عاممقالات

علم الفراسة

علم الفراسة




بقلم الدكتور أحمد عبد الحكم


علم الفراسة عند العرب هو استنتاج بواطن الأمور من ظواهرها وقيل توسم الشيء وتوقعه قبل حدوثه قال تعالى: ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين ” .
لكن الفراسة في الأصل علم مبني على دراسات منهجية تعتمد على قراءة الوجه وترجمة الحركات وقراءة العقل وتحليل الشخصيه .

قيل إن الفيلسوف الإغريقي أرسطو هو أول من بدأ توثيق هذا العلم بوضع أطروحة تتكون من ستة فصول تربط مظاهر الشخصية بتعبيرات الجسد كقراءة لغة العيون ولغة الشفاة وحركات الأنف والحاجبين وأنواع الجبهه , بل إن لغة العيون تختلف من عين إلى عين في حجمها ولونها , وقد سماها البعض ” علم قراءة الوجوه ” وهذا العلم يرجع في أصوله التاريخية لليونان حيث كان يسمى physiognomy .


علم الفراسة




ومن أشهر من عرف بالفراسة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن قوله ” ما أضمر أحد شيئا إلا ظهر في فلتات اللسان وصفحات وجهه “

وقد صنع أرسطوطاليس في ذلك كتابا آية في الروعة وقمة في الإبداع أسماه ” سر الأسرار “

ولم يكن الفيلسوف العربي أبو بكر الرازي بغافل عن ذلك وضم في كتابه ” الطب المنصوري ” فصلا مشوقا , كما عرف ابن عربي بفراسته الصوفية 
خاصة في كتابه ” الفتوحات المكية “

ثم يذكر فخر الدين الرازي في كتابه الفراسة بعضا من الآيات التي تثبت رسوخ هذا العلم ومنها :

قوله تعالى: ” سيماهم في وجوههم “

وقوله تعالى: ” ولتعرفنهم في لحن القول “

وقد قسم العرب الفراسة إلى:


العيافة وهي: ” فراسة الأثر ” 
القيافة وهي: ” فراسة الإنسان” 
الريافة وهي : ” البحث عن الماء”
الاختلاج وهو : ” توقع المستقبل “

ولم يكن الأدب العربي يغفل هذه الظاهرة وعندنا أرباب الفصاحة والبلاغة وملوك الكلمة والبيان وسدنة العلوم و حراس الحضارة .

يقول سلم بن عمرو : 

لا تسأل المرء عن خلائقه في وجهه شاهد من الخبر 
وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه حاد البصر ثاقب البصيرة ومن أقواله : ” إن العبد إذا أخلص لله رأى بنور الله “





علم الفراسة

إقرأ ايضا  الثقافة وطن




ومن أجمل ما قيل في الفراسة :


ألا إن عين المرء عنوان قلبه 
تخبر عن أسراره شاء أم أبى

ومن ذلك قول ابن الرومي : 

وخبيء الفؤاد يعلمه العاقل قبل السماع بالإيماء
وظنون الذكي أنفذ في الحق سهاما من رؤية الأغبياء

وقال البحتري : 

وإذا صحت الرؤية يوما فسواء ظن امرىء وعيانه

وما أجمل قول الشاعر : 

إذا اعتراك الهم في حال امريء
فأردت تعرف خيره من شره 
فاسأل ضميرك عن ضمير فؤاده 
ينبيك سرك بالذي في سره

أسأل الله أن يتم علينا نفاذ البصيرة وصدق الفراسة وحسن الظن به إنه ولي ذلك والقادر عليه .


إقرأ المزيد  نجيب محفوظ فلسفة الحياة والإنسان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock