أدم وحواءعام

أهمية منح الثقة للأطفال



كتبت/نهلة زكي
الثقة لها مفعول السحر في تعليم الأطفال

جاءتني العام الماضي تلميذة منقولة من إحدى المدارس الخاصة لتدني المستوى ، البنت كانت (ميح ) حرفيا ، بمعنى أنها كانت في الصف الرابع و لا تعرف نصف حروف الهجاء ، ولا تجيد شبك الأحرف لتكوين كلمة ، لم تكن تجيد حتى النقل من السبورة ، إلى جانب إهمال شديد في متابعة الأسرة و عدم الحضور رغم استدعائي لهم عدة مرات ، حتى أن التلميذة لم تكن تحضر قلما معظم الأيام ، و كانت صامتة طول الوقت كأنها خرساء ، و كانت كثيرة الغياب حتى أيام الاختبارات ، و لم تكن الأسرة تستجيب حتى لاتصالاتي التليفونية لمحاولة احضار شهادة طبية لأتمكن من إعادة الاختبار للتلميذة .


بحاستي التربوية أدركت ما ينقص الفتاة ، و كان أهم ما عملت عليه هو إعادة الثقة في النفس لهذه التلميذة اليائسة ، كنت أطلب منها أن تقف للإجابة ، و أنا متأكدة انها لا تعرف ، و تقريبا أجيب أنا و هي فقط تردد ما قلته ، و أطلب من التلميذات التصفيق لها و وأشجعها بأن أقول لها ها أنت تعرفين الإجابة ، لماذا لم ترفعي يدك ؟ و أعهد إليها بالأسئلة البسيطة مثل قراءة كلمة سهلة من على السبورة ، أو إخباري بما تراه في صورة مثلا .

و لتشجيعها على النقل من السبورة كنت أقوم بتسطير الصفحة لها و تزيينها بشكل جميل و أكتب لها التاريخ و أخبرها أنني سأعود في نهاية الحصة لأرى ما كتبت ، و كنت أبتسم و أكتب لها عبارة تشجيعية و أربت على كتفها و شعرها أثناء تصحيح دفترها و أثني على أي تقدم مهما كان بسيطا .

كما كنت أحاول كسر انطوائيتها بإشراكها في الأنشطة الصفية كأن أطلب منها توزيع الدفاتر أو أوراق العمل على زميلاتها ، أو جعلها قائدة المجموعة في عمل ما ، و قمت بتكريمها على أخلاقها و أدبها و كم كانت سعادتها كبيرة عندما ألبستها تاجا باعتبارها ملكة الأخلاق في الصف .

و كانت النتيجة مذهلة ، و تقدم مستوى التلميذة بشكل كبير و نجحت في نهاية العام على عكس المتوقع ، كما تغير سلوكها اجتماعيا و أصبحت أكثر تفاعلا مع زميلاتها و معلماتها .

و بالمصادفة البحتة أنني أدرس هذا العام الصف الخامس الذي فيه التلميذة ، و عندما دخلت إلى الفصل تركت مقعدها و اندفعت إلى حضني و بصعوبة فككت ذراعيها من حول خصري .

و الآن أشعر بسعادة كبيرة و أنا أرى دفاترها المرتبة و واجباتها المنتظمة ، و تفاعلها النشط في الفصل ، حتى المشروعات و الأنشطة اللاصفية تؤديها على أكمل وجه ، و تبادر للاشتراك في المشاهد التمثيلية و تحريك العرائس ، صحيح أنها لم تصبح متفوقة دراسيا لكنها أصبحت تلميذة قادرة على استكمال دراستها بشكل طبيعي .

ابنتي كانت بحاجة فقط لكلمة السر ، إنها الثقة يا أصدقائي .

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock