عاممقالات

ديزني لاند و أطفالنا


ديزني لاند و أطفالنا



كتبت: 
       رانيا عايد الرباط

أسعدنى الحظ بحضور عرض ديزنى الذي أقيم في إحدى صالات أستاد القاهرة وللحق كنت أشد تحمساً من أولادى لمشاهدة العرض فشخصيات مثل ميكى ومينى (أو ميمى كما نسميها نحن ) لها تأثير كبير جدا في تشكيل وعى جيلي فليس من جيلي علي حد تصورى من لم يشاهد هذا الكارتون أو لم يقرأ مجلة ميكى بل كان منا من يتنافس مع أقاربه وأصدقائه في تجميع أعداد مجلة ميكى ثم القيام (بتجليدها) بعد ذلك ليصبح لدينا مجلداً للمجلة نتباهى به.


مما لا شك فيه أن العرض تميز وبطبيعة الحال بالابهار البصرى والسمعى بداية من الديكور الذي يسبق دخول القاعة ثم ديكور العرض نفسه والذي تمتع بألوان زاهية وإضاءة مبهرة وجاءت الأزياء بدقة وروعة تصميمها لتضفي بهاءًاعلي الصورة ؛جاء العرض تحت إسم (Mickey &Minnie’s Doorway to Magic ) وقد كان السحر فعلا هو أساس العرض فرأينا سرعة رهيبة في تغيير ملابس الشخصيات علي المسرح بطريقة أدهشتنا كما رأينا الخدعة الشائعة والتى يتم فيها تقطيع شخص داخل صندوق إلي نصفين ثم إعادة تركيبه مرة أخرى






كما تم أستخدام الليزر علي يد شخصية (Baz)لمدة دقيقتين تقريبا في عمل خطوط وأشكال بطريقة جيدة لا يشعر معها المشاهد بأى تطويل أو ملل.

 جاء عرض ديزنى في وجهة نظرى أستثماراً لنجاحات سابقة لشخصيات ديزنى دون تقديم محتوى أو فكرة جديدة؛ فظهور الشخصيات الأساسية القديمة مثل ميكى،مينى،بطوط وجوفى أو (بندق) كتمهيد للعرض وكمدخل للقيام برحلة عبر الزمن بعد إلقاء كلمات تعويذة سحرية ليفضي بهم وبنا كمشاهدين الباب السحرى إلي عصور مختلفة لنقابل (سندريلا والساحرة الطيبة) تارة و(سنوايت وزوجة الأب الشريرة )تارة أخرى؛وننتقل الي علاء الدين وياسمينة،وصاحبة الشعر الطويل ريبونزل مروراً بآندى وباز بطلا الفيلم الكرتونى الشهير (قصة لعبة) 





 كل كل شيئاً رائعا بلا شك بداية من الدقة في موعد رفع الستار والتنوية لذلك ومروراً برشاقة وخبرة الممثلين ؛ لكن وسط كل هذا كان هناك شيئاً آخر يجذب أنتباهى ألا وهو نوعية الجمهور والذى كان أغلبيته من الطبقة الثرية التى يلتحق أبنائها بالمدارس الدولية وقد ظهر ذلك جلياً في الجزء التفاعلي من العرض والذي تطالب فيه الشخصيات (والتى تتحدث الأنجليزية بلا شك) جمهور الأطفال بتكرار كلمات التعويذة السحرية معها وبالإجابة عن بعض الأسئلة أيضا وبقذف كرة بلاستيكية شفافة كبيرة للأطفال ومحاولة فتح حوار معهم؛ وقد بدا هذا جمهوراً مناسباً بسبب أرتفاع ثمن تذكرة الدخول؛أرتفاع ثمن المأكولات والمشروبات بشكل مبالغ فيه جدا(حيث وصل سعر كيس الفشار الواحد إلي ١٥٠جنيه مصرى وبالطبع هذا لا يعد رقماً كبيراً مقارنة بالدولار) وكذلك أرتفاع أسعار ما يتم بيعه كتذكار لجزء من اكسسوارات الشخصيات كالقباعات والتيجان وهكذا





وقد جاء في المرتبة الثانية نوعية الجمهور الذى ينتمى إلي الطبقة المتوسطة ( والذى أعتبرهم أنا مواطنين صالحين حيث أنهم يسعون لبناء أنفسهم وتعليم أولادهم وعلاج أسرهم بعيداً عن الدولة لإفساح المجال لغير القادرين من ناحية وللبحث عن خدمة أفضل من ناحية أخرى) لكنهم وبطبيعة الحال كانوا الأقل عدداً.


ملحوظتى الثانية والأكثر إيلاماً في الحقيقة هى تفاعل الأطفال مع العرض بشكل أوحى بأننا وسط مدرسة أمريكية للصغار وكنت أحاول البحث في ملامحهم وطريقة ملبسهم وحتى في حواراتهم مع رفقائهم ووالديهم عن ملمح مصرى ولكننى وللأسف لم أجد ؛ كنت أود أن أسأل أحدهم هل يعرف شخصية بكار؟ هل شاهد حلقات بوجى وطمطم؟ لكننى كنت علي يقين من أنهم لا يعرفون! وحتى حينما حاولت سرد شخصيات مصرية تنتمى لنا فتبادر إلي ذهنى شخصية كوكى كاك وشخصيات عالم سمسم بعد تمصيره وتذكرت برامج كسينما الأطفال وقصص بابا ماجد وأبلة فضيلة وجميعها أشياء تنتمى إلي جيلي وإلي ربما من سبقنى بقليل! فمتى وكيف توقف إنتاج شخصية كرتونية مصرية خالصة؟هل يعقل أن دولة بحجم ثقافتنا لا تمتلك شخصية كرتونية يتربي عليها الأجيال؟ يأخذون عنها ويتشبهون بها؟! نحن نغرس زرعا خارج أرضنا يا سادة؛ نخلق جيلاً لا يشبهنا ولن يروق له أسلوب حياتنا؛ نحن نرسخ قيم ولغة وعادات مجتمعاً آخر يبعد عنا كثيراً فلا عاداته عاداتنا ولا لغته وتراثه لنا. غزو ثقافي وفكرى وحياتى وأصبح يمتد لأن يكون عقائدى يقتلعنا من جذورنا.







عرض ترفيهى لشخصيات كارتونية يحمل في طياته(لمن يريد التأمل ولمن يحاول بناء جيلاً يقود دولة) الكثير والكثير من عوار تحمله قيمنا ومعايرنا الآن؛ من نواقص تغلف ثقافتنا الآن؛ من مقبرة فتحت وتم إغلاقها علي تراثنا وهويتنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock