شعر وحكاياتعام

معصب العينين

معصب العينين


بقلمي: رشيدة أيت العسري


معصب العينين
يرى السواد يعم الأجساد
روائح العدم تفوح
تطفئ القلوب.

يتراجع القهقرى
يهذي بكلمات
لم ينطق بها من قبل
يركض بلا وجهة
يحاول الهروب.

سلاسل بمعصمه
بقسوة الحدث
تذكره
تُسيل دماءه
تنهش لحمه
تغرس الندوب.

على الجدران
يرسم الوطن
رجال ونساء
أطفال وعجائز
تُسلَب حياتهم
يا لها من حروب.

كرسي الحرية
تحت شجرة الزيتون
شاغر
من نافذة القبو
يرميه بعظم الزيتون
على وجهه
يزداد الشحوب.

عصافير الصباح
تزوره من جديد
يرشيها بفتات خبز أسود
عساها تؤنس وحشته
قبل الغروب.

في الظلام الدامس
يستجدي النور
من شمس
لم يسمع عنها منذ شهور
مذ أعادوا
سدّ شقوق الجدران
والثقوب.

كل ليلة قبل النوم
يتخيل أهل الكهف
ورحمة الرب
وغفران الذنوب

ينعمون بأيد رؤوفة
تقلبهم
ذات الشمال وذات اليمين
كيف أذن الله للشمس
أن تتسلل من ثقوب

منذ سنين
لم ينعم براحة بال
ولا حسن حال
غير أنه اليوم زاره طائر الحسون
غرد له اللحن الطروب

في الصباح الباكر
استيقظ على صوت دبابة
قرأ الأذكار
أكثر التسبيح
وجدد الوضوء والسجود

دوي القنابل
يعم الفضاء
تسقط الجدران
تسقط الشعوب

نور قد عمى عينيه
مغمض مصدوم
أفرحة أم فزعة حلت به؟!
إلى أين الهروب؟

ركض وركض
شكر الرب وأسهب
نطق كلاما لا يفهمه
شق طريقا لا يعرفه
سمع عويلا لا يأبه له
إنه الخلاص المرغوب

قواه تخر و تخر
تتباطأ خطاه
تلفحه أشعة الشمس
يظمأ حلقه
يسقط المرعوب

قبيل الفجر ديك يصيح
تتبعها زقزقات طيور
ورائحة خبز التنور

لأول مرة
تتضح له الرؤية
داخل خيمة هادئة
يستلقي ..
وقربه مشروب

بوله يبلل ريقه
كأنه روى ظمأ أعوام
ترددت نظراته حول المكان
فدخل شيخ ،
بيده طعام من كل الضروب

يسأله صاحبنا
من أنت ؟وأين أنا؟
وكيف صرت هنا؟
بابتسامة مطمئنة
ونظرة هادئة
أنا شيخ القبيلة
من الجنوب

وجدك أعواني
مغشيا عليك في الجوار
أحضروك البارحة
قبيل الغروب

قطبنا جراحك
أشربناك الدواء
حتى أذهبنا الحمى
ونمت في هدوء

مكث في القبيلة
حتى طابت جراحه
واستردّ قوته..
ثم رحل الجندي يعقوب
بحثا عن حقه المسلوب..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock