شعر وحكاياتعام

إغتيال قصة قصيرة ************





إغتيال قصة قصيرة

بقلم
ثروت بديع

بسبب لا أدريه أو أدريه ! وجدتني أعيد قراءة القليل مما كتبته لأصدقائى المحدودى العدد على ما يسمى بالعالم الإفتراضي، أصابني شعور بالزهو خليط من السعادة والغبطة والغرور يجتاحنى. لا أدرى أيضا أو أدري السبب الذي جعلني أتسلل إلى بعض القصص القصيرة التي يكتبها عدد غير قليل ممن يطلق عليهم المدونين في البداية داعبتنى فكره كتابه قصة قصيرة ولما لا ! فقد نالت كتاباتى من الإستحسان والمدح فيما كتبته ما كنت لا أستطيع مجرد الحلم به. تناسيت أن أغلبنا هواة وكل مانكتبه مجرد محاولات تشبه الأدب ..أخذت الفكره فى التصاعد والنمو وتحولت من المداعبة إلى التحرش بعقلى ثم راودتني عن عقلى الذى لم يرفض أن تغتصبه الفكرة إغتصاباً بيناً دون أدنى مقاومة تذكر !!!. وما الضير أن تغتصبه مادامت ستتمخض عن وليد قد يصبح أعظم القصص القصيرة.بسرعة طردت فكرة اننى حانق على المدونين كتبة القصة القصيرة وان بداخلي رغبة في توجيه لكمة خطافية ماكرة غادرة إليهم وركنت إلى إنها مجرد غيرة أدبية . 
وبسرعة أيضا حاولت إسترجاع القصص والأفلام القديمة و بعض الأفكار وإختصارها وإدخال بعض التعديل والتغيير والتباديل والتوافيق عليها. إن فطن أحد إلى ذلك سأ رد بأنها مجرد محاولة لرؤية جديدة ووجة نظر عصرية . 
هرعت إلى غرفة المكتب، أعددت الخامات أوراق، قلم ، منضدة صغيرة.أخرجت رأسي ونصف جسدي من الباب وأمرت كل من في المنزل با لخرس والصمت والسكون وإغلاق التلفزيون أو الخلود إلى النوم، فلحظات الإلهام (المزعوم) لا تأتى كل يوم .
أخترت أسماء أبطال القصة أحمد ومنى لأ كده تبقى باينة ومكشوفة جداً، خليها تامر وجومانا فتأخذ القصة ملمح العصرية والحداثة وتختفي شبهة السرقة، سرقه إيه بس! ده مجرد إقتباس للفكرة وطرحها من خلال وجهة نظر جديدة وعصرية .
رسمت بعض خطوط القصة. البداية ، تصعيد الأحداث بطريقه سلسة، الحبكة، النهاية التي أردتها أن تكون سعيدة، بعض الكلمات والمرادفات والصور كي أضفى على قصتي رونقاً جميلاً جذابا .
البدايه والله المستعان واستابينا…..
تامر وجومانا يذوبان في عشق صامت عفيف منذ الصغر وإن لم يصرح أى منهما للآخر بهذا الحب سوى عن طريق لغة العيون والتسبيل وتلون الخدود وإنكسار العيون حتى تصل الرموش للأرض.
تامر تخرج من أحدى الكليات وأنهى تأدية الواجب الوطني منذ شهور إلتحق بعمل يمنحه راتباً يزيد بقليل عن مصروفه أثناء الدراسة والذي توقف بإحالة أبيه إلى المعاش وإنخفاض راتبه إلى أقل من النصف، ولكنه تعلم في الجيش الجلد والصبر وإعتبرها خبرة جديدة وخطوة على طريق المستقبل واضعاً نصب عينيه حبه لجومانا الذي يتذكره أكثر مما يتنفس والتي لم يتخيل يوما أن تكتمل حياته بدونها .
أما جومانا فقد تخرجت من أحد المعاهد المتوسطة منذ أيام . والدها إنحنى ظهره من كثرة العمل ليلاً نهاراً كي مايوفر لها ولأخواتها البنات الخمس وأخيهم الصغير الذي لم يتجاوز الخمس سنوات والممنوح درجة ديك البرابر تعليماً جيداً .بالكاد يستطيع الأب أن يوفر بعض الملابس والقوت اليومي وأحيانا بعض اللعب المستعملة لهذا الديك المدلل.
تتمنى جومانا أن يأتي اليوم الذي تتزوج فيه من تامر الذي لا تتخيل أن تكتمل الحياة بدونه. أصبحت جومانا التي يذوب في عشق جمال عيونها السمراء وحمرة الخجل الدائمة على وجنتيها كل شباب الشارع وكل المنطقة والتخوم المجاورة، أصبحت متفرغة لإنتظار تامر كل صباح فى شباك الدورالأرضى ذو الحيطان الباليه بفعل تسرب مياه الصرف فى كل جوانبها.
تزرع جومانا الإبتسامة الخجولة في قلبه فيبادلها بنظرة حب ورغبة ينتشي بها قلبها وجسدها .
اليوم تصرف تامر تصرف لم يكن فى الحسبان لم ينظر إلى عينيها إنما راح يلتفت يميناً ويساراً ثم يساراً ويميناً وإذ به يلقى لها وريقه صغيرة لم يلحظه أحد من المارة من فرط سرعته و حرصه وخوفه أن يكتشف حبهما الصامت العفيف .
تلتقطها جومانا وتدلف وتسرع الداخل ،تقرأها……. بحبك وكل ما أتمناه أن أمضى كل عمرى معك، أرغب فى الزواج منك،.ماليش فى اللف والدوران ، من غير ماتفهمى غلط أرجوكى قابلينى بكره الساعة الخامسة ظهرا بكازينو(الورد والشوك ).
لا يدرى أحد حتى كتابتي هذه الكلمات لماذا إختار صاحب الكازينو هذا الأسم الغريب فى كل الأحوال يزدحم هذا الكازينو طول اليوم بالعشاق. طارت جومانا من الفرحة فتحت دولاب ملابسها لتتأكد أن الفستان الوحيد لديها لا يحتاج إلى كي. ستقابل غداً حبيبها الذي لم تتخيل يوماً الحياة بدونه ..
تقابلا تلامست يداهم سرت في أجسادهم نشوة الحب والسعادة .ذاب في عينيها وذابت هي في إبتسامته القادرة على إنتزاع الحب حتى من الحجر .
إتفقا على الزواج مها كانت قلة الحيلة وضيق الحال مهما كانت الظروف ومهما كانت الأحوال. تخيلته في بدلة الفرح الفضية وابتسامته الساحرة وتخليها هو في فستان الفرح الأبيض المطرز باللون الوردي لون الطرحة التي تعتلى رأسها وباقة الورد فى يديها لم تستطع منافسة حمرة الخجل الأبدية التي تعتلى وجنتيها وتمنى أن ينصلح الحال عشان يتلم الشمل وتكمل الفرحة ..
ولغاية كده حلو قوى واااااو
وهنا تنتهى البداية أو الدخلة أو الإستهلال فليكن أي إسم المهم الكلام عاجبنى قوى …
أحاول تصعيد الأحداث تخبو الفكرة وتهرب أترك العنان للقلم لكي يكتب ، يتوقف كمن تقطعت أنفاسه ، يلتقط أنفاسه ويعود فيركض فيكرر المقطع السابق الذي يبدأ من تقابلا تلامست يداهم سرت فى أجسادهم نشوة الحب والسعاده…. وينتهى بـــ تخيلته فى بدلة االفرح الفضية وإبتسامته الساحرة وتخليها هو فى فستان الفرح الأبيض المطرز باللون الوردى لون الطرحه التى تعتلى رأسها وباقة الورد في يديها لم تستطع منافسة حمره الخجل الأبديه التى تعتلى وجنتيها وتمنى أن ينصلح الحال عشان يتلم الشمل وتكمل الفرحة
أحاول المرة تلو المرة يعود القلم يكرر نفس المقطع الذي يبدأ من…..
تقابلا تلامست يداهم سرت فى أجسادهم نشوة الحب والسعادة وينتهي بـــ تخيلته في بدلة الفرح الفضية وابتسامته الساحرة وتخليها هو فى فستان الفرح الأبيض المطرز باللون الوردي لون الطرحة التي تعتلى رأسها وباقة الورد فى يديها لم تستطع منافسه حمرة الخجل الأبدية التي تعتلى وجنتيها وتمنى أن ينصلح الحال عشان يتلم الشمل وتكمل الفرحة .
مراراً وتكراراً أخذ القلم يكرر هذا المقطع حتى جف المداد من القلم وجف المدد من العقل!!! أدركت أنى لا أستطيع تصعيد أحداث القصة ولا إيجاد الحبكة والنهاية وأدركت أننى فاشل في الكتابة بصورة عامة وليست القصة القصيرة فقط.
إلى هنا توقف الالهام( المزعوم) إلى هنا نضب الخيال!هذا كل ما استطعت تخيله كل منهما يتخيل الآخر بثوب الفرح !اذا اتركهما فى ثوب الفرح .
حاولت أن أداوى فشلى بالسخرية طرحت القلم أرضا مزقت الورق وأستعرت بعض الكلمات على سبيل الإقتباس لا السرقة من أغنيه لعبد الحليم حافظ( رميت القلم قطعت الورق ياحبيبى اااااه والقصة الحلوة مانفعتش وماكملتش ياحبيبى اهاهاهاها.)
دخلت غرفتي لأنام ولم تخلصنى سخريتى من القلق وبعض الإحباط. داهمني كابوس غريب مزعج مميت .
تامر وجومانا يتجهان نحوى، تامر عجوز سقط أغلب شعره والباقي منه هتكه اللون الأبيض، مازال فى بدلة الفرح الفضيه لكنها إتسخت بفعل السنين وتحولت إلى أشلاء ثوب، أما جومانا فقد غزت التجاعيد وجهها وتحول فستان الفرح إلى اللون الأسود وتحولت باقة الورد إلى إكليل شوك يعتلى رأسها بعد أن ذبلت أوراق الورد و سقطت الطرحة الوردية على كتفيها فى شكل غيرعشوائي،.يوبخاني بعد أن ألقيا برأسيهما كل على كتف وإنخرطا فى بكاء ونحيب.يسألانى لماذا بدأت القصة ولم أنهها، القصص الجميلة كثيره لماذا لم أسرق منها واحده تسعدهم وتلم شملهم .
لماذا تركتهم يتمنون ويتخيلون ثوب العرس ولم أكمل القصه، لم أكمل الفرح؟
تامر لماذا لم تجعلني الشاطر حسن وجومانا ست الحسن والجمال وأخطفها على حصان أبيض ونتجوز ونعيش فى تبات ونبات ونخلف صبيان وبنات !؟
جومانا .. ليه مخلتهوش مطرب مغمور فى أول القصة وبعدين يكتشفه ملحن كبير وبعد كده يشتهر ونتجوز ونعيش فى تبات ونبات ونخلف أن شالله بنات بس أو أن شالله ماخلفنا خالص!؟ يستمران فى اللوم والتوبيخ والبكاء حتى يبتل كل فراشي بالدموع .
يتمنيان لو أستطيع كتابه القصة من جديد بعد أن أختار نهاية سعيدة للقصة. يلقى كل منهما برأسه على الوسادة ثم في حركه تقرب من الاتفاق يدفعانى لأسقط من على الفراش ويأمرني تامر بالخروج كي يستطيع مطارحه عروسه الغرام ولو مره قبل أن يفارقا الحياة أما جومانا فأومأت برأسها بعد أن عادت بعض من خمرة الخجل لوجنتيها ، إيماءة تعنى الموافقة وتحفزني على الإسراع بالخروج .
أفيق لأجد الدموع تملىء وجهي ومناديل ورقيه مبللة بالدموع بجوار الفراش .يا ترى هل هي دموعي أم اختلطت دموعي بدموع تامر وجومانا !!!! ؟
أسرع الى الحمام أغسل وجهي ثم أدلف إلى البلكون أشعل سيجاره تلو الأخرى فى حالة من الحزن والإرتباك والحيرة والتنفيث. فجأه أتذكر إبني الحديث التخرج الذي التحق بوظيفة غير مضمونة .
أسرع إلى غرفه نومه، أقبله، يستيقظ على دموعي التي بللت وجهه
فى ايه يابابا أنت بتعيط !!
لا يا تامر نام قصدي يا حبيبى …
يداعبنى فى مزاح ملؤه التثاؤب ايه يا بابا نسيت إسمي أنا جورج
مين تامر ده؟ يا مساء الزهايمر هاهاها …
لا يا ابني ده مجرد حلم مزعج.
ايه ياعم ثروت أنت عورتنى في الحلم وللا إييييييييييييه؟
لا ياابنى سلامتك تصبح على خير. وخرجت أحمد الله أن الشعر الأسود لازال يعتلى رأس ابني.
لم أنم بسبب إلحاح السؤال .ترى لماذا إختار صاحب الكازينو اسم الورد والشوك !!؟
ترى هل أنهيت القصة القصيرة؟
ترى هل أنا المسئول عن عذاب وألام شخصي القصة!!؟ من إغتال الأحلام الصغيرة؟ من إغتال القصة القصيرة؟
من !

مدير قسم الأ دب والشعر
علا السنجري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock