عاممقالات

عندما يحتاجنا الوطن فلا وقت للحب





اوعى تقرب اوعى تفوت وارجع تاني احسن حتموت
عندما يحتاجنا الوطن فلا وقت للحب
كتب
خطاب معوض خطاب


أغنية “يا وابور يا مولع” من الأغاني الجميلة التي ترتبط معي بذكريات جميلة منذ أيام الطفولة، حيث كنا نغنيها ونحن في الصغر، لكن الشاعر والصحفي والرسام متعدد المواهب صلاح جاهين صاغها صياغة أخرى في فيلم “لا وقت للحب”:
يا وابور يا مولع حط الفحم
وبقولك ولع حط الفحم
اوعى البعبع مستنيك
راح يتغدى ويفطر بيك
اوعى تخش العشة يا ديك
خدها نصيحة من الكتكوت
&&&
حطة يا بطة يا دقن القطة
يا وابور شفلك غير دي محطة
أبو وش أحمر زي الشطة
هنا وقاعد لك بالنبوت
اوعى تقرب اوعى تفوت
وارجع تاني احسن حتموت
يا وابور يا مولع ولع نار
فيه بينا وبينهم دم وتار
وفيلم ” لا وقت للحب” من بطولة “فاتن حمامة”، و” رشدي أباظة”، عن قصة للكاتب “يوسف إدريس” ، ومن إخراج “صلاح أبو سيف وقد تم عرضه سنة 1963م، وقد امتاز هذا الفيلم وعلى عكس اتجاه مخرجه “صلاح أبو سيف” في أغلب أعماله بأجواء التشويق والإثارة والحركة والمطاردات، حيث دارت الأحداث في الأشهر الستة التي سبقت ثورة 23 يوليو 1952م، ومعركة الإسماعيلية في 25 يناير 1952م، التي اشتبك فيها البوليس المصري مع جنود الإنجليز في منطقة القناة، وقد نجح هذا الفيلم بالفعل في أن يقدم لنا هذه الأجواء حتى دون أن نشاهد أحداثها على الشاشة.
الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية لفدائي مصري سوف نتعرض له في وقت لاحق، وتدور أحداث الفيلم عن فدائي اسمه “حمزة” وهب نفسه للقضيق الوطنية وقت الإحتلال الإنجليزي لمصر، إيمانا ويقينا منه بأن الرجولة الحقيقية في الدفاع عن قضية الوطن الذي ننتمي إليه، بل والموت من أجل الوطن إن كان لا مفر من ذلك.
التقى “حمزة” بفتاة بسيطة تعمل مدرسة أحبته وأحبها لكنها أيقنت أنه مشغول بحب أكبر من حبها، لذلك أحبت هي أيضا وعشقت ما يحبه هو، أحبت محبوبته، أحبت مصر، فلم يعد هناك وقت للحب بمفهومه الضيق، وأصبح همها وهمه واحد وهو مصر فقط.
الفيلم يزخر بنماذج مصرية بسيطة لكن تنبض بالوطنية والفداء والتضحية، مثل التربي العجوز الذي يخفي البطل في المقابر بعيدا عن عيون المتربصين به والمطاردين له، ويفعل ذلك بحب غير مصطنع لا يخاف أحدا من أعداء الوطن إذا ما انكشف أمره، لذلك بكى الرجل متاثرا عندما حاول حمزه أن يعطيه بعض النقود وقال له باكيا: “معقولة يا أستاذ حمزة!؟ أنت بتشمتني!؟ أنا بحب البلد زيك ويمكن أكتر، عايز تدفع لي ثمن رجولتي ووطنيتي!؟”.
وفي أواخر الفيلم نفذ البطل عملية فدائية قتل فيها عددا من عساكر الإنجليز ونسف مصنعا للذخيرة بمساعدة حبيبته وبعض البسطاء الوطنيين، لكن وكرد فعل لهذا فقد احتل الإنجليز الحي الذي يعيش فيه البطل وهؤلاء البسطاء، وبقوا في انتظار عودة البطل الفدائي للقصاص منه وقتله أمام أهل الحي، وتملك الرعب من قلوب الجميع من حضور البطل ووقوعه في أيدي الإنجليز، ولأن أهل الحي قد فشلوا في تحذيره فقد جاء الحل وجاءت النجدة على يد صبي صغير طلب من أقرانه أن يغنوا معه أغنية ” يا وابور يا مولع” وكان من غنائهم:
اوعي تخش العشه يا ديك 
أبو وش أحمر مستنيك 
 راح يتعشي ويفطر بيك 
اوعي تقرب اوعي تفوت 
ارجع تاني احسن حتموت 
وإذا بهذه الأغنية التي يغنيها الأطفال تسري بين البيوت وجدرانها وتدخل الغرف المغلقة على أصحابها وتتسلل بين الحواري والأزقة ليسمعها الجميع، ثم يغنيها كل أهل الحي وكأنها نشيد وطني مثل “والله زمان يا سلاحي” و”بلادي بلادي”، فتنتشر الحمية والوطنية بين أهل الحي جميعا، ويستشعر الكبار هدف الصبية الصغار من وراء هذه الأغنية، وأن الكتكوت ” أو الصبية يحذرون “الديك” أو البطل من “الديب” أو عساكر الإنجليز، فيزداد الحماس أكثر وأكثر ويلتهب كلما اقترب البطل “حمزة” من دخول الحي، وبينما هو يقترب إذا به يصل الي مسامعه أصوات الحي كله وهم يحذرونه بأغنيتهم الباكية، الكل يغني ويحذرونه على قلب رجل واحد، النساء والرجال، والصبية والأطفال: “اوعي تقرب اوعي تفوت .. ارجع تاني احسن حتموت”، وبالفعل يفهم البطل مقصد أهل الحي وينتهي الفيلم على البطل وهو ينطلق مسرعا بعيدا عن متناول أعداء الوطن وليستكمل كفاحه وجهاده الذي نذر له نفسه.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock