا العمل منذ عدة سنوات وأنا أنتظر هذا الفيلم بشكل غير عادي ودون حتى أي طرح أخر،

لذلك نرى ” هشام عبد الحميد ” هو نفسه ولذات السبب الذي تم انتقاده كون ظهر ” التريلر ” فقط دون أن يوضح متى وكيف وأين سيطرح الفيلم الخاص به تمكن من أن يعطينا أفضل صورة له في لحظات معدودة تم تجسيده من خلال رجل يحمل كاميرا وينظر من خلالها إلى العالم بأسره ليقدمه كتفصيله ليدخل بنا إلى عالمه السحري فقد قدم الشخصية بشكل لائق محترم وحقيقي ولا يكون محط للجذب تجارياً أو لإثارة الجدل وإنما فقط كصفة وما يهم هنا فعلا هو ما تسعى لأجله ومن تسعى لأجلهم كونه إنسان مسؤول عن كينونته وكرامته وحقه في هذا العالم، قراره حياته وحياة أبناء جيله وعالمه لا يملك منهم شيء،

و أخيراً وبعد طول انتظار أرسل لي الفيلم الذي أصابني بحالة إرباك لا مثيل لها، فهو فيلم سينمائي قصير يعتمد في طرحه على لغة الصورة السينمائية أو مفردات التشکيل والتصميم للفيلم السينمائي ،

                                فيلم تحت الخط

رغم أن السينما تعد حالياً الفن السابع وهو الاسم الذي أطلقه عليها الناقد السينمائي الفرنسي الإيطالي الأصل ” ريتشيو کانودو ” في فترة العشرينات من القرن الماضي ، إلا أن السينما نفسها لم تحظ بالاعتراف بها کشکل جمالي وفني إلا بعد فترة طويلة من الزمن بعد أن استقرت أصولها وقواعدها نتيجة لمساهمات عديدة من فنانين ونقاد حاولوا وضع الأسس النظرية والعناصر الأساسية لفن الفيلم . والتي سميت بعد ذلک بلغة الصورة السينمائية أو مفردات التشکيل والتصميم للفيلم السينمائي ، وبهذا أصبح للصورة المتحرکة لغة ومعنى وإبهار وأساليب ومدارس في کل أرجاء المعمورة . وتنبع أهمية اللغة البصرية للفيلم السينمائي بأنها مفتاح لفهم المعاني والرسائل المطروحة من قبل المخرج وترتيب جمال مفرداتها ، فالمخرج هو الفنان السينمائي المعبر عن رؤياه الذاتية ، وقد ظهر عام 1948م، تعبير ( الکاميرا القلم ).

فالکاميرات السينمائية تطرح و تکشف قضايا وأفکار مثلما يفعل المؤلف أو الشاعر . فالسينما لا توجد بها ستارة بل تظل الشحنة النفسية مستمرة ومتدفقة من بداية العرض إلى نهايته . وبالرغم من أهمية عناصر الفيلم الأخرى مثل السيناريو والصوت والموسيقى التصويرية إلا أن الدور الأکبر يعتمد على العناصر البصرية للفيلم ، فالعين البشرية حين تشاهد صورة تحاول أن تتجول بشکل سريع بين العناصر التشکيلية الرأسية وتجعل منها کيان واحد فهي ترى ما يقارب من سبعة لثمانية عناصــر منفصـلة في التکــوين في وقت واحد . فالعين لا تتحرك داخل الکادر بشکل عشوائي بل تتابع المساحات والکتل وباقي العناصر بالشکل الذي يفرضه المخرج والمصور معاً . ومن هنا نلاحظ الفرق بين مدير التصوير الذي يصنع جمالاً وبين ذلک الذي تکون صورته تقريرية مفتقرة للمساته في اللغة البصرية للکادر السينمائي .

                                            فيلم تحت الخط

” تحت الخط” هو عمل مهم على الصعيد الاجتماعي بمقدار أهميته فنياً بما نشاهده من متعة بصرية وإخراجية ونص عنا وعن واقعنا المرير،. أما على صعيد الأداء التمثيلي للنجم المصري ” هشام عبد الحميد” فهو قادر من البداية أن يسرق انتباهك ويثير فضولك لمتابعته حتى النهاية دون أن تغمض عينيك لحظة واحدة، وبما أنه يجعلنا نعايشه في كل شخصية يقوم بها هذا يجعلك تحترمه كفنان لأنه لا يستسهل ما يقوم به ومن شاهد الفيلم سيعرف حجم الطاقة الموهوبة الجبارة النادرة والمجهود المبذول لنرى هذه الشخصيات بكل هذه التفاصيل، ينجح الفنان المبدع المتميز الاستثنائي ” هشام عبد الحميد” عندما يجعل المشاهدين ينسون من هو تماماً تفاعلهم يصبح بشكل مجرد مع شخصيته التي يجسدها، يتفاعلون معها كأنهم يعرفونه يسمعونه ويرونه حي كأنه أمامهم.،

من البداية راهنت على نجاح العمل منذ أن شاهدت “التريلر” و على أدائه ومن يشاهد سينما عربية وعالمية سيعرف أنه رهان لن يخسر أبدآ،

ليأتي بقية الكادر ويؤكد مقولة أن نجومية وموهوبة الاسم الأول ومهما كانت لا يمكن أن تقلل من دور وأهمية الأسماء المساعدة حال كان لديه من الموهوبة ما يكفي ليثبت وجوده وباختلاف حجم دورها،

ليأتي هنا دور الطفل الموهوب ” زين إدريس ” الذي يمتلك موهبة شديدة التمييز والإبداع ويعود الفضل في ذلك إلى النجم المصري الأفضل ” هشام عبد الحميد” الذي قدمه بهذا الإبداع الفني المتكامل،

فيلم ” تحت الخط ” عمل لا يوجد به ولا خطأ من أول لحظة و في كل مشهد هناك هدف متعة وإبداع يجب الحديث عنه كثيراً وبمجرد البحث عنه تحت  الخط على اليوتيوب ستعرف ما يتركه من أثر وقيمة لدى المشاهدين، فقد حقق معادلة صعبة فنياً خصوصاً في حساسية الطرح الذي تناوله، وهو مكسب عربي وتميز مصري للسينما المصرية يخلق معه معايير جديدة ومختلفة لجودة ما يقدم،

لنكون أمام واحد من أفضل الشخصيات الإنسانية التي قدمت على صعيد السينما المصرية منذ فترة طويلة، و بعد عرضه الأول يستعد النجم المصري هشام عبد الحميد للمشاركة به في عدة مهرجانات دولية، وهو تأليف وإخراج وتمثيل وإنتاج النجم المصري {هشام عبد الحميد}،

في النهاية أود أن أنوه أن هذه هي السينما التي نحتاجها أن تنطلق من مشكلة من صميم مجتمعها وتجعلنا نعيش تجربة شخصيتها وكأنها متعلقة بنا بكل ما يحدث معها.

اقرأ المزيد نيكولاس كيدج انتقام من أجل الحب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock