مقالات

قهوة مضبوط

صديق و الانتظار

بقلم د. غادة فتحي الدجوي

عندما أبداأ في كتابة سطور ” قهوة مضبوط” دومًا أبدأ بقراءة المقولات و أبيات الشعر التي تتحدث عن القهوة و روعتها ، و دومًا قلبي و الأيام و المواقف الآنية هي التي تستوقفني عند مقولة بعينها…

و اليوم حين أتناول قهوتي الصباحية و عيناي تتابع حركة مياه النيل المتتابعة الهادئة، و أشعة الشمس تشرق تتلألأ و تداعب مياه النيل، توقفت عند هذه المقولة التي تحمل ملايين المعاني “القهوة صديقة الانتظار”…
و جلست أفكر في الكلمتين ” صديق” و ” الانتظار”، من هو الصديق؟! هل من يتحدث إليك كل يوم، من يضحك معك؟! من يشاركك حين تطلب المشاركة؟! هو الذي رافق الطريق سنوات طويلة؟! هو زميل الدراسة أو العمل؟! أم من تقضي كل يوم معه ساعات؟!
وجدتني أجاوب لا لا لا لا حتى أخر السطر….
وجدتني أتذكر أشخاصا مروا في حياتي، منهم من زمن بعيد و منهم من قريب ، و منهم من تركوا بصمة في حياتي و منهم من شارك في تكويني و منهم عبروا كالهواء ربما أوجدوا نسمات سرعان ما اختفت في ظل أحداث الحياه ، و منهم لم يكن اكثر من تلاقي وجوه و صباح أو مساء…
و بدأت ابتسم و أنظر إلى المياه و كأن صور الأصدقاء الحقيقيين تتلألأ تحت الشمس على سطح المياه و استرجع الذكريات الحديثة و القديمة، و من ذكريات الأصدقاء سأحكي لكم من هو الصديق و إن أهم أسس الصداقة الحقيقية ” الثقة، الصدق، الدعم و المساندة”.
– صديقي ربما يختلف عني في الطباع أو التعليم أو الثقافة، لكننا حينما نتحدث يكون حديث القلب و الاستماع من أجل المشاركة لا النقد، و نحترم كل المشاعر و الكلمات مهما كانت بسيطة أو حتى تافهة.
– صديقي هو من يقفز إلى قلبي قبل عقلي عندما أكون فرحًا أو حزينا ًأحدثه، لأجده يقول لي كنت على بالي حالًا و كنت سأحدثك … من القلب للقلب.
– صديقي لا أخجل من خطأ عندما أعترف به و أطلب النصيحة فلا يخذلني أو يؤلمني ، بل يساندني أولاً، ثم يصارحني بخطأي و يعلمني كيف أرجع إلي صوابي.
– صديقي ربما تباعدنا الأيام و المسافات ، و ربما الظروف ، لكن عندما أطلبه لا يعاتبني على البعد بل يقدر ظروفي و نتحدث كأننا كنا أمس سوياً ، و يساندني فيما احتاجه، دون إيلام و لوم.
– صديقي أقبله كما هو و يقبلني كما أنا .. و ربما نبتعد عن النقاط التي يمكن أن تسبب الابتعاد فكل واحد منا يعلم عيب الآخر المقبول طبعا ، فلا نضع أنفسنا في موقف لا نقدر على حله.
– صديقي هو صديق حياتي و عائلتي ليس مخفيا عن العيون، فإن لم أكن متواجدة ، فهو كأني أنا في عائلتي، في الحزن قبل الفرح.
– صديقي يفهمني قبل أن أتحدث.
– صديقي لا ينتظر طلب المساندة فهو دومًا بجانبي حتى و لو كنا بعيدين مكانًا .
– صديقي يشاركني شغفي، و يساندني و يفرح لنجاحي و يفتخر به و كأنه هو.
– صديقي يرد غيبتي و لا يسمح لأحد أن يتطاول على شخصي أو سيرتي مهما حدث.
– صديقي لا ينافق ، إذا كنت على خطأ يصارحني و يقف بجانبي فهو مرآتي الصادقة.
– صديقي أبكي أمامه دون خجل.
– صديقي يتحمل تصرفاتي و لحظات جنوني، في الحزن و الفرح و المرض و العجز النفسي أو الجسدي.
– صديقي هو الشمس التي توجهني إذا فقدت بوصلتي .
و إذا تكلمت عن الصداقة سأروي لكم المجلدات ، أما إذا ذهبت إلي الكلمة الثانية…..” الانتظار” أحب أن أحدثكم عن الوقت، و كيف لنا أن نستثمره و الانتظار ليس دومًا في صالحنا، نعم كل ماعلينا أن نسعى، فلن بأتي إلينا النجاح إلا إذا بذلنا الجهد و التفكير و أبدعنا في الوقت المناسب ، فلا تؤجل شغفك و اتبع حلمك و عافر مع الحياة للإنجاز.

و الآن….
انهض و احضر و ورقة و قلما و فنجان قهوتك ☕️و اكتب اسمك و اكتب أسماء أصدقائك الحقيقيين ، و اكتب لهم عن محبتك  و حدثهم عن دورهم في حياتك و دورك في حياتهم، و عن أمتنانك بصداقتكم ، و حافظ على كل القيم و الصلات التي جعلتكم أصدقاء .
و الأصدقاء أعني بهم الصديق و الصديقة، و ربما يكون أصدقاؤك هم من أهلك زوجك/ زوجتك ، زملاء الدراسة ، الجيران، زملاء العمل….. ليس شرطًا عددهم و لا أن يكونوا من نفس النوع و لا العمر و لا الدين … بل انتقي و اكتفي بمن يتوافر فيهم ” الثقة، الصدق، الدعم و المساندة” ليس بالكلام ، و لكن بالأفعال التي تكشف عن الصداقات الحقيقية و الآمنة ، عبر الوقت و المواقف و الأحزان و الأفراح معك و مع من حولك … فالصفات الحقيقية لا يختلف عليها احد…

و مع قهوتي أرسل عبر أشعة الشمس و مياه النيل التحية الممزوجة بالمحبة لكل صديق و صديقة في حياتي و ممتنة لهم و منهم و أتمنى من الله ان يهبهم السعادة و الطمأنينة و الأمان و السند كما منحوني اياهم …

و لتشرب القهوة مع الصديق و لا تنتظروا بل ابدأوا سوياً رحلة الحياة..

تحياتي و إلي اللقاء مع فنجان قهوة مضبوط جديد معكم☕️

د. غادة فتحي الدجوي
د. غادة فتحي الدجوي

قهوة مضبوط

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock