عاممقالات

زواج أم جريمة تتواري خلف العادات والتقاليد؟

بقلم شاهيناز عبد اللطيف

ظاهرة زواج القاصرات تعد من الظواهر المنتشرة و المتفشية في مجتمعنا المصري بشكل كبير، أراها لاتقل خطورة عن انتشار جرائم كبيرة مدمرة كالقتل او الإغتصاب ، ولا تقل خطورة عن أي سبب من الأسباب التي جعلتنا من الدول المتأخرة اقتصاديا أو الفاشلة اجتماعيا،
تلك الظاهرة المغلفة احيانا بغلاف العادات أو الموروثات الشعبية وتخطي الأمر عند البعض لإلباسها لباس الدين حتي يكسبوها صفة الحلال أو الجائز ، ولكن الحقيقة إنه زواج يثمر عن أشخاص مدمرين نفسيا و أخلاقيا احيانا ويترك لنا أسرة قد تحسب علينا أسرة منتجة أو لها دور مجتمعي وهي في الحقيقة نواة أو بذرة لمجتمع مشوه فاسد . 

لقد عايشت بنفسي  الكثير من تلك القصص والتي تملأ الكتب والأوراق ، ولكن من أكثر القصص التي أثرت في نفسي وتركت ألم عميق بداخلي ؛ هو ما سأرويه وصدقا لا أعرف اذا كنت أنا قد أصابني هذا الوجع فما بال أبطال الحكايات بذاتهم . 

القصة الأولي 
لفتاة لم تتجاوز الثالثة عشر في بلدة ليست بالريف أو المدن هي مابين هذا وتلك بمجرد أن ظهرت عليها بوادر الأنوثة وأصاب أبوها الهلع والذعر وأمسي لا ينام الليل كيف يداري هذه المصيبة من وجهة نظره ، ومع أول طارق لبابه طالبا القرب علي حد تعبيرهم وافق دون شروط ، فهو لا يحتاج للمال هو يحتاج فقط لمدارة أو التخلص ممن سوف تجلب له العار .

يوم والثاني والثالث وجاء عريس الغفلة والقي لهم بإبنتهم !!
ايه يابني فيه ايه ؟؟؟
روحوا عالجوا بنتكو الاول !
مالها ؟؟
البنت او العروسة أو الطفلة بمعني اكثر وضوحا مصابة بمرض التبول اللاارادي.
يالها من كارثة !!! طفلة كان من الأفضل لها أن يقوموا بعلاجها والاهتمام بها ورعايتها ، قاموا بتزويجها وتحميلها من المشاق ماتعجز عنه اكثر النساء تحملا هل انتهت المشكلة عند هذا الحد !!
بالطبع لا :
فبعد ايام معدودة ظهرت عليها اعراض الحمل !!
إنها شهور بسيطة ويأتي للمجتمع فرد أمه طفلة مريضة وأبوه شخص غير مسئول فماذا ننتظر منه ؟؟

 القصة الثانية 
لفتاة من الأسر العريقة لم تتجاوز أيضا السادسة عشر ، تقدم لها العرسان نظرا لجمالها الملفت ولكن عندما جاء ابن عمها ، واعرب عن رغبته في الزواج منها ؛ اذن قضي الأمر فمن عاداتهم ان ولد العم اولي من أي شخص آخر ؛
طيب ايه ظروف هذ الولد العم ؟
لا يهم وحتي إن كان مريض بمرض عضال لن يشف منه
وكان الرد المعتاد في تلك الأسر “انتو عاوزين الناس تاكل وشنا ”
طب ياجماعة ده مريض نفسي والكل يعلم ذلك ، فهو مصاب بمرض الفصام ،
وإيه المشكلة “إن ماستحملتوش بنت عمه مين يستحمله ” وتم الزواج والذي اثمر عن عدد من الابناء
طيب كيف حالها هي الان ؟ 

هي تعيش وكأنها شبح لإمراة ، اصبحت تكره نفسها وتكره جمالها وتكره حتي اولادها ولاتملك من أمرها شئ ، فالآن بعد أن كان لدينا مريض واحد اصبح لدينا أسرة بالكامل مشوهه نفسياً .

 القصة الثالثة 
لا تختلف كثيرا عن سابقتها فهي أيضا لفتاة من الأسر التي تنتمي لعائلات الأشراف والكل يعلم ان الزواج خارج تلك العائلات هو من المستحيلات فهي فتاة في نهاية تعليمها الثانوي الأزهري وتقدم لها من عائلتها الشاب الوسيم الجاهز من وجهة نظرهم ولكن هناك علامات استفهام علي سلوكه وتصرفاته فهو للأسف من مرتادي البارات والخمارات ، منفلت أخلاقيا بمعني أصح
لا يهم طالما ان اسمه ينتهي فالآخر بلقب يتمني الانتساب إليه الكثير
طب وابنتكم التي تحفظ القرآن وتتم الفروض والنوافل ،
الرد الجاهز ايضا “بكرة الأيام تغيره ويعقل”
وبالطبع لا غيرته الايام ولا اهتدي بل ازداد سوءا وتطاولا عليها باللفظ وباليد
واصبحت مطلقة ولم تتجاوز عامها التاسع عشر وتعالج عند طبيبة نفسية محاولة منها مداوة ما أصاب روحها ونقائها من جروح وآلالام . 

مآساة او مآسي للأسف تتكرر يومياً بشكل أو بآخر وليس لها علاقة لا بمستوي إجتماعي ولا ثقافي ولا مادي فهي منتشرة علي كافة المستويات وهذا مايزيد الأمر تعقيدا وسواداً ليست قاصرة علي الجهلاء أو الأميين وان كانت بنسبة أكبر بينهم ولكن الطامة الكبري إنها في موروثات العائلات المتدينة او اللاتي يحمل أبناؤها اعلي الشهادات . 
نأمل أن يحدث شئ من الوعي والإدراك لخطورة تلك الظاهرة وكما ذكرت انها لاتقل خطورة عن الجرائم الصادمة في مجتمعنا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock