عاممقالات

حكايات من بهية “الحكاية الخامسة” عاطفة الأمومة محور تلك الحكاية

حكايات من بهية "الحكاية الخامسة"   عاطفة الأمومة محور تلك الحكاية


بقلم إيناس رمضان 
وراء كل بهية حكاية وحكاية النهاردة لم أتوقع أحداثها فقد كنت أظن أنها تتشابه مع العديد من الحكايات هناك إلا أن طلبت مني “نورا سيد كامل” أن أكتب حكايتها لأوافق على الفور لأكتشف حكاية بهية مختلفة لم أكن أعلمها من ذي قبل فأنا لا أسمح لنفسي بالخوض بداخل أي بهية إلا بالقدر الذي تسمح به لي وبدأت تحكي ووجدتني أنصت جيدا وبأهتمام لكل كلمة وكل جملة لما تحمله من رسائل متعددة أتمنى أن أتمكن أن تصل للقارئ العزيز. 

دعوني أعرفكم على تلك المرأة البهية . 

” نورا “من مواليد 1978 تعرفت عليها منذ أيامي الأولى في بهية وكنت أظنها متطوعة تساهم في دعم المتعافيات بحنانها المتدفق وابتسامتها الصادقة فقد كانت تمنح الأمل لكل من حولها ولكن أدركت مع الوقت أنها مريضة وفي حاجة للعلاج ولكن ما طبيعة مرضها ؟ 
لم أكن على علم بتفاصيله وأجدني في حيرة فهل أبدأ بمعاناة الطفلة أم الأم الشابة أم تلك السيدة التى بلغت الأربعين من عمرها وما زالت ابتسامتها رقيقة ناعمة تخرج من ذلك القلب الذي عانى منذ الصغر. 
نورا طفلة عانت من وجود العديد من الأورام الحميدة التي اكتشفتها في سن صغيرة ولم تمنعها من ممارسة حياتها بالشكل الطبيعي فتزوجت في بداية العشرينات وأنجبت طفلها الأول “عبد الرحمن” وهي في غاية السعادة فالأمومة حلم يراودها منذ الطفولة فكانت تحلم بإنجاب أطفال كثيرون يسند كلا منهما الآخر لأنها كانت دائما تتذكر الوحدة والمعاناة التي عانت منها هي وأخوها الوحيد بعد وفاة والدتها وهي في الخامسة عشر من عمرها وانشغال الأب فعزمت ألا تكرر هذا المشهد مع أولادها وتمنت أن تنجب عدد من الأطفال وشاركها زوجها المحب تلك الأمنية ولكن بدأت الأورام تقف عائقا في تحقيق حلمها وبدأت تفقد كل جنين ينبت في أحشائها إلى أن نصحها أحد الأطباء بضرورة استئصال ورم معين حتى تتمكن من الإنجاب وبالفعل تم الاستئصال في أحد المستشفيات الحكومية وتقول نورا أنها كانت تشعر بالإهانة هناك لعدة أسباب وأضافت أنها تعرضت لكسر في الضلع أثناء إجراء أشعة الرنين لزيادة وزنها وحجمها في تلك الفترة نتيجة تلقي العديد من الأدوية و الهرمونات لحدوث حمل وتقرر بعد ذلك عدم استكمال العلاج لمدة سنتين ويشاء القدر أن تحمل نورا في طفلها الثاني بعد عملية الاستئصال بشهرين وتنجب “سجدة” وتزداد سعادة فقد منحها الله طفلة جميلة لتكن أختا لها ترافقها بعد سنين من الوحدة وسند تعتمد عليه عند الكبر ولكن ما زالت تبحث عن رحلة الإنجاب فهي لم ترسو إلى بر الأمان الذي تصبو إليه نفسها فهي تخشى على عبدالرحمن وسجدة من الوحدة في غياب آحدهما كما كانت تشعر عند غياب أخيها. 
وفي تلك الفترة فقدت نورا خالاتها الوحدة تلو الأخرى حيث تم اكتشاف إصابتهن بالسرطان فاتجهت إلي القصر العيني وهناك تم توجيهها إلي مؤسسة بهية التي كانت تحبو أولى خطواتها كمؤسسسة متخصصة لعلاج سرطان الثدي في 2015 وتم استئصال جزء من الثدي الأيسر وطلب الطبيب تحليل “جورجيا الأورام الوراثية” لتحديد نسبة الجين الوراثي ليتمكن من تحديد إذا كانت عرضة للإصابة من عدمه وبالفعل أجرت التحليل في معهد الأورام ووجد ارتفاع نسبته وكان القرار بضرورة استئصال الثديين والرحم كعلاج تحفظي لتجنب الإصابة بالمرض اللعين. 
وبدأت نورا تسترجع شريط الحياة وتتذكر والدتها وما كانت تعاني منه والأعراض الظاهرة التي مازالت محفورة في ذهنها وشكوتها لها رغم صغر سنها فقد كانتا صديقتان حميميتان لتدرك بعد هذه الفترة أن ووالدتها كانت مريضة بسرطان الثدي دون أن تعلم أو يعلم أحد مما حولها ولم تلجأ للعلاج فكانت تتحامل على نفسها لخدمة أولادها وانشغالها في العمل على حساب صحتها إلى أن توفاها الله بعد معاناة صامتة مع عدو شرس ولكن بماذا كانت تفكر نورا وهل دفعها ذلك للعلاج ؟
الحقيقة أن الإجابة بعيدة كل البعد عن كل تصور فقد كانت تفكر في هدفها وتدعو الله أن يتحقق حلمها بإنجاب طفل ثالث ولصدق سجيتها منحها الله “حمزة” رغم كل هذه المعاناة ولكن” نورا “جبل من الصبر والرضا والصدق في كل شئ. 
لا تنكر أنها كانت خائفة من الإنجاب في تلك الفترة فقد تفقد الحياة ولكنها لم تتراجع فيكفي شعورها بأنها تركت ذكرى طيبة كما تمنت. 
بعد إنجاب نورا أولادها الثلاثة وتحقيق حلمها التي رجت الله كثيرا لتحقيقه حاول الأطباء في بهية إقناعها بضرورة إجراء العملية دون جدوى – قبل أن يهاجمها المرض- وكانوا هم من يبحثون عنها لتتوارى عن أعينهم إلا أن توفيت قريبة تكبرها بعدة سنوات قليلة بعد اكتشاف المرض مباشرة قبل بداية العلاج فأدركت أن ناقوس الخطر بدأ يدق بعدها تقرر نورا الإصغاء إلي د. أشرف الزيات استشاري جراحة أورام الثدي في بهية الذي تبنى حالتها كأب قبل أن يكون طبيب وأوضح لها جميع الحلول الممكنة وبدأت تستجيب وتقرر إجراء العملية بعد أن استشارت زوجها الذي كان نعم الداعم لها طوال حياتها ولم يتردد لحظة في الموافقة على إجراء العملية للحفاظ على شريكة حياته وحب العمر. 
أجرى د. أشرف الزيات لنورا العملية الشهر الماضي ومرت بسلام رغم المخاوف فهي تعاني من حمى روماتيزمية في القلب منذ الصغر ولكن شملها الرحمن برعايته ثم أخذت عدد من جلسات العلاج الطبيعي لتعود نورا الداعمة إلى بهية. 
وبقلب راضى كعادتها تستعد بعد عدة شهور لاستئصال الرحم كنوع من العلاج التحفظي أيضا. 
وتنصح نورا كل إمرأة للاهتمام بصحتها ونفسها بعد تجربة والدتها وتجربتها الشخصية مع المرض لتتمكن من أن تسعد نفسها و أسرتها وتحافظ علي أولادها ، كما تحث على ضرورة التوعية بالكشف المبكر لحماية كل السيدات وأضافت أنها فخورة بوجود مؤسسة بهية في حياتها لأنها منحتها كل شئ الحب والحنان والأمان والأخوات التي كانت تتمنى وجودهم في الحياة منذ أن كانت طفلة ليس هذا فقط ف “بهية” تمثل لها الحياة وهي الآن قادرة على تقدير ورؤية البشر على حقيقتهم بعد هذه التجربة. 
عادت “نورا” إلى بيتها وزوجها وأولادها ولكل بهية وابتسامتها تنير وجهها كمثال يحتذى به وشعاع أمل يخترق الجدران المظلمة ولنعلم أن الله قادر على كل شئ وأن عطائه يفوق تصور البشر. 
وإلي لقاء آخر وحكاية بهية جديدة من بهيات بهية
حكايات من بهية "الحكاية الخامسة"   عاطفة الأمومة محور تلك الحكاية

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock