عاممقالات

تعريف الإرهاب و جذوره التاريخية


تعريف الإرهاب و جذوره التاريخية


بشار الحريري

مقدمة :

يعتبر الإرهاب الشغل الشاغل اليوم للدول و أصبح سعارا للجدل، وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل صياغة بل تحديد مفهوم الإرهاب،محاولة لوضع تعريف له إذ أنه ليس هناك أدنى اتفاق حول تعريف دقيق ومحدد من كافة دول وشعوب العالم لمفهوم الإرهاب ،حيث عمدت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إفشال أية جهود لوضع تعريف للإرهاب Terrorism لكي لا يقيدها في تنفيذ سياساتها التي تنبع أولا وأخيرا من النبع الصهيوني وكي يبقى كمسمار جحا تطبقه وقت ما تريد و أينما تريد بما يتناسب و أهواءها وأهداف “إسرائيل” من خلال إلباسه الزي الذي تريد .

لذلك سأتناول هذا البحث من خلال المخطط التالي :


أولا – الجذور التاريخية للإرهاب .

ثانيا – تعريف الإرهاب لغة .

ثالثا – الإرهاب في بعض التشريعات الأجنبية والعربية .

رابعا – الإرهاب في القانون الدولي .

خامسا – الخلاصة .

أولاً – الجذور التاريخية للإرهاب :


إن ظاهرة الإرهاب بما تتضمنه من استخدام للقوة وقتل الأبرياء وبعث الفزع والرعب وإلحاق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة تعد ظاهرة قديمة ،تطورت تاريخيا عبر تطور المجتمع الدولي . إلا أن استخدام مصطلح الإرهاب يعود ظهوره إلى القرن الثامن عشر وبداية ظهور الثورة الفرنسية، وبالتحديد كما يذكر فلاديمير يوشاكوف استخدم في القانون المتعلق بالإرهاب الصادر في 10 حزيران عام 1794 كوسيلة للتخلص من كافة القوى التي قامت بالثورة الفرنسية. وقد أطلق على مجموع الثوريين الذين بدأت ضدهم عمليات تصفية واسعة بعد انتصار الرجعية في فرنسا . واخذ بعد ذلك مصطلح الإرهاب بالاتساع حيث أخذت العديد من الوثائق الرسمية ذات الصفة الدولية أو الإقليمية تشير إليه.

 ومن أبرز هذه الوثائق :


1 – اتفاقيات لاهاي لعام 1907 :

 حيث جاء في المادة/22/منها ما نصه (( اعتبار إرهاب السكان المدنيين وتخريب الممتلكات الخاصة التي ليست لها صفة عسكرية و إصابة غير المحاربين أعمالا إرهابية )).

حتى انه في عام 1923 تم تضمين هذه الفقرة في مشروع اللجنة القانونية التي عهد إليها إعادة النظر بالقوانين الحربية وذلك نتيجة الخسائر الفادحة التي نتجت عن الحرب العالمية الأولى وخروج بعض المحاربين على القوانين السابقة المتعلقة “بإرهاب السكان المدنيين ” وجاء في هذه الفقرة ما نصه ” حظر القصف الجوي الذي يهدف إلى إرهاب السكان المدنيين ” .

2 – نظرية طوبار وزير خارجية الإكوادور : 

التي تضمنتها رسالته المؤرخة في 15 /3/1907 والتي أشارت إلى الامتناع عن الاعتراف بحكومة أجنبية منبثقة عن وسائل العنف كإنقلاب عسكري أو ثورة شعبية . وقد تكرر مضمون رسالة طوبار هذه عام 1920 على لسان ايسترادا وزير خارجية المكسيك عندما قال (( إن كل حكومة تأتي عبر وسائل العنف والقوة سواء سميت إنقلابا أم ثورة أم عصيانا، ويتم الاعتراف بها ، يعتبر ذلك إهانة موجهة إلى الدول )).

ومن الملاحظ أن المستفيد الأول والأخير من اتساع ظاهرة الإرهاب ونشرها في العالم هو الاستعمار والصهيونية والإمبريالية الأميركية . إذ أنه مع بدايات القرن العشرون والذي يعتبر عصر التحرر والتخلص من الاستعمار بكافة أوجهه وبشكل دقيق بعد قيام ثورة إكتوبر الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي عام 1917 والتي أنهت سيطرة البورجوازية والإقطاع ورسخت سيطرة الجماهير الكادحة بدأت تظهر للوجود دول عانت شعوبها من ويلات الحروب ، من خلال الثورات الشعبية ضد الإستعمار وكل أشكال السيطرة الإستعمارية، أخذت الدول الرأسمالية آنذاك تطلق على جميع هذه الثورات صفة الإرهاب والإرهابيين .

في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تسعى بكل قوتها وجبروتها إلى فرض سيطرتها على العالم من خلال أمركته، حيث جاء في رسالة كتبها روزفلت إلى السيناتور هنري كابوت لودج آنذاك : (( أمل أن ينفجر الصراع عما قريب،وقد أقنعتني صيحات الاجتماع التي أطلقها أنصار السلام أن البلاد تحتاج إلى الحرب . )) . وقول روزفلت أيضا : (( إن قدرنا هو أمركة العالم ،تكلموا بهدوء واحملوا عصا غليظة ، عندئذ يمكن أن تتوغلوا بعيدا ً . )) .
وإن كان هناك من الباحثين والمفكرين يرجع بمصطلح الإرهاب إلى حقبة زمنية أبعد مما تقدم بكثير مفترضين أن الإرهاب حدث ويحدث على مدار الحياة البشرية والتاريخ الإنساني في جميع أنحاء العالم .

فقد كتب المؤرخ الإغريقي زينزفون ( 349 – 430 ق . م ) عن المؤثرات النفسية للحرب و الإرهاب على الشعوب . وقد استخدم حكام روما من أمثال ايبروس (14-37م) وكالجولا (37-41م) العنف ومصادرة الممتلكات والإعدام كوسائل لإخضاع المعارضين لحكمهما . ولعل محاكم التفتيش التي قام بها الإسبان ضد الأقليات الدينية ( المسلمين خاصة ) أهم محطات الإرهاب في التاريخ الغربي . في حين أن بعض الدول قد جعلت الإرهاب جزءا من خطتها السياسية مثل دولة هتلر النازية في ألمانيا.

و حكومة الكيان الصهيوني ضد شعبنا العربي في فلسطين . من كل ذلك نجد بأن مصطلح الإرهاب إنما استخدم من اجل التغطية على التحولات والحركات التحررية التي برزت آنذاك بل أكثر من ذلك حيث أطلق على هذه الحركات والذين يقودونها صفة الإرهاب والإرهابيين .

وكنتيجة لكل ذلك برزت تسميات مختلفة للإرهاب حددتها الدول الغربية من خلال الطبقة الرأسمالية الحاكمة منها :


1 – الإرهاب الأبيض : 

وهو جميع الممارسات والأعمال التي تقوم بها الرأسمالية بدولها وأجهزتها المختلفة والموجهة في جوهرها ومضمونها ضد حركات التحرر الثورية وضد قوى التقدم المناهضة للرأسمالية وضد فئات الشعب الكادحة .

والهدف من هذه التسمية تبرير جميع الممارسات الإرهابية التي تمارسها الرأسمالية على الدول والشعوب الأخرى التي تناضل لنيل حريتها واستقلالها . 

2 – الإرهاب الأحمر : 

وهو جميع الممارسات والأعمال التي تقوم بها الأحزاب و حركات التحرر والقوى التقدمية في العالم لإحداث تغيير جذري لصالح الجماهير الكادحة ضد الرأسمالية والطبقات والفئات الإقطاعية .

وكان الهدف من وراء التسمية هو القضاء على حركات التحرر والقوى التقدمية من تحقيق أهداف الجماهير الكادحة من جهة وتبرير سيطرة القوى الرأسمالية وممارساتها الإرهابية من عنف وقهر واستغلال ضد دول وشعوب العالم .
وهنا يمكننا القول بأن الإرهاب لا دين له ولا قومية ولا جنسية فقد وجد في اليهود والنصارى ومن تستر بالإسلام ولدى الهنود وغيرهم على مر العصور .

ولكن من الواجب القول وبكل موضوعية بأن اليهود استخدموا الإرهاب على مر العصور وحتى قيام دولتهم العبرية المزعومة داخل فلسطين وخارج فلسطين إلى يومنا هذا مستمرين بارتكاب أبشع صور الإرهاب من قتل للأطفال والشيوخ والتنكيل بهم.

وهذه الحقيقة أكدها المهاتما غاندي عام 1946 بقوله : (( لقد أخطأ اليهود خطأ فادحا بالسعي لفرض أنفسهم في فلسطين بمساعدة بريطانيا والآن بمساعدة الإرهاب السافر . )) . (( the Jews have erred grievously in Palestine with the aid of Britain and now with the aid of naked terrorism. )). Mahatma Gandhi 1946

وقد مارس اليهود أسوأ أنواع الترهيب في كل شبر من أرض فلسطين ….الخ . ومن أبرز الأشكال التي اتبعتها الحركة الصهيونية في ممارسة أسوأ أنواع الترهيب كما رصده الأستاذ وليد الخالدي نبينها وفق الآتي :

أ – الهجوم على الأشخاص المتمتعين بحماية دولية ،إذ أن عصابة اشتيرن بزعامة اسحق شامير قد قتلت في 12/9/1948 الكونت فولك برنادوت أول وسيط دولي للأمم المتحدة في فلسطين .

ب – إبادة الجنس البشري والتي تتمثل في مجزرة دير ياسين بتاريخ 17/4/1948 الأرغون برئاسة مناحيم بيغن ومجازر صبرا وشاتيلا ومذابح جنين التي ارتكبت على يد السفاح والإرهابي شارون . والمجازر اليومية التي ترتكب على مرأى من العالم وبرعاية من الولايات المتحدة الأميركية ومباركة شخصية من الإرهابي بوش وإدارته الإرهابية والتي تمثلت مؤخرا خلال شهر آذار 2008 بالمحرقة في غزة بقتل الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين .

من كل ما تقدم ترتسم أمامنا الحقائق التالية :

1 – إن أول من استخدم الإرهاب كوسيلة من وسائل القوة الأنظمة الرجعية في أوربا ثم في أميركا وذلك لمواجهة الثورات والانتفاضات الشعبية ضد الطبقات المستغلة في المجتمع.
2 – إطلاق صفة الإرهاب على الثورات والانتفاضات الشعبية من قبل الدول والأنظمة الرأسمالية ،لكي تبرر ممارساتها الإرهابية في قمع هذه الثورات و الانتفاضات التي تناضل من أجل تعزيز التقدمية في المجتمعات .

3 – تغييب وبشكل مقصود معنى الإرهاب أو تحديد معنىً أو صفةً للإرهاب من قبل الأقليات الإقطاعية والرأسمالية المسيطرة والتي تمارس الإرهاب الحقيقي ضد الجماهير من أجل عملية الخلط وتضييع معالم إرهابها مع الثورات والانتفاضات الشعبية ضد الأقلية الرأسمالية والإقطاعية المسيطرة في المجتمع للتخلص من كل مظاهر الاستغلال والتسلط والقمع وتحقيق كل مظاهر العدالة والحرية والمساواة والبحث عن إنسانيتها المغيبة .

والجدير بالقول كما أسلفنا بأن ظاهرة الإرهاب ليست حديثة النشأة لكن أحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001 جاءت لتصعد الأمور من جديد باستخدام الإرهاب السافر وأشد أنواع الترهيب بشن حرب على حضارة معينة بأكملها مهما ادعى مرتكبيه العكس . الأمر الذي يدعو إلى ضرورة تحديد وبيان ماذا يعني الإرهاب وما هو تعريفه حتى لا يبقى غامضا تتلاعب به الولايات المتحدة الأميركية ومن وراءها الصهيونية العالمية كما تريد من أجل أن تحقق رغباتها وأهدافها .

ثانيا – تعريف الإرهاب :


في اللغة العربية : تشتق كلمة إرهاب من الفعل المزيد أَرْهَبَ، ويقال أرْهَبَ فلاناً:أي خوّفه وفزّعه رَهِبَ-رَهْبَةً ورُهْباً ورَهْباً ورَهَباً ورُهْبَاناً ورَهَبَاناً : خاف . يقال( لم أَرْهَبْ) أي : لم أسترِب بك. وأَرْهَبَهُ : خوَّفهُ . يقال:/أرْهَب عنه الناس بأْسُهُ ونجدتُهُ/ أي : أن بأسه ونجدته حملا الناس على الخوف منه . تَرَهَّبَ : صار راهبا وتعبد // و – ه ُ :توعّده. إسْتَرْهَبَ هُ : خوَّفه. – الرُهْبَة والرُهْبَى والرَهْبَى والرَهْبَاء : الخوف . – الراهب (ف) ج رُهْبان : الخائف //من اعتزل عن الناس إلى دير طلبا للعبادة//ز وأصله من الرَّهْبة أي الخوف . – الرَاهِبَة : ج راهِبَات و رَوُاهِب : مؤنث الراهب// الحالة التي تفزع //.

– الرِهيب و المَرْهوب : ما يُخاف منه . الرُهْبان ج رَهَابين م رُهْبَانة ج رُهْبَانَات:الراهب . – الرُهْبَان ج رَهَابِين و رَهَابِنية ورَهْبَانون م رَهْبَانَه ج رَهْبَانَات : المُبالغ في الخوف كَالخَشْيان من خشِي . – الرَهْبَنَة : اسم من معنى الراهب أي اتخاذ طريقة الرهبان . الرَهْبَانيَّة و الرُهْبَانِيَّة : طريقة الرُهْبَان . الرَهَبُوت والرَهَبُوتَى : الخوف الشديد . – الإرْهَابيّ : من يلجأ إلى الإرهاب لإقامة سلطته//الحكم الإرهابي// : نوع من الحكم يقوم على الإرهاب والعنف . المَراهِب : الأهوال والمخاوف .

الجدير بالذكر أن القرآن الكريم اقتصر على استعمال صيغ مختلفة الاشتقاق من نفس المادة اللغوية ، بعضها يدل على الإرهاب والخوف والفزع والبعض الآخر يدل على الرهبنة و التعبد .

حيث وردت كلمة إرهاب بل مشتقات الفعل رهب سبع مرات في القرآن الكريم وفي مواضع مختلفة منه لتدل على الخوف والفزع نبينها كما يلي : – ( يَرْهَبُون ) : ( وفي نُسْخَتِها هدى ورحمة للذين هم لربهم يَرْهَبُونَ ) الأعراف: 154 – ( فارْهَبُون ): ( وأوفوا بعهدي أوفِ بعهدكم وإياي فارْهَبُون ) البقرة : 40. ( إنما هو إله واحد فإياي فارْهَبُون ) النحل : 51 . – ( تُرهِبُون ): ( و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل تُرهِبُون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم ). الأنفال 60. – ( استَرهَبُوهُم ): ( و استَرهَبُوهُم و جاءوا بسحر عظيم ) الأعراف :116 . – ( رَهْبَة ) : ( لأنتم أشد رَهْبَة في صدورهم من الله ) الحشر : 13 . – ( رَهَباً ) : ( ويدعوننا رغبا و رَهَباً وكانوا لنا خاشعين ) الأنبياء : 90 .

كما وردت مشتقات نفس الفعل رهب خمس مرات في مواضع مختلفة من الذكر الحكيم لتدل على الرهبنة والتعبد نبيها وفق الأتي : – ورد لفظ ( الرهبان ) في سورة التوبة : 34 . – ورد لفظ ( رهباناً ) في المائدة : 82 . – ورد لفظ ( رهبانهم ) في التوبة : 31 . – (رهبانية ) في الحديد : 37 .

بينما لم ترد مشتقات نفس الفعل رهب بشكل كثير في الحديث النبوي الشريف . ولعل أشهر ما ورد هو لفظ ( رهبة ) في حديث الدعاء : ” رغبة ورهبة إليك ” .

وفي هذا الصدد يقول أستاذي الدكتور محمد عزيز شكري رحمه الله : في المواضيع المختلفة التي وردت فيها مشتقات / رهب / في القرآن الكريم فقد استعملت هذه الكلمة مرة واحدة منها فحسب بمعنى ترهيب العدو خلال الجهاد بقوله تعالى : ((و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل تُرهِبُون به عدو الله وعدوكم)) الأنفال 60. أما في بقية الآيات التي وردت فيها مشتقات المادة / رهب / فقد استعملت كلمة الرهبة من أجل الدعوة إلى مخافة الله عز وجل ليس إلا.

وفي اللغة الانكليزية : كلمة إرهاب بإضافة اللاحقة( ism ) إلى الاسم (terror ) أي : (terrorism) تعني فزع ورعب وهول . كما يستعمل منها الفعل(terrorize ) بمعنى : يرهب ويفزع .

وإن الإرهاب (terrorism ) هي كلمة مشتقة من الأصل اللاتيني ( terrere – Tersere ) أي : بمعنى جعله يرتعد ويرتجف . وكلمة ( terroriser ) بمعنى أَرْهَبَ ، رَوَّعَ وتصريفها إرهاب ، ترويع: (terrorism )، إرهابي ( terroriste ) . وفي اللغة الفرنسية : ورد تعريف ( terreur ) في قاموس الأكاديمية الفرنسية لعام 1694 على أنه : رعب ، خوف شديد ، اضطراب عنيف . والرهبة ( terrer ) كما جاء تعريفها في المعجم القانوني لمؤلفه black هي : ذعر أو رعب أو فزع أو حالة ذهنية تسببها الخشية من إلحاق ضرر جراء حادث أو مظهر معاد أو متوعد أو هي خوف يسببه ظهور خطر .

وكلمة الإرهاب بالانكليزية (terrorism ) تقابلها بالفرنسية كلمة ( terrorisme ) وهما بنفس المعنى تدلان على استخدام أساليب إرهابية من قبل أشخاص عاديين . أي : ليسوا في موقع السلطة . أما لو استعملت هذه الأساليب من قبل أفراد في السلطة من أجل السيطرة. فهنا تعني كلمة ( terror – terrour ) بالانكليزية والفرنسية .

الإرهاب كما اصطلح عليه فقها : بالرغم من كثرة الحديث حول ظاهرة الإرهاب إلا أن المفكرون والسياسيون حتى الدول يختلفون في تعريف الإرهاب ،كل ينظر له من خلال موقفه الإيديولوجي وانتمائه الفكري بل ومصالحه السياسية والاقتصادية . حيث أنتج هذا الاختلاف تعاريف متعددة ومختلفة لمفهوم الإرهاب .

فالأستاذ شميدا schmid : في كتابه عن الإرهاب السياسي /1983/ (Political Terrorism ) قد أجرى استبيانا على مائة من الدارسين والمختصين في هذا المجال كاجتهاد منه للتوصل إلى تحديد مفهوم للإرهاب فكانت النتائج توصل إلى وجود عناصر مشتركة في تعريفات عينة المدروسين المائة تتمثل في :

– الإرهاب هو مفهوم مجرد بلا كنه محدد . – التعريف المفرد لا يمكن أن يحصي الاستخدامات الممكنة للمصطلح .

– يشترك العديد من مختلف التعريفات في عناصر مشتركة .

– معنى الإرهاب ينحصر عادة بين هدف وضحية .

إن شميد اعتبر الإرهاب على أنه أسلوب من أساليب الصراع الذي تنفع فيه الضحايا الجزافية أو الرمزية كهدف عنف فعال .
يعرف جيكنز الإرهاب: (بأنه العنف الذي يهدد ضحاياه سواء كان بممارسة الأفراد والجماعات للعنف المصمم ميدانياً لتحقيق الخوف أو الرهبة الذي يأتي على ضحية الإرهابي الذي قد لا تكون له أي علاقة بقضية الإرهابي.. إن الإرهاب هو العنف الموجه للعامة المراقبين ويكون الخوف هو الأثر المستهدف تحقيقه) .

حيث يرى جيكنز أن الإرهاب هو ما يفعله الأشخاص الطالحون أو ما يفعله خصومنا أو أنه مجموعة الأفعال التي لا تستوعبها .

في حين أكد جوناثان وايت/1991/ : في مدخله عن الإرهاب على عدم وجود تعريف واحد لمفهوم الإرهاب .

لذلك فهو رأى أن يعرف الإرهاب من خلال أنماط مختلفة للتعريف: – نمط التعريف البسيط و العادي للإرهاب ، ويعني عنفا أو تهديدا يهدف إلى خلق خوف أو تغيير سلوكي .

– النمط القانوني لتعريف الإرهاب : ويعني عنفا إجراميا ينتهك القانون ويستلزم عقاب الدولة .

– التعريف التحليلي للإرهاب : ويعني عوامل سياسية و إجتماعية معينة تقف وراء كل سلوك إرهابي .

– تعريف رعاية الدولة للإرهاب :

ويعني الإرهاب عن طريق جماعات تستخدم بواسطة دول للهجوم على دول أخرى . – نمط إرهاب الدولة : ويعني استخدام سلطة الدولة لإرهاب مواطنيها ..

– أما بلاك black فإنه يرى في مؤلفه المعجم القانوني أن الرهبة تعرف على أنها ذعرا أو رعب أو فزع أو حالة ذهنية تسببها الخشية من ضرر جراء حادث أو مظهر معاد أو متوعد أو هي خوف يسببه ظهور خطر. ويرى أن عنف الترهيب يمكن أن يرتكب إما لأسباب عادية أو لأسباب سياسية ويمكن أن ترتكب أفعال عنف الترهيب من قبل فرد أو مجموعة أفراد تشكل عصابة أو جمعية أو منظمة .

وكذلك يمكن أن تقترف من قبل دولة من الدول أيضا ويطلق على هذا الشكل إرهاب الدولة أو إرهاب تسانده الدولة أو إرهاب ترعاه الدولة .

بينما الأستاذ شريف بسيوني يقدم تعريفا آخر للإرهاب حيث يقول : (( الإرهاب هو إستراتيجية عنف محرم دوليا تحفزها بواعث عقائدية /إيديولوجية/ أو تتوخى إحداث عنف مرعب داخل شريحة خاصة من مجتمع معين لتحقيق الوصول إلى السلطة أو للقيام برعاية لمطلب أو لمظلمة بغض النظر عما إذا كان مقترفو العنف يعملون من أجل أنفسهم أم نيابة عن دولة من الدول )) .

في حين عرفت المجموعة السياسية الإرهاب على أنه : (( استخدام العنف غير القانوني أو التهديد به عبر أشكال ومظاهر مختلفة كالاغتيال و التشويه والتعذيب والتخريب والنسف من أجل تحقيق هدف سياسي معين . مثل كسر روح المقاومة والالتزام عند الأفراد ،وهدم المعنويات عند الهيئات والمؤسسات . أو كوسيلة من وسائل الحصول على معلومات أو مال .

أمام هذا الاختلاف والتباين نرى القاضي باكستر يقول : لدينا سبب يدعونا لإبداء الأسف لأن مفهوما قانونيا للإرهاب يفرض علينا في وقت من الأوقات .
فالمصطلح تعوزه الدقة فهو غامض والأهم من ذلك كله أنه لا يخدم غرضا قانونيا فاعلا .

ويؤكد فريد لاندر و هو أمريكي يهودي أن الولايات المتحدة الأميركية منذ عام 1972 وحتى الآن ، ويؤكده أيضا أستاذي الدكتور محمد عزيز شكري رحمه الله وأنا معهم ، تقف ضد أي تعريف للإرهاب من أجل أن يبقى وصمة سياسية،إجرامية تصم بها أعداءها وأعداء الصهيونية وكيانها.

ثالثا – الإرهاب في بعض التشريعات الأجنبية والعربية : وتتطرق في هذا المطلب إلى بعض التشريعات الأجنبية والعربية والتي عالجت موضوع الإرهاب :


1- الإرهاب في القانون الفرنسي : لم يعالج المشرع الفرنسي مسألة مكافحة الإرهاب في قانون خاص ، إنما عالج هذه المسألة ضمن نصوص قانون العقوبات حيث حدد أفعالا معينه مجرمة ، أخضعها لقواعد أكثر صرامة باعتبارها تشكل جرائم إرهابية إذا اتصلت بمشروع إجرامي سواء أكان ذلك فرديا أم جماعيا بهدف الإخلال بالنظام العام بصورة جسيمه عن طريق التخويف والترويع .

و قد عرف المشرع الفرنسي الإرهاب بموجب القانون رقم 86/1020 لعام 1986 على أنه ((خرق للقانون ، يقدم عليه فرد من الأفراد ، أو تنظيم جماعي بهدف أثارها اضطراب خطير في النظام العام عن طريق التهديد بالترهيب )) .

2 – الإرهاب في القانون الأميركي : إن تشريعات الولايات المتحدة الأمريكية تربط الإرهاب بالأفراد فقط. في حين نجد أن الاتجاه الفقهي السائد هناك يذهب إلى تعريف الإرهاب على أنه: (( نشاط موجه ضد شخص من أشخاص الولايات المتحدة يمارس من قبل فرد ليس من مواطني الولايات المتحدة أومن الأجانب المقيمين فيها بصورة دائمة )). وقد شرع المشرع الأمريكي عدة قوانين لمكافحة الإرهاب منها قانون مكافحة اختطاف الطائرات عام 1971 . كما سن الكونغرس جزاءات تفرض على البلدان التي تساعد الإرهابيين أو تحرضهم أو تمنحهم ملاذا في عام 1976 . و عرفت وزارة العدل الأمريكية عام 1984 الإرهاب بأنه سلوك جنائي عنيف يقصد به بوضوح التأثير على سلوك حكومة ما عن طريق الاغتيال أو الخطف .

في حين ذهب مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى تعريف الإرهاب بأنه : عمل عنيف أو عمل يشكل خطرا على الحياة الإنسانية وينتهك حرمة القوانين الجنائية في أية دوله . تعريف وزارة الخارجية الأميركية عام 1988 (عنف ذو باعث سياسي يرتكب عن سابق تصور وتصميم ضد أهداف غير حربية من قبل مجموعات وطنية فرعية أو عملاء دولة سريين ويقصد به عادة التأثير على جمهور ما) إلا أن المشرع الأمريكي لم يتعامل مع الإرهاب باعتباره جريمة مستقلة حتى صدور قانون عام 1996 ثم توالت القوانين بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وخاصة فيما يتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب .

3 – الإرهاب في التشريع السوري : يعتبر التشريع السوري من أقدم التشريعات العربية التي تناولت موضوع الإرهاب في قانونها باعتباره جريمة مستقلة .

حيث عرفت المادة 304 من قانون العقوبات لعام 1949 الإرهاب بقولها (( يقصد بالأعمال الإرهابية جميع الأفعال التي ترمي إلى إيجاد حالة ذعر ، وترتكب بوسائل كالأدوات المتفجرة ، والأسلحة الحربية والمواد الملتهبة ، والمنتجات السامة أو المحرقة ، والعوامل الوبائية أو الجرثومية التي من شأنها أن تحدث خطرا عاما)) . وقد تشدد قانون العقوبات السوري في المعاقبة على اقتراف هذا النوع من الجرائم( جريمة الإرهاب) أو التأمر لارتكابها كما عاقب بالإعدام فيما إذا نتج عنها تخريب أو أفضت إلى موت إنسان. وفي المادة 306 من ذات القانون عاقب المشرع المنظمات الإرهابية وأمر بحلها ومعاقبة مؤسسيها والأعضاء المنتمين إليها.

4 – الإرهاب في التشريع اللبناني : كما أن التشريع اللبناني يعتبر مع التشريع السوري من أقدم التشريعات العربية التي تناولت موضوع الإرهاب في قانونها باعتباره جريمة مستقلة . وقد عرف قانون العقوبات اللبناني في مادته/314/ الإرهاب بما يلي : ((يعنى بالأعمال الإرهابية جميع الأفعال التي ترمي إلى إيجاد حالة ذعر ، وترتكب بوسائل كالأدوات المتفجرة والمواد الملتهبة ، والمنتجات السامة أو المحرقة ، والعوامل الوبائية أو المكروبية التي من شأنها أن تحدث خطرا عاما)).

وتشدد القانون اللبناني في العقوبة على مقترف هذه الجريمة حيث نصت المادة /6/ من القانون الصادر في 11/1/1958 على أن كل عمل إرهابي يستوجب الأشغال الشاقة المؤبدة . وأناطت المادة /8/ منه المحاكم العسكرية اللبنانية صلاحية النظر في هذه الجرائم . في حين أن المادة /643/ عقوبات لبناني نصت على : (( يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة من استولى أو حاول الاستيلاء على مركبة هوائية في أثناء طيرانها أو تحكم بقيادتها أو حمل القائد على تغيير تجاهه ،وإذا رافق أحد هذه الأفعال إيذاء إنسان وإصابته بعطل دائم فيعاقب الفاعل بالأشغال الشاقة المؤبدة .

أما إذا قام الفاعل بعمل تخريبي في المركبة يعرضها لخطر السقوط أو إذا قتل إنسانا لسبب ذي صلة بأحد الأفعال المذكورة فيعاقب بالإعدام .

5 -الإرهاب في التشريع المصري : لم يعالج التشريع المصري الإرهاب بوصفة جريمة مستقلة ولم يضع لها قواعد موضوعية أو إجرائية خاصة حتى صدور القانون رقم 97 في تموز 1992 الذي عرف الإرهاب في مادته الثانية بقوله (( يقصد بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع يلجأ إليه الجاني تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ، بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو اللقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة ، أو بالاتصالات أو المواصلات أو بالأموال أو المباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها .

أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين و اللوائح )) . ويبدو من هذا التعريف أن المشرع المصري قد توسع في تعريف الإرهاب فشمل العديد من الأفعال التي قد تقع تحت معناه المتعارف عليه فهو على سبيل المثال تجاوز عن عامل التأثير النفسي أو الرعب المجتمع على اشتراطه كصفه مميزة للجرائم الإرهابية فشمل بالإضافة إليه إيذاء الأشخاص وتعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر وإلحاق الضرر بالبيئة وبالاتصالات الخ . وهي بمجملها قد تشكل جرائم عادية تحفل بها التشريعات الجنائية .

6 – الإرهاب في التشريع العراقي : إن المشرع العراقي لم يتناول الإرهاب إلا من حيث انه يشكل عنصر من عناصر بعض الجرائم المعاقب عليها كجريمة التأمر لتغيير مبادئ الدستور الأساسية أو الاعتداء على النظم الأساسية للدولة أو الاعتداء على الموظفين والمواطنين . أي : أنه لم يتناوله كجريمة مستقلة قائمة بحد ذاتها فقد نصت المادة (200/2 ) من قانون العقوبات رقم 111 لعام 1969((يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو الحبس كل من حبذ أو روج أيا من المذاهب التي ترمي إلى تغيير مبادئ الدستور الأساسية أو النظم الأساسية الاجتماعية أو لتسويد طبقة اجتماعية على غيرها من النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية متى كان استعمال القوة أو الإرهاب أو أي وسيلة أخرى غير مشروعة ملحوظا في ذلك )) .

ونصت المادة (365) (( يعاقب بالحبس أو الغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين من اعتدى أو شرع في الاعتداء على حق الموظفين أو المكلفين بخدمة عامة في العمل باستعمال القوة أو العنف أو الإرهاب أو التهديد أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة )). كما نصت المادة 366 على انه (( …يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنه أو بغرامة لا تزيد على مائة دينار من استعمل القوة أو العنف أو الإرهاب أو التهديد أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة ضد حق الغير في العمل أو على حقه في أن يستخدم أو يمتنع عن استخدام أي شخص )) .

وتجدر الإشارة إلى أن تعبير الجرائم الإرهابية قد ورد في الفقرة ( أ- ه ) من المادة 21 من قانون العقوبات العراقي في سياق تعداد الجرائم الإرهابية التي لا تعد سياسية ولو كانت قد ارتكبت بباعث سياسي ولكن القانون لم يعرف هذه الجرائم ولم يأت بأمثله تطبيقية لها .وهنا نقول انه كان من واجب المشرع العراقي تجريم الإرهاب بوصفه جريمة مستقلة قائمة بذاتها لازال العراق يعاني من الكثير من صورها من قبيل القتل والاختطاف والابتزاز والتخريب . وان لم يكن من واجبه تحديد تعاريف لهذه الجرائم .

رابعا – الإرهاب في القانون الدولي : ذهب الجانب الغالب من فقهاء القانون الدولي إلى تجنب تعريف الإرهاب على اعتبار أن في البحث عن تعريف لهذه الظاهرة مضيعة للوقت والجهد ومن الواجب التركيز على الإجراءات الفعالة لمكافحته . وهو ما أكدته الأمم المتحدة في 29/12/1985 عندما أدانت الجمعية العامة جميع أشكال الإرهاب وأغفلت تعريفه وهو ما فعله البروتوكولان المضافان لمعاهدة جنيف سنة 1949 ، 1977 والمؤتمر الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المسجونين المنعقد في هافانا 1990 وكذلك مؤتمر الأمم المتحدة التاسع المنعقد في القاهرة سنة 1995 . غير أن هناك اتجاه أخر من الفقهاء يذهب إلى ضرورة تعريف ظاهرة الإرهاب على اعتبار أن هذا الأمر يتعلق بالشرعية الجنائية التي تطلب تحديدا للأفعال موضوع التجريم.

ونبين في هذا الجانب موقف القانون الدولي من الإرهاب :


1 – الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب تأخر الجهد العربي في مكافحة الإرهاب حتى عام 1994 عندما دعا مجلس وزراء العرب إلى ضرورة وضع إستراتيجية أمنية عربية لمكافحة الإرهاب وصياغة اتفاقية عربية مشتركة لمكافحة التطرف وتم تأجيل مناقشة المشروع إلى الاجتماع في 11/11/1995 الذي اصدر قرارا يقضي بتعميم مشروع الاتفاقية على الدول الأعضاء لدراسته وإبداء الآراء والمقترحات لعرضها في الاجتماع في الثاني عشر من نوفمبر 1996 وفي ابريل 1998 أبرمت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب والتي تتكون من ديباجة وأربعة أبواب وتحتوي 42 مادة .

وفي المادة الأولى من الاتفاقية عرف الإرهاب بأنه (( كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه ، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ، وبهدف إلقاء الرعب بين الناس ، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة ، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها ، أو تعريض احد الموارد الوطنية للخطر )) .

كما أوضحت المادة الأولى في الفقرة الثانية منها بأن الجريمة الإرهابية هي الجريمة أو الشروع فيها التي ترتكب لغرض إرهابي في أي من الدول المتعاقدة أو على رعاياها أو ممتلكاتها أو مصالحها ، وعلى أن تعد من الجرائم الإرهابية الجرائم المنصوص عليها في المعاهدات الدولية عدا ما استثنته منها تشريعات الدول المتعاقدة أو التي لم تصادق عليها .

وقد قررت الاتفاقية العربية نزع الصفة السياسية عن بعض الجرائم حتى لو ارتكبت بدافع سياسي . غير أنها أكدت في المادة الثانية على انه (( لا تعد جريمة إرهابية ، حالات الكفاح بمختلف الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي والعدوان من اجل التحرير وتقرير المصير ، وفقأ لمبادئ القانون الدولي ولا يعتبر من هذه الحالات كل عمل يمس بالوحدة الترابية لأي من الدول العربية )) .

2 – الاتفاقات الدولية : اعد المجتمع الدولي الكثير من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالإرهاب منها ما تم ابرمه في عهد عصبة الأمم ولعل الاتفاقية جنيف لمنع ومقاومة الإرهاب عام 1973 كانت أول محاولة على المستوى الدولي وقد دعت إلى إنشاء محكمة جنائية دولية تنظر في قضايا الإرهاب وعرفت الأعمال الإرهابية بأنها الوقائع الإجرامية الموجهة ضد دولة وهدفها أو طبيعتها هو إثارة الرعب لدى شخصيات محددة في مجموعات أوفى الجمهور وعلى أي حال فان هذه الاتفاقية لم تصبح نافذة المفعول لعدم تصديقها إلا من دوله واحدة .

