مقالات

وريقات خمسينية اليوم العالمي للعمل الإنساني

الورقية الحادية عشر 

بقلم د. غادة فتحي الدجوي

اليوم العالمي للعمل الإنساني

أعزائى، من الجميل أن يقف الإنسان كل فترة و يلقي نظرة على العمر، و ينظر كيف كانت أيامه و ما العمل الذي يتقنه و يحبه، أحيانا يأخذنا شغفنا للحياه أن نتعلم الكثير و أن نعمل في مجالات عديدة ، و لكن عندما يمر العمل نقول ليتنا مشينا في هذا الطريق فقط…

أقول هذا لأنه فعلته و لكن ربما في وقته، ربما متأخرا بعض الوقت… لا أدري … لكني سعيدة أو راضية بالوقفة و النظرة…

لقد بدأت في حفل التدريس و كنت مدرسة متميزة في قلوب أولادي و بناتي ، ثم تعلمت الكثير و تنقلت كثيرا بين أعمال و أفكار ، و لكن في الخطوط البينية كنت أعمل في التنمية، و دوما كنت أخلط في الشعرة التي بين العمل الإنساني و التنوي، و ربما هذا المزيج هو الذي جعلني أعمل في مجال التنمية بالقلب أكثر من العقل، لا أدري إذا كان خطأ أم صواب، و بعد عمر و بعد الخمسين قررت أن أعمل بالتنمية من منظوري أنا و من وجهه نظري، إنها ليست ديكتاتورية و لكن كل واحد منا يعمل و تتكون لديه نظرياته و قوانينه الخاصة و التي يمكن أن تعمم ، نعم فالعلماء و الخبراء كانت لهم تجاربهم التي تعلموا منها و أصبحنا نتوارثها و لكن مع الوقت و التطور لابد أن يتطور كل ما حولنا و بداخلنا. و أهم ما في العمل التنموي و الإنساني أن تصدق نفسك عن نفسك و تحترم و تقدر كل ما مررت به من تعلم و ثقافة و تجارب.

فأصبحت مؤمنه أن العمل التنموي قلبه هو العمل الإنساني و عقله هو القوانين التي تحكمه، و يوم ١٩ اغسطس يوم العمل الإنساني أي يوم قلب العمل التنموي، و تقول ويكيديا “يحتفل المجتمع الإنساني هذا العام باليوم العالمي للعمل الإنساني بالتوازي من الذكرى السنوية العشرين للهجوم على مقر الأمم المتحدة في بغداد بالعراق. و ان العاملين في المجال الإنساني ليس لهم غاية سوى إنقاذ الأرواح وحمايتها وتوفير المستلزمات الأساسية للحياة، فهم يقفون جنبًا إلى جنب مع أبناء المجتمعات التي يخدمونها ويجلبون لهم الأمل. وفي 19 آب/أغسطس من كل عام نجتمع لتكريم العاملين في المجال الإنساني في جميع أنحاء العالم الذين يسعون جاهدين لتلبية الاحتياجات العالمية المتزايدة بغض النظر عن الخطر أو المشقة. فالعاملون في المجال الإنساني يغامرون في عمق المناطق المنكوبة وعلى الخطوط الأمامية للنزاع سعياً لإنقاذ الأشخاص ومساعدة المحتاجين وحمايتهم.”

و قد قرأت قصة في هذا الموضوع ربما تعتقدون أنها فكاهية، لكنها حقيقية و نقلتها اليكم أعزائي كما هي، إنها قصة السفيرة عزيزة… نعم السفيرة عزيزة…

حكاية من الزمن الجميل:

شخصية وطنية وحدوتة مصرية رائعة

 “السفيرة عزيزة”…عزيزة سيد شكري دحروج (١٩١٩-٢٠١٥م)

الجميع يتسال من هى السفيرة عزيزة…ولماذا سميت بهذا الاسم .. وماذا فعلت حتى تصبح أسطورة يضرب بها المثل في الجمال ورجاحة العقل.

و بالرغم من اعتياد اللسان على ذكرها في امثالنا الشعبية إلا أن الكثير منا لا يعلم من هى و ما قصتها التي تعتبر علامة قوية في رحلة كفاح المرأة المصرية لاثبات ذاتها بالرغم من الظروف التى كانت تقف أمامها في هذه الحقبه التاريخية من تاريخ مصر الحديث (١٩٠٠-١٩٥٠م) التى كانت لا تسمح للمرأة إلا بالقليل .

ولدت عزيزة فى مدينة ميت غمر وبالتحديد فى عام ١٩١٩ م، والدها الطبيب سيد شكرى دحروج والذي سماها عزيزة على اسم والدته، وكان الاب هو المعلم الاول للفتاة الصغيرة تعلمت على يديه العطاء وبلا حدود فقد شاهدت والدها الطبيب يوفر جميع سبل الراحه لوالدتها المريضة بالزهايمر ولها خمسة أطفال، وفي سن العاشرة شاركت والدها في رعاية الأسرة خاصة اخوها حسين الذي ولد مصابا بالصمم.

 وفى عام ١٩٣٨ وقف والدها بجانبها وكان داعما لها حتى استكملت عزيزة دراستها و التحقت بالجامعة الأمريكية، وبعد تخرج السفيرة عزيزة من الجامعة عام ١٩٤٢م بدأت أولى خطواتها فى مشوارها واهتمت بالاعمال الخيرية كمتطوعة وتتلمذت علي يد زوجة العالم البلجيكي بهمان في “نادي سيدات القاهرة” فتعلمت إدارة وإنشاء الجمعيات.

وفى سنة ١٩٥١م تزوجت عزيزة هانم من أحمد حسين بك والذي عين وزيرا في وزارة النحاس باشا وبدأت هى وزوجها رحلة الكفاح الاجتماعى وحاولت التعرف على أحوال الفلاحين وحل مشكلاتهم وبدأت من قرية سنديون، وقبل الثورة بأيام تولي أبوها الدكتور سيد دحروج وزارة الصحة في آخر وزارة ايّام الملك (نجيب الهلالي)وكانت عزيزة خارج مصر.

سافرت عزيزة هانم بصحبة زوجها أحمد باشا حسين إلى الولايات المتحدة الأمريكية بناء على دعوة من الأمم المتحدة، فقد دعي زوجها لدراسة التنمية الريفية في دول الكاريبي والمكسيك، بينما دعيت هي بصفتها خبيرة اجتماعية فكانت أول سيدة من المنطقة العربية تجوب دول العالم لإلقاء محاضرات عن العمل الاجتماعي، كما ألقت محاضرات في ٤٠ ولاية أمريكية وكانت مؤيدة للثورة عند قيامها نظرًا لمبادئها في العدالة الاجتماعية، وبعد ذلك تولى زوجها منصب سفير مصر في الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تولت هي رئاسة الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة بالأمم المتحدة، ويقال أن لقب “السفيرة عزيزة” أطلق عليها بسبب عملها بالأمم المتحدة وتمثيلها المشرف للمرأة المصرية هناك.

 عادت عزيزة وزوجها إلى القاهرة ونظرا لتاريخه ولقربه من عبد الناصر تولى حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية ولكنه لم يستطيع الاستمرار واستقال من منصبه.

وكان للسفيرة عزيزة العديد من الخدمات الاجتماعية التى كانت غريبة على الشعب المصرى فى هذا التوقيت مثل تنظيم الاسرة وإنشاء حضانات خاصة بالاطفال فى القرى المصرية.

في عام ١٩٧٧م رشحها محمود سالم لوزارة الشئون الاجتماعية لكنها رفضت واختارت ان تمضي في خدماتها الاجتماعية مستقلة، رحلت في ١٩ يناير ٢٠١٥ تاركة إرثًا عظيمًا للعمل الاجتماعي يتوجه التواضع قائلة جملتها الشهيرة”النجاح هو عمل يستفيد منه الآخرون”.

هذه هى السفيرة عزيزة الحقيقية، وليست النجمة سعاد حسنى كما شاع بعد فيلمها السينمائى الشهير الذى يحمل ذاك المسمى وشاركها البطولة فيه شكرى سرحان عام ١٩٦١م، هى أيقونة نضال المرأة المصرية فى العمل الاجتماعى، وحماية حقوق النساء، والرمز الدبلوماسى الرفيع.

تحياتي، الصورة للسفيرة عزيزة في شبابها وشيخوختها…هي شرف لمصر وكل أمرأة مصرية.

 و الأن يا كل مصرية، لن أقول لكن نصائح كيف يكون لك دورا في الحياة الإنسانية أو التنموية، بل سأقول… الحقن حولكن عن القضايا الصغيرة في بيوتكن و الأحياء التي تعيشون فيها، و ابحثن عن مبادرة صغيرة أو حل تتشاركن فيه، ليس مهم أن تكون القضية عالمية أو الحل خرافي…

 ‏المهم أن تكون القضية حقيقية و الحل إنساني و لو بإبتسامة أو وجبة أو كتاب أو صحبة طيبة…. فتكون التنمية الإنسانية …

 ‏و لتبحث كل واحدة فينا بداخلها عن السفيرة عزيزة

و لتحيا الحياه … و يحيا قلب التنمية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock