“كلمات”

أنا فقط لا أستطيع الكتابة…أرى الأبجدية كاملة مرصوصة بجانب بعضها البعض في عجزٍ تامٍ عن إدراك دواخل نفسي.

أري الموضوعات تتنافس في أحقيتها في التفكير فيها والتعبير عما يدور بعقلي المنشغل على ورقة بيضاء ذات أسطر حمراء لتخرج إلى العالم محققةً متعة أن تُقرأ. 

أنا حقًا لا أستطيع الكتابة بين الانفعالات وعلم النفس وفلسفة الحب ودوافع البشر وتأثير الشعور وهي وآلاف ما يدور بعقلي لا أكتب.

حاجزٌ يفصل بيني وبين ترتيب الكلمات بذلك الشكل الذي اعتدته لينال إعجاب من يقرأه وكأنني أعبر عما يفكر هو فيه مع ذلك الاختلاف بين العقول.

أوراقي لازالت بيضاء كما تركتها منذ أسابيع، الحبر يشكو من جفاف الإفصاح عن مكنونات روحي التي لطالما كنت أسقيه بها يومًا بعد يوم ما بالُ الأقلام، لم تدور أسنتها حول نفسها منتجةً تلك الأشكال العشوائية باستمرار. 

ما بال الكلمات، تهيم بلا نظامٍ وبلا معانٍ كانت دومًا مليئةً بها.

هل أهرب من نفسي، أخاف المواجهة أمام أنصال الأحرف التي حتمًا ستجرحني إذا وصلت لمبتغاها. 

هل أرفض انكشاف أسراري التي ما عدت أحتمل إغلاق قلبي عليها فأخشى انفلاتها بين الكلمات انفلات طفلٍ نفد صبره من يد جدٍ عجوز.

دائمًا ما كانت اللغة هي بيتٌ يملأني باحتوائه وأملأهُ بأفكاري المتطرفة، الملاذ الآمن الذي يقبل منك أيما أردت إعطاءه. 

ظللت أكتب وأكتب حتى أدركت ازدواجية القوى التي تحملها تلك الكلمات.

بضعُ رسومٍ ترمز للكثير، تخلق جرحًا وتفتح آخر، تحزنك وتضحكك وتبكيك، تُذكرك بماضٍ سحيق وتسافر بك إلى عوالم الغيب وما وراء الحقيقة.

وفي غياب الحقيقة… تظل تلك الكلمات…. كلمات !