وقد أعقبت هذه الاتفاقية العديد من المعاهدات الدولية الخاصة بأشكال محددة من الإرهاب منها اتفاقية طوكيو الخاصة بالجرائم والأفعال التي ترتكب على متن الطائرة والموقعة بتاريخ 14/9/1963 واتفاقية لاهاي بشأن مكافحة الاستيلاء غير المشروع على الطائرات والموقعة بتاريخ 26/12/1970 واتفاقية مونتريال الخاصة بقمع الأعمال غير المشروعة والموجهة ضد سلامة الطيران المدني الموقعة في 23/9/1971 والبرتوكول الملحق بها الموقع في مونتريال في 10/5/1984 واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982فيما يتعلق بالقرصنه البحرية واتفاقية مكافحة العمليات الإرهابية بواسطة المتفجرات بتاريخ 15/12/1997 التي نصت على انه ((يرتكب جريمة كل شخص يقوم عمدأ وبصورة غير مشروعة على تسليم أو وضع أو تفجير قذيفة قاتلة في مكان عام أو إدارة رسمية ،منشآت عامة ، وسيلة نقل أو بنية تحتية بقصد التسبب بوفاة أشخاص أو أضرار مادية بالغة الخطورة لإيقاع التخريب وإلحاق خسائر اقتصادية جسيمة والارتكاب أو محاولة الارتكاب أو الاشتراك أو التدخل)).

كما جاء في اتفاقية منع تمويل الإرهاب التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9/12/ 1999 ((يشكل جرما قيام أي شخص بأنه وسيلة وبصورة غير مشروعة و قصدأ بجميع الأموال بهدف استعمالها مع العلم لارتكاب جرم من جرائم الإرهاب وكل عمل يرمي إلى قتل أو جرح مدني وشخص لا يشترك في أعمال حربية )). غير انه وبالرغم من كثرة وتشعب الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالإرهاب بقيت مهمة تحديد المقصود بالإرهاب في القانون الدولي محل الاختلاف الآراء بين القانونيين إلا أن المتفق عليه هو ضرورة اتخاذ الخطوات الجادة في سبيل مكافحة الإرهاب وفي هذا السبيل أنشأت الجمعية العامة للام المتحدة في عام 1996 لجنه خاصة بالإرهاب مهمتها إعداد اتفاقية دولية ملزمة لمكافحة الإرهاب.

3 – القرارات الدولية : صدرت العديد من القرارات الدولية عن الجمعية العامة للأمم المتحدة تتضمن إدانة أعمال الإرهاب أو أشكال معينة منه لاسيما مجال خطف الطائرات 1971 وخطف الدبلوماسيين 1973 . كما دعت الجمعية العمومية للأمم المتحدة في قرارها المرقم 49/60 في 9/12/1994 جميع الدول ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية والوكالات المتخصصة لتطبيق إعلانها المتعلق بإجراءات إزالة الإرهاب الدولي الملحق بقرارها ذاته وقد تضمن هذا الإعلان إدانة كاملة لأعمال الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره بما في ذالك الأعمال التي تكون الدولة متورطة فيها بشكل مباشر أو غير مباشر .

ووجوب إحالة القائمين بالأعمال الإرهابية إلى العدالة من اجل وضع حد نهائي لها سواء كان مرتكبوها أفراد عاديين أو موظفين رسميين أو سياسيين وقد أكد الإعلان على ضرورة التعاون بين جميع الدول من اجل تعزيز مبادئ الأمم المتحدة وأهدافها وتوفير السلام والأمن الدوليين وتعديل واستحداث القوانين الداخلية للدول بما يتلاءم مع هذه الاتفاقيات .

خامسا – خلاصة القول :


من كل ما تقدم نجد ان العالم يعيش حالة من الصراع بين دوله من اجل وضع تعريف أو تحديد مفهوم للإرهاب ورغم كل الاتفاقيات التي وضعت الإقليمية والدولية والقرارات التي اتخذت في الأمم المتحدة بشأن ذلك إلا أنها لم تنجح حتى الآن في الوصول إلى تعريف محدد للإرهاب والسبب في ذلك يعود إلى إفشال الولايات المتحدة الأميركية أية جهود لوضع تعريف للإرهاب لكي لا يقيدها في تنفيذ سياساتها التي تنبع أولا وأخيرا من النبع الصهيوني .

……….

المراجع :
1 – المنجد في الإعلام واللغة – دار الشرق – بيروت – الطبعة الخامسة والثلاثون .
2 – يحيى عبد المبدي : مفهوم الارهاب بين الأصل والتطبيق . معهد الدراسات الإفريقية .
3 – د شدود ” الإرهاب ونضال الشعوب من أجل الحرية والاستقلال .
4 – د محمد عزيز شكري : الإرهاب الدولي في مفهومه الجديد .
5 – د حنا عيسى : الإرهاب الدولي .
6 – المحامي ميشيل ليال نقيب المحامين اللبنانيين السابق – الإرهاب والمقاومة .
7 – د هاني السباعي : تعريف الإرهاب في المنظومة الغربية .
8 – الإرهاب قانونا : الهيئة العراقية للاستشارات والبحوث .
9 – أبحاث متنوعة عن الارهاب وتعريفه منشورة ع شبكة الانترنت .تعريف الإرهاب و جذوره التاريخية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock