شعر وحكايات

صعود وهبوط وألوان طيف مطرزة بالحياة .. قراءة نقدية لمجموعة قصصية

بقلم / عبير حافظ

تطريز خارج الثوب الضيق

” مجموعة قصصية” للكاتب والشاعر/ محمد عطوة

بدا غلاف المجموعة لامرأة غير واضحة الملامح لكنها بداخل ثوب يكاد بتماهى مع باقي ألوان الغلاف.. وكأنها وكما تعودنا (رمزاً للحياة) للحرية .. على كتفيها أكاد أرى شالاً أحمر اللون.. فاردة ذراعيها، تبدو على شفا احتضان شخصاً أو موقف ما، لكنها مع ذلك تشيح بوجهها ناحية اليسار ( تجاه القلب) أي العاطفة..

ووجود النساء لافت ومؤثر بالمجموعة ، لذا كانت سيدة الموقف في خلفية الغلاف.. ألوان الغلاف تكاد تجمع

“ألوان الطيف” (الأحمر والبرتقالي والأصفر والأزرق والبنفسجي والنيلي) وحده الأخضر غير موجود .. دعونا ندلف بداخل الكتاب علنا نجده ( رمزاً للحياة)

الإهداء

دافئ بحجم الكون، مُطمئن كرسالة عرفان للزوجة وامتنان حافل للأبناء.

لا توجد مقدمة .. ببدو أن المحتوى مشوق فلايحتمل المقدمات.

ولوج

اختيار ذلك الاسم لأول قصة قصيرة وتلك البداية للقراءة، ذكي يضفي منطقية تتابع المرور بين أروقة الكتاب..

عند قراءتك للصفحات الأولى ينتابك شعور استفهامي وتلعثم فحواه : هل هذا هو محمد عطوة الشاعر !

جاءت ” ولوج” بحس سردي خصب منطقي بعيد إلى حد ما عن المواراه مع الاحتفاظ بجمال الأسلوب.

ظلت المجموعة على هذا النحو مروراً بـ ( صداع _ تمرد) إلى أن وصلت لـ قصة (مدق) فأدخلتني بكهف الدهشة ، لاسترجع حقيقة الكاتب الإبداعية في الشعر.. فتحتاج لأن تعيد قراءتها مرة تلو الأخرى لتصل لمفتاح المغزى للقصة.. أو تلك الومضة.

السرد مُفعم بروح التعابير غير المألوفة في اتجاهات مختلفة لتفتح أمامك آفاقاً غاية في الروعة والإبداع.. الرمزية تميل للأبعاد الخاصة بالشعر ( الرمزية الشعرية)

نجد أن العمق يشير للفكرة ، اما الفكرة فتشير للكاتب.

وهناك ملمح آخر فرض نفسه وبقوة وهو انعكاس قراءات الكاتب للأدب (المُترجم) أو الأدب (الإنجليزي) .. الوصف المختصر وبعبارات محددة وتعابير ذات طابع غالباً مانجدها في الأعمال المترجمة للغة العربية؛

ضف إلى ذلك تنزه الكاتب بين ثقافات الشعوب المختلفة مابين دول عريية وأخرى أجنبية.. مع تمكنه في إظهار ثقافة واسعة في هذا الشان.

إستخدام كلمة “تطريز” بشكل متكرر يدل على الميل للأصالة ، والتدقيق بالأمور والحرص على إتمامها على أكمل وجه بنظام وحرفية…

وهذا ما وجدناه بالمجموعة أيضًا…

( تطريز) ألوان مختلفة لمشاهد من الحياة، واختلاف المشاعر والشخصيات..

تم تضفير حس فلسفي نفسي اجتماعي.. وكثير من المواراه وبقايا حكايات بين الأسطر تركها الكاتب للمتلقي ليضيفها كيفما يروق له.. يجعلك بحاجة لأن تعيد القراءة مرات لنفس القصة لتجد معنى جديداً ومختلفاً لكل قارئ على حده فيطرزه هو من وجهة نظره.. ممايشعره بأنه شريك بالعمل.

ثم تحدث نقلة نوعية لنصل لآخر جزء بعنوان

” سيناريو لفنتازيا سوداء”

ننتقل لنزهة سريعة لمشاهد سينيمائية ذات سيناريو كتب على عجل ..

قد اعتدنا علي وجود صورة السيناريو والحوار أكثر في الرواية.. خلق المشاهد وتفصيلها بتلك الصورة هنا مدهش.. لكنه( الكاتب) أيضًا طوع ذلك كومضات تمر كسحابات لطيفة تصلح كقصص قصيرة .

صدأ

آخر قصة بالفصحى بالمجموعة وفي رأيي يمكن إعادة صياغتها كرواية.. أكثر من رائعة وتستحق جائزة ومن أهم قصص المجموعة.

وفي الآخير.. أخذنا الكاتب لنقلة نوعية وكأننا جلسنا معه جلسة ودية في نهاية المجموعة وراح يتحدث معنا بكل تلقائية ويحكي لنا قصصاً بالعامية..

صعود وهبوط بين أقسام المجموعة المختلفة…. تتلقفك الأفكار، والأساليب حيث لا ملل بل مزيد من المفاجآت؛ ناسبت جميع الأذواق.. قارئ مثقف، أو شاعر، أو حتى قارئ يمل من الفصحى ويميل للعامية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock