عام

الباحث التربوي نبيل صافية”الضبط الاجتماعي أحد أبرز المؤثرات التربوية في نفوس أبنائنا والأجيال التي نسعى لتنشئتها تنشئة صالحة

ودائماً يحلو الكلام برفقة المبدع والغني عن التعريف المربي الفاضل والأستاذ نبيل صافية

إعداد وإخراج / ريما السعد

حوار / راميا شحادة

السّؤال الأوّل :

نبذة مختصرة عن الأستاذ نبيل صافية ..

مدرّس لغة عربيّة في ثانويّات دمشق وحماة وخطّاط وشاعر وتربويّ وكاتب وسياسيّ ، ومدرّس محاضر في كليّة التّربية في جامعتَي دمشق والبعث وفي المراكز الثّقافيّة في سورية ، وعضو لجنة تأليف الكتب المدرسيّة سابقاً في وزارة التّربية ، وعضو مشارك في ورشات العمل التي تقيمها المنظمة الإسلاميّة للتّربية والثّقافة والعلوم بالتّعاون مع اللجنة الوطنيّة للتّربية والعلوم والثّقافة في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة ، وعضو الجمعيّة السّوريّة للعلوم النّفسيّة والتّربويّة ، ومنفّذ دورات الخطّ العربيّ في وزارة التّربية ، ومنفّذ ورشة تطوير الإعلام في وزارة الإعلام استناداً لدراستي ” الإعلام في سورية .. استراتيجيّاته وتطويره في ضوء الإصلاح الإداريّ في سورية ” ، الموجّه لمقام رئاسة الوزراء والمحال من رئاسة الوزراء للسّيّد وزير الإعلام برقم 1936/ م. خ/ق تاريخ 6/8/2017 م . في المركز الإذاعي والتّلفزيونيّ وإذاعة أمواج في اللاذقية ، ومحلِّل سياسيّ في إذاعة أمواج ضمن المركز الإذاعيّ والتّلفزيونيّ في اللاذقيّة ، وعضو اللجنة الإعلاميّة المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطنيّ في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة ، ومعدّ دراسة مؤشّرات المؤامرة في المناهج العربيّة السّوريّة المسجّلة في النّافذة الواحدة في وزارة التّربية برقم : / 12722 / تاريخ : 21/ 6/ 2015م ، ودراسة آفاق تطوير التّربية مقدّمة للسّيّد الرّئيس ، وبناء عليها تغيّرت المناهج في سورية بعد لقاء السّيّدة نجاح العطّار نائب السّيّد رئيس الجمهوريّة ، ودراسة بعنوان : ” آفاق تطوير وزارة التّربية في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة ” ، الموجّهة لمقام رئاسة الوزراء والمحالة من رئاسة الوزراء للسّيّد وزير التّربية برقم ( 2025 م/ خ/ق ) تاريخ 8/8/2017 م ، ومشارك في معرض الخطّ العربيّ في حماة وسلميّة ، ومؤسّس مشروع المجلس الأعلى للمصالحة الوطنيّة الذي قدّمته لوزارة المصالحة الوطنيّة وتمّ تقديمه أيضاً لرئاسة الوزراء بعنوان : ” مشروع المجلس الأعلى للمصالحة الوطنيّة في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة ” وهي دراسة في ضوء الإصلاح الإداريّ ، وقد تمّ تسجيلها برقم ( 2477 م/ خ/ق ) تاريخ 1/10/ 2017م ، وأُحيلت إلى وزارة الدّولة لشؤون المصالحة الوطنيّة حسب العائديّة ، ثمّ تمّ إلغاء الوزارة استناداً لذلك ، ولديّ دراسات متعدّدة منها : أثر تعميق التّفكير الابتكاريّ في التّفوّق أو التّأخّر الدّراسيّ ، ومنها : أثر التّربية الشّموليّة في العملية التّعليميّة ، وضرورة الاهتمام بذوي الحاجات الخاصّة أو الإعاقة وأنواعها ودور الإعلام وتطويره وأثره في تكوين اتّجاهات الشّباب ، واللغة العربيّة والخطاب الإعلاميّ و دراسة مقارنة بين التّعليم في سوريّة والهند .

وهناك لقاءات تلفزيونيّة عديدة في الفضائيّة السّوريّة منها بعنوان : ” التّربية تحارب الفساد ” و ” تقويم المناهج التّربويّة ” وحلقات كثيرة عن رؤيتي لتطوير التّربية وتطوير الإعلام في سورية ، وتشرّفت بالإسهام لإلغاء قرار الجهاز المركزيّ للرّقابة الماليّة حول حسم طبيعة العمل للمعلّمين رقم 972/ 209 تاريخ 2015م ، بشأن عدم قانونيّة صرف تعويض طبيعة العمل وتعويض المجهود الفكريّ والجسمانيّ إلا للعاملين الذين يمارسون العمل التّعليميّ بشكل فعلي ، ولا يستفيد منه العاملون المعيّنون بوظائف تعليميّة والمحالين لأعمال إداريّة لأسباب صحّيّة أو المنقولين من وظائف تعليميّة إلى وظائف إداريّة ، وحصلت على كتاب شكر من رئاسة الوزراء ووزارة الثّقافة والتّربية لتطوير وزارات الدّولة .

السّؤال الثّاني :

هل تُبنى الأمّة دون تربية ؟ وكيف يتمّ توظيفها بصورة إيجابيّة في إحداث التّغيير الاجتماعيّ ؟…

سيّدتي الكريمة :

من الطّبيعيّ أنّ الأمم لا تُبنى دون تربية ، ولكن ينبغي أن نميّز بين تربية وأخرى ، ومن الملاحظ أنّ عالمنا يمرّ بتغيّرات عميقة شملت مختلف الجوانب ، وهي تغيّرات فرضتها طبيعة الحياة الجديدة بأدواتها الحديثة ، وجيل الشّباب هو الأكثر تفاعلاً مع هذه الأدوات وتأثّراً بها ، فهناك عوامل عديدة تؤثّر في فكر الشّباب ، بدءاً من المنزل مروراً بالمؤسّسات التّعليميّة والإعلاميّة والتّقانة .

ويحتاج الأبناء إلى الرّعاية والاهتمام من قِبل الوالدين ، كما يحتاجون إلى التّربية السّليمة ، فمن خلالها يستطيع الأبناء النّهوض بالمجتمع والأمّة نحو الأفضل ، والأسرة هي المُربّي الوحيد للأبناء بالتّعاون مع المدرسة ، ولكن مع تطوّر الحياة دخلت العديد من المؤثّرات في التّربية ، ومن أهمّها : وسائل الإعلام سواءً كانت هذه الوسائل مرئيةً أم مسموعةً ، فكان لها تأثيرٌ كبيرٌ في تربية الأبناء سواء كان هذا التّأثير إيجابيّاً أم سلبيّاً ، وهنا يمكننا أن نتساءل :

ما تأثير التّربية ووسائل الإعلام في تربية الأبناء وتنشئة الأجيال ؟ وكيف يتمّ توظيفها بصورة إيجابيّة في إحداث التّغيير الاجتماعيّ ؟.

فقد عُدَّت التّربية ووسائل الإعلام بمختلف أشكالها وأنواعها من أخطر المؤثّرات التي قد تؤثّر في حياة أبنائنا ؛ وذلك لأنّها سهلة الوصول إليهم ، فلم تعد هناك أيّ حدودٍ أو حواجز لعبور هذه الوسائل ، وهي سلاحٌ ذو حدّين ، واستعمال الفرد لها هو من يُحدّد مدى نفعها أو ضررها ، وتؤثر في الأبناء بشكلٍ إيجابيّ وسلبي معاً من خلال : قيامها بتوسيع مدارك الفرد ، لأنهّا نافذةٌ مفتوحة على العالم ؛ فيستطيع الفرد أن يَتعرّف على عادات وتقاليد وثقافات الشّعوب المختلفة ، كما أنه يستطيع الوصول إلى أيّ معلوماتٍ يحتاج إليها ، وهذا يؤدّي إلى حسن السّلوك والتّطوّر الحضاريّ في بعض الأحيان ، ولكن نقلت معها أيضاً بعض السّلوكيات الخاطئة التي لا تتناسب مع تعاليم الدّين وعادات وتقاليد المجتمع وانتشرت بين فئات المجتمع وخاصةً فئة المراهقين ، وعندما يقضي الفرد معظم وقته أمام التّلفاز أو شاشة الكمبيوتر فلن يعود لديه الوقت للتواصل مع أفراد الأسرة والقيام بالواجبات المدرسيّة ، كما أنّ هذا يؤثّر في مدى ترابط العلاقات بين أفراد الأسرة لاحقاً عندما يستقر كلٌّ منهم في حياته ، وقد يؤدّي تقليداً لما يشاهده ويراه من خلال وسائل الإعلام ، فيكون التّشجيع على العنف وإيقاع الضّرر بالآخرين من خلال مشاهدته لأفلام الخيال والعنف ، ومن الأهمّيّة بمكان الإشارة إلى أنّه من الضّروريّ على الأسرة تفعيل دورها في الرّقابة على أبنائها من وسائل الإعلام ؛ فلا يُمكن إغلاق باب التطوّر أمام الأبناء ولكن المراقبة تكون بتوجيههم ، والسّيطرة على ما يتلقّونه من خلال هذه الوسائل والتّصدّي لها في الوقت المناسب عندما تبثّ سمومها في الأبناء ، وتصحيح ما يتلقّونه من معلوماتٍ من خلالها ، ومحاورة الأبناء وتوضيح ما يجري حولهم بصورةٍ واضحة حتى لا يشعر الأبناء بالتّناقض والحيرة والضّياع . وقد يكون لوسائل الإعلام أثر سلبيّ يتمثّل في التّأثير الأخلاقيّ والتّأثير الاجتماعيّ مثال ما تبنيه وسائل الإعلام من سلوك يدعو للعنف والجريمة والاستخفاف بالحقوق والدّماء ، وزعزعة روح انتماء وولاء الإنسان لأمّته بحيث يرتبط فكره وسلوكه وحبّه وولاءه ونصرته لما تبنيه وترسّخه هذه البرامج” من قيم وثقافات مناقضة لثقافة أمّته ، وهناك تأثير سلبيّ اقتصاديّ ، وذلك بما تعرضه قنوات الإعلام أثناء تقديمها لبرامجها من الدّعايات والإعلانات المبهرة لمختلف المنتجات ، وبالتّالي تترك وسائل الإعلام دوراً سلبيّاً ، وهنا يأتي دور الضّبط الاجتماعيّ بما يحمله من عاداتٍ وقيم ومفاهيمَ اجتماعيةٍ أحد أبرز المؤثّرات التّربويّة في نفوس أبنائنا والأجيال التي نسعى إلى تنشئتها تنشئة صالحة .

وهنا يأتي دور العادات والقيم الاجتماعيّة ، وهي التي تحدّد نمط التّعامل ونوع السّلوك المراد اكتسابه وفق المعايير الاجتماعيّة والقيم التّربويّة السّائدة التي تؤثّر في ضبط سلوك الجيل النّاشئ ، ومن الأهمّيّة بمكان الإشارة إلى أنّ كلّ مجتمع له عاداته وأعرافه المختلفة ، فالمجتمع العربيّ تختلف مفاهيمه وقيمه عن المفاهيم والعادات السّائدة في المجتمعات الغربيّة ، رغم أنّ هناك تأثّراً بالعادات الغربيّة بتنا نجد صدىً له في مجتمعنا العربيّ ، ولكنّ ذلك لا يعني الاستسلام أمام العولمة أو المجتمع العالميّ الموحّد بمفاهيمه وعاداته ، فتبقى لكلّ مجتمع خصوصيّته وأعرافه وأخلاقه التي يسعى كلّ مجتمع لتنشئة أبنائه وفقها ، وعلى الأسرة والمجتمع معاً أن يدركا الأخطارَ والمشكلاتِ التي تمرّ في حياة أبنائهم منذ الصّغر كي يتمكّنوا من تنشئتهم تنشئة صالحة بعيداً عمّا يجول في العالم من مآسٍ واضطرابات اجتماعيّة أو سلوكيّة مختلفة ، ويأتي دور الأب أو سلطته في الأسرة أحد المؤثّرات المهمّة في هذا الميدان التّربويّ ، وكذلك فإنّ دور الأمّ ينبغي ألاّ يغيب عن الأذهان وهي تربي أبناءها ، فإن حَسُنت تربيتها حسُن المجتمع وتربيته ، وهنا نتذكّر قول الشّاعر حافظ إبراهيم عن دور الأمّ في التّربية :

الأمّ مدرسةٌ إذا أعددتها‏ أعددت شعباً طيبَ الأعراقِ

وإنّ المجتمع بكلّ ما فيه من عناصرَ فاعلةٍ ومؤثّرة كالمدرسة أو وسائل الإعلام المختلفة أو غيرها ، يمكن أن يكون لها دورها في الضّبط الاجتماعيّ وتحديد السّلوك المرغوب القيام به والمنسجم مع تطلّعات المجتمع ، ويتجلّى أثر الضّبط الاجتماعيّ في التّنشئة عندما يمتلك الجيل النّاشئ الوعي والقدرة على اكتساب الممارسات السّلوكيّة الصّحيحة وتطبيق تلك الممارسات وفق المعايير الاجتماعيّة السّائدة ، ولكنّ الفرد عموماً يعيش حالة من الصّراع بين رغباته الخاصة ورغبات مجتمعه وتطلّعاته ، وهذا الأمر يترك أثره في حياة الفرد ، وربّما يولّد لديه مشكلات مختلفة ، ويتوجّب عليه أن يتحوّل من حالة الانعزال أو الانكفاء على الذّات إلى حالة التّكيّف مع المجتمع والانخراط به ، أو من حالة المواجهة والصّراع ، إلى حالة الانفعال البنّاء ، وبالتّالي عليه الانتقال من حالة التّفكير الفرديّ إلى حالة التّفكير الجمعيّ ، ومن حالة عدم الإحساس بالمسؤولية إلى الإحساس بها ، ومن حالة رفض آراء الوالدين إلى تقبّلها ، ومن حالة الرّفض الاجتماعيّ إلى التّقبّل الاجتماعيّ وصولاً إلى حالة الضّبط الذّاتيّ لتصرّفات الفرد وسلوكه تجاه ذاته ومجتمعه ، وهذا يجعل المجتمع متماسكاً وموحّداً ومنسجماً نتيجة التّربية وما يُقدَّم فيها .

السّؤال الثّالث :

ما العوائق التي تضعف الدّور التّربويّ في التّغيير الاجتماعيّ ؟ وكيف يمكن التّغلُّب عليها ؟…

تتعدّد العوائق التي تضعف الدّور التّربويّ في التّغيير الاجتماعيّ ، فمنها ما يتعلّق عدم قدرة التّربية على التّجدّد والتّطوّر لإحداث التّغيير المنشود ، ولا بدّ من امتلاك التّربية مقوّمات التّجديد والمتابعة والقوّى الاقتصاديّة لمزيد من الأبحاث التي تسهم في عملية التّطوير ، ويمكن التّغلّب عليها بأن تكون التّربية إنتاجيّة ليتمّ العمل لمزيد من التّحسين والتّطوير المنشود ، وأن تكون هناك مرتكزات حقيقيّة تسعى لذلك التّطوير .

السّؤال الرّابع :

ما دور المؤسّسات التّعليميّة في إنجاز التّغيير الاجتماعيّ ؟…

سيّدتي الفاضلة :

يتجلّى دور المؤسّسات التّعليميّة في إنجاز التّغيير الاجتماعيّ بأساليب متعدّدة ، وقد ذكرت قبل قليل في الحديث عن دور التّربية ، والمؤسّسات التّعليميّة يمكن أن تسهم في إنجاز التّغيير الاجتماعيّ بحيث يتمّ توظيفها بصورة إيجابيّة في إحداث التّغيير الاجتماعيّ عندما تسعى لترسيخ العادات والقيم والمفاهيم الاجتماعية بما يؤدّي لتنشئة صالحة واكتساب أنماط السّلوك المراد اكتسابها وفق المعايير الاجتماعيّة والقيم التّربويّة السّائدة التي تؤثّر في ضبط سلوك الجيل النّاشئ وفق التّربية المراد إكسابها للجيل المتعلّم النّاشئ .

السّؤال الخامس :

ما رؤيتك لتطوير الشّخصيّة السّوريّة والتّعليم في سورية ؟ ….

الشّخصية العربيّة السّوريّة يمكن أن تتطوّر وكذلك التّعليم فيها إذا استطعنا أن نوفّر الخبرات اللازمة لذلك ، وتعدّ وزارة

التّربية والتّعليم من الوزارات المهمّة في أيّة دولة كونها تمثّل فلسفة الدّولة ورؤاها وتطلّعاتها ، وتعمل من أجل نشر تلك الفلسفة في مناهجها ، والتّربية بصورة عامة حاليّاً تحتاج للإصلاح والتّغيير في مختلف نواحي الحياة إن كان في المجتمع أو الأسرة أو المدرسة … ووزارة التّربية بصورة خاصة تحتاج حاليّاً لمزيد من التّطوير في إطار تحقيق برنامج تربويّ معرفيّ في مختلف الاتّجاهات وليس ثورة شعبيّة كما كانت تسعى المناهج التي تُدَرَّس من عام 2011 وما بعد لما تضمّنته من إشارات صريحة للثّورة والدّعوة إليها عن قصد وربّما عن غير قصد ، وهي تسعى لخلق فكر يساهم في توليد الإرهاب ، وتجلّى ذلك في كتب المواد الآتية للصّفّ الثّالث الثّانويّ العام بفرعيه العلميّ والأدبيّ : اللغة العربيّة وقضايا فلسفيّة واجتماعيّة ونفسيّة والتّربية الوطنيّة والتّاريخ والتّربية الإسلاميّة والمسيحيّة ، ومضمون الكتب المدرسيّة يمسّ أمن الدّولة الذي تعرّضت له الكتب المدرسيّة عن قصد أو غير قصد ، وكنت قد تقدّمت بدراسة عنوانها : ( مؤشّرات المؤامرة في المناهج العربيّة السّوريّة الجديدة ) وسُجّلت في النّافذة الواحدة في وزارة التّربية برقم : / 12722 / تاريخ : 21/ 6/ 2015م ، وأُحيلَت للمركز الوطنيّ لتطوير المناهج ، وقد وجدت المؤامرة الأخيرة ضالّتها في تغيير المناهج منذ أيّام الدّكتور علي سعد وزير التّربية الأسبق ، لتعبّر عن تطلّعات الغرب والدّول الاستعماريّة في تغيير وعي أبناء سوريّة والجيل النّاشئ الجديد بدعوى الرّبيع العربيّ الذي خطّطت له الولايات المتّحدة الأمريكيّة والكيان الصّهيونيّ تحت مسمّيات عديدة مختلفة كالفوضى الخلاّقة أو العالم الجديد أو الشّرق الأوسط الجديد ، فأُقحِمت فيها مصطلحاتٌ ومفاهيمُ لخلق مفاهيمَ تربويّةٍ لم يكن الشّارع السّوريّ ليألفها لولا تلك المناهجُ ، التي عرجت للتّحريض على الثّورة ، ولم توضِّح طبيعةَ المؤامرةِ رغم تعرّضها لما حدث في العراق وليبيا واليمن وتونس ومصرَ والسّودان وتجاهلَت ما حدث في سوريّةَ من ممارسات إرهابيّة في كتاب التّاريخ ، وهي قد عملَت على تنشئة الجيل وتربيته بصورة يدعو فيها للتّغيير عبر الثّورة ، وتشكِّلُ لديه طرائق تفكير يتمثّلها في مختلف مجالات حياته .

السّؤال السّادس :

المنهج القديم خرّج العلماء والأطبّاء والمعلّمين والمهندسين .. برأيك : هل التّغيير الدّائم في المناهج يصبّ في مصلحة الطّلاب أو المتعلّمين المتلقّين ؟…

سيّدتي الكريمة : التّطوير عملية دائمة ومستمرّة ، وينبغي ألّا تتوقّف ، وإذا أردنا تطوير المناهج فيمكن أن يتمّ عبر إيجاد ملاحق لكلّ مادة من أجل عملية التّطوير لتبقى عمليّة دائمة ومستمرّة ، لأنّ العلم يتطوّر من جهة ، وكذلك التّربية ، وما كان مطلوباً تحقيقه لتجاوز الأزمة ، سينتهي بتجاوزها كمثال ، وبذلك فإنّنا نطوّر الملاحق بصورة مستمرّة بأقلّ التّكاليف دون إجراء تغيير شامل للمناهج .

السّؤال السّابع :

من الشّخصيّة التي أثّرت في حياة الأستاذ نبيل صافية ؟..

لعلّي هنا أذكر أسماء كثيرة كان لها الفضل والتّأثير في حياتي ، ويأتي أوّلهم والدي أحمد _ تغمّده الله برحمته _ الذي كان له التّوجيه لحبّ الدّراسة والاطّلاع والمتابعة ، وكذلك أساتذتي الذين درّسوني وعلّموني في مختلف مراحل حياتي بدءاً من المرحلة الابتدائية وصولاً للجامعيّة ، وأكنّ لهم كلّ الحبّ ولا أستثني منهم أحداً ، ولولاهم ما وصلت لهذه الدّرجة من العلم ، وإذا أردتُ أن أذكر أحداً من المدرّسين الذين كان لهم تأثير كبير في حياتي فلا بدّ أن أشير للأستاذ المرحوم عبد الفتّاح المصريّ من دمشق ، وهو الذي زرع بي حبّ اللغة العربيّة والخطّ العربيّ ، وكذلك الأستاذ المرحوم نبيل حلوانيّ والأستاذ الدّكتور شوقي المعرّي والأستاذ الدّكتور محمود السّيّد أطال الله في عمرهما ..

السّؤال الثّامن :

حدّثنا عن أجمل الذكريات في مسيرة عطاء الأستاذ نبيل صافية .

لعلّ أجمل الذّكريات تلك التي أبرزت دراستي لتطوير وزارة التّربية ووزارة الإعلام والمصالحة الوطنيّة وقُدِّمت لرئاسة الوزراء ومسجّلة لديه وفي وزارة الثّقافة مديرية الحماية الفكريّة ، وحصلت على شهادة إبداع من مديرية حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في وزارة الثّقافة عن دراستي بعنوان :

” آراء تطويرية لبعض وزارات الدّولة في الإعلام والتّربية والمصالحة الوطنيّة في ضوء مشروع الإصلاح الإداريّ للسّيّد رئيس الجمهوريّة في سورية ” ، برقم ( 3911 ) لعام 2018م ، وتمّ تكريميّ من السّيّد وزير التّربية الأستاذ عماد العزب تَبَعاً لدراستي من أجل تطوير الوزارة ..

وتتجلّى أيضاً بإسهامي لإلغاء قرار الجهاز المركزيّ للرّقابة الماليّة حول حسم طبيعة العمل للمعلّمين رقم 972/ 209 تاريخ 2015م ، بشأن عدم قانونيّة صرف تعويض طبيعة العمل وتعويض المجهود الفكريّ والجسمانيّ إلا للعاملين الذين يمارسون العمل التّعليميّ بشكل فعلي ، ولا يستفيد منه العاملون المعيّنون بوظائف تعليميّة والمحالين لأعمال إداريّة لأسباب صحّيّة أو المنقولين من وظائف تعليميّة إلى وظائف إداريّة .

السّؤال التّاسع :

ما رؤيتك المستقبليّة لسورية ؟…

حول رؤيتي المستقبليّة لسورية ضمن الجانب التّربويّ ، فقد سبقت الإشارة قبل قليل إلى أنّني تقدّمت بدراسة لتطوير وزارة التّربية وغيرها من وزارات ، وكانت الدّراسة الخاصة بالتّربية تحت عنوان :

” آفاق تطوير وزارة التّربية في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة ” ، الموجّهة لمقام رئاسة الوزراء والمحالة من رئاسة الوزراء للسّيّد وزير التّربية برقم 2025/ م. خ/ق تاريخ 8/8/2017 م ، وتناولت واقع وزارة التّربية في سورية ، وهي تسعى لتطوير المناهج لديها ، لكنّ ذلك الواقع يحتاج إلى عمل جماعيّ لا يقتصر على الوزارة فحسب ، ذلك أنّ الوزارة تحتاج إلى إعادة إصلاح في هيكليّتها واستراتيجيّاتها .

وجاءت ضمن سياق مشروع الإصلاح الإداريّ الذي دعا إليه السّيّد رئيس الجمهوريّة أمام السّادة الوزراء في اجتماعه بهم خلال الجلسة الأسبوعيّة الدّوريّة لمجلس الوزراء .. وإنّ الاستراتيجيّات التي وُضِعَت تشمل في عمليّة التّطوير المجالات الآتية : 1ً_ الأهداف التّربويّة والتّعليميّة , 2ً_ المناهج وطرائق التّدريس , 3ً_ البيئة الصّفّيّة والأبنية المدرسيّة والمكتبة والمختبرات أو المخابر العلميّة واللغويّة , 4ً_ التّعليم المِهْنيّ , 5ً_ السّلوك المدرسيّ , 6ً_ الإرشاد النّفسيّ , 7ً_ مشرف الأنشطة اللاصفّيّة , 8ً_ التّوجيه التّربويّ والاختصاصيّ ,9ً_ الامتحانات, 10ً_ الإدارة التّربويّة , 11ً_ المناشط المختلفة ودور المعلّمين , 12ً_ القوانين التّربويّة .

كما سعيت من خلالها لتحقيق الأهداف الآتية :

1_ الارتقاء بالعمل التّربويّ والتّدريسيّ وتطوير الأهداف التّربويّة والتّعليميّة وفق الواقع الرّاهن .

2_ الارتقاء بالمناهج التي كانت من عام 2011 تدعو للثّورة وتحرّض عليها ، وإعادة النّظر في المناهج التي لم تُعدَّل بعد للارتقاء بالفكر الجمعي والفرديّ وتنمية الابتكار والإبداع التّربويّ والنتاج المعرفيّ للمتعلّمين .

3_ تطوير نظام الامتحانات المعمول به في وزارة التّربية .

4_ تغيير توصيف وزارة التّربية من خدميّ لإنتاجيّ .

5_ إعادة قوننة وزارة التّربية وإعادة هيكليّتها وبنائها على أسس وقواعد استراتيجيّة صحيحة تتيح المجال لمشاركة مختلف الأحزاب الوطنيّة والفعاليات الشّعبيّة في العمل التّربويّ .

6_ الاهتمام بالمعلّمين والارتقاء بالمستوى التّدريبيّ والتّربويّ .

وأودّ الإشارة إلى ما قاله إمبراطور اليابان عندما سُئل ذات يوم عن أسباب تقدّم دولته في هذا الوقت القصير، فأجاب : ” بدأنا من حيث انتهى الآخرون ، وتعلّمنا من أخطائهم ، ومنحنا المعلّم حصانة الدّبلوماسيّ وراتب الوزير .”

والمستشارة الألمانيّة في ردّها على القضاة عندما كانوا يطلبون مساواتهم بالمعلّمين فتقول لهم :

” كيف أساويكم بمن علموكم ؟؟ “.

ولا يغيب عن الأذهان قول القائد المؤسّس حافظ الأسد :

” المعلّمون بناة حقيقيّون لأنّهم يبنون الإنسان ، والإنسان هو غاية الحياة وهو منطلق الحياة ” ، فإذا كان

المعلّم يبني العقول ألا يستحق الاهتمام ، وهو يبني عقول النّاشئة أو عقول الدّولة ، بكل مفاصلها ومجالاتها ، وتطوير التّربية وتوصيفها من ذلك .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock