عاممقالات

الأضحية


الأضحية


بقلم:
     رانيا الرباط

يهل علينا عيد الأضحى كل عام وسط ترقب وفرحة وأمل ورجاء؛ فيسعى كل منا الي تقديم أضحية صغيرة أو كبيرة حسب أمكانياته المادية رغبة ًفي التقرب الي الله وطمعا ًفي رحمته وعفوه، تراق دماء الأضحية فدواً وأقتداءًا بأبو الأنبياء سيدنا أبراهيم عليه السلام، لكن عيدنا هذا العام اختلطت به الدماء دماء هدى ودماء لضحايا من بنى الانسان؛فأستحالت الأضحية الي ضحية وتلطخت ملابس العيد بدماء مرتديها فقتلت فرحة وطعنت قلباً كان يتشبث بأحبال الرجاء؛فرأينا أب يقتل أبناؤه ورجل يقتل زوجته وأم تقتل أولادها ففزعنا لمنظر الدماء !!! 

هل بدأ الاسلام في طريق عودته غريباً كما بدأ؟!!! هل نحن في آخر الزمان؟!!! من الغرباء ؟!!! ألسنا منهم؟!!! أليس هناك طوبي لنا؟!!! لماذا اغتيلت الفرحة وتحولت الي مآتم؟ ما الذي دفع شعباً عُرف بالتسامح والمودة واحتضان الغريب الي ان يلفظ القريب والحبيب؟!

 كيف هانت الحياة علي البعض فأنتحر موجهاً طعناته لفلذات أكباده؟!!! كيف تهون العشرة فيذبح نصف نصفه الآخر؟!!! أى نوع من البلاء أبتلينا به وأى نار غضب أحرقت اليابس والأخضر؟!!! 

تغيرات شهدها سلوك الشعب المصرى في السنوات الاخيرة اخرجته من الحلم والرحمة وادخلته في دوامة العنف والقسوة؛ هل أستسغنا مناظر الدماء بعد ان زلزل الارهاب اركان بلدنا الهادئة؟ هل أستسغنا لونها بعد ان شاهدنا أيدى داعش مخضبة بها؟ 

هل هى نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التى طوقت أعناقنا ؟ هل هو الفكر المغلوط للدين بعد انهيار محاولات التجديد أمام صخرة جمود ناقليه؟ هل هو المرض النفسي الذى يكفر بكل شيء حتى بالحق في الحياة؟ هل هى دائرة الالعاب الالكترونية العنيفة والدراما السينمائية والتليفزيونية الفجة التى أدخلنا أنفسنا بها وأغلقنا بابها خلفنا؟ 

أسباب عديدة أخترناها وفرضناها علي حياتنا بالقوة وجعلناها تتصدر واجهة حياتنا فتقدمت الراقصات وعديمى الموهبة والجهلاء صفوف الفن والثقافة والاعلام والصحافة ليتوارى خلفهم العلماء والمثقفين واصحاب المواهب الحقيقية في دفع لكل ما هو سييء من قول او فعل او سلوك للصدارة ؛ دائرة تتسع شيئا فشيئا فتشمل المعلم الغير مؤهل الباحث عن المادة فقط فيتحول من رسول يحمل رسالة الي سفير لجهنم؛وتحيل طبيب من ملاك للرحمة الي تاجر أعضاء؛ من ضابط حامى الي حرامى؛من أم مربية الي أم شرفية تتولي الخادمة القيام بأعبائها ؛ من مسئول قائم بالأعباء الي مرتشي؛من شيخ واعظ الي نجم فضائيات غايته جمع المال.
 دائرة أتسعت لتشمل مجتمع بأكمله تزداد قسوته وجموحه وسط غياب لعدالة ناجزة وتغييب لعقول شباب فقدوا القدوة الصالحة فانسلخوا بارواحهم عنا وتشبعوا بأفكار منحلة دفعت بها مجتمعات غربية صدرت لنا مفاسدها وأغرقتنا بها فتأخرنا وهرعت هى لبناء حضارتها مجتمع لم يعد أمامه فرصة للنجاة سوى الاقرار بضحالة وعفونة المستنقع الذي غرقنا به والاعتراف بالتقصير والأهم أتخاذ القرار بارادة حقيقية في تنفيذ عملية الأنقاذ لتلك الفئة التى ضلت قبل ان يلحق الضلال بالمجتمع بأكمله بالعمل الجاد والحقيقي من قبل علماء النفس والاجتماع لتحليل ما طرأ علينا من ظواهر غريبة عنا واستيضاح الاسباب وبوضع طرق للعلاج قبل ان نتحول الي غابة يلتهم فيها الكبير الصغير ويقتل بها القوى الضعيف ويهدم فيها المجرمون والمرضي النفسيين جهود تبذل ومشاريع تعلو لوضع هذه الدولة في مصاف الدول المتقدمة.

للمزيد



مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock