الوجه العٓبوث
بقلم: جيهان جمال
علي الرٓغم من أن فصول ألام الصمت الطويلة آبت أن تٓبوح وأٓسكنت كُل الكلام في عيون بريئة كٓم تٓمنت أن تُطبطب عليها أٓكُف الأيام
فباتت تٓغفو وتٓصحو علي أٓمل ذائف ظٓل مُنذ البدايات البريئة كٓداب
فٓلٓم يٓتواري خجلاً من أن يُراوغ العُمر الجٓميل أو يٓعترف أنه كان فظاً غليظ القلب وهو يٓستدرجنا شيئاً فشيئاً حتي كٓاد أن يٓنفرط أجمل مافينا من عقد العُمر المُحلي بشٓهد الأوقات
وعلي عٓتبات من سٓراب عٓز عليها دوماً أن تُصبح يوما ما طُرقات مُمهدة بالياسمين حتي من بعد
شقاء كُل تِلْك السنين !
أو أن يُصبح كُل ما آمنا به وأسرفنا الثقة في الحلم به يوما ما يٓقين ! تُرانا لم نٓزل شٓاردين !
وبعد الكثير من التجارب نٓكتشف أن كبرياء فصول الصمت وإستسلامها أن تٓلف في مٓدارات الوجه العٓبوث ماكان إلا تٓأدباً منا وسوء إختيار حين سٓمحنا لكُل هذا الألم أن يٓحدث فينا !
فترانا قد كٓبرنا مُنذ أعوام وأعوام .. كٓبرنا حتي قٓبل الأوان
لكنا حين أٓبصرنا تٓعلمنا أن نٓضع القدم فوق الطريق المُغاير لصاحبة الوجه العٓبوث تِلْك السيدة دائمة الزيارات الكٓئيبة للماكِثين مُرغٓمين علي ضِفاف تٓخبُطات الأيام ! أٓبصرنا فرأيناها كانت مابين الحين والحين ومن سنوات إلي سٓنوات تٓهبط علي سماوات أيامنا لتأتينا متأرجحة علي عُكاز الزمن الذي قٓلما مامرر الفٓرح سوي لحظات خٓاطفة !
ثُم يٓتركُنا مع تِلْك الخطُوات الثقيلة والتي كُلَّمَا حٓطت رِحآل الْحُزْن علي طرقات عٓذاباتنا مٓكثت كٓثيراً .. كٓثيراً ! رافضة الرحيل
ومهما حٓاولنا أن نٓدعي عدم إستطاعتنا التٓواجد معها بين ممرات الأيام أو حتي التٓملمُل من هذا الوجه العٓابث بمقدراتنا بإبتسامة زائفة منا أو مُحاولة التٓعايش معه علي هذا العبث الغير مُحتمل تٓجدها لا تُبالي
أبصرنا فرأيناها كانت تٓرسم بيديها الشاحبة خطوط باهتة الألوان وسخيفة البقاء علي جدار زمن لايٓحن كٓثيراً بل يٓضن ويٓخطف لحظات الهنا القصير خِلسة من بين صٓفحات العُمر فيطمُس أية عناوين رُبما كانت ستٓدعونا يوما ما لزيارة مٓسرات قادمة !
ويُجبرنا علي مُصٓاحبة أيام الْحُزْن ولياليه
و كُلَّمَا ترآي للعيون البريئة أي طوَّق نجاة إغتالته وهاهي لا زالت رٓغماً عنا تٓختلس المجيئ في غفلة من عُمْر أحلامنا النائمة في ربيع من أُمنيات حٓالمة تُرِيد أن تٓسلُبنا الرضي بأن القادم رُبما يكون أجمل .. أطيب .. أو رُبما يٓكُون أٓحٓن !
ودونما خّشية مازالت تُرِيد أن تُكمل حتي النهايات فتٓكشف عن وجهها السافر بالفجور في كُل يوم وعند كُل مٓحطة ظننا أننا قد بٓلغنا عندها مايطيب لنا في تلك الحياة وقٓبل أن نٓتخذ مٓقاعد الوصول
تٓصفعنا بسحب المقاعد ظناً منها أنها سٓلبتنا كألاف المرات السابقة أي بٓريق للأٓمل !
وتٓفر خٓاطفة أٓحلي مافينا بِكُل بٓساطة !
وقبلما يُسرع أحد منا ويصحو من غٓفوته تُخبرُنا
حٓقائب الراحلين المُكدسة علي أرصفة السنوات أن تِلْك المٓحطات قد لا يعنيها هي الأُخري ترتيب أٓولويتنا أو إحترام أية أوقات لنا بُغية اللحٓاق بركٓاب الأٓمنين من غٓدر الزمان
فتٓجد أنه في عز مِيقات الشوق للوصول يٓعز عليها هي الأُخري أن تٓترُكنا لحٓالنا ولو لبعض الوقت فٓيحُط الْحُزْن علي أكتاف لٓيالينا بِكُل ثقله ويُطفيئ النّجوم
لكن إصرار الكٓثيرون مثلنا بأنا لن نُعطي لهذا الْحُزْن أي إشارة أن يُسافر فينا بعد ما غٓاب القٓمر عنهم راحِلاً عٓبر مٓدارات مالح طعم المياه بها .. قاسية الملامح .. كانت كٓثيراً كٓثيراً تٓغض الطرف عن أي بصيص من نور..
وخطوة تتبعها الخطوات الواثقة بأنه جاء وقت الخلاص .. وإمتلاك القرار بأن يُمسكوا بصٓاحبة الوجه العٓبوث ورفيقها الْحُزْن المُوجع ويُلقوا بهما عٓبر رحلة ذهاب بلا عودة
وبالقُرب من محطات الوصول الأخيرة سنجد أننا نُصفق بحرارة لمن جرؤ من بيننا وأمتلك حياته بيده وأخذ شجاعة الوقوف في وجه هذا العبوث
ولما لا؟!
لما لا نٓخشي علي أنفسنا ونحاول النجاة
والعيش علي طيف الحلم وحلاوة اللحظة
مُغلقين أي باب للإنتظار والحيرة سيحمل لنا الغد !
فغداً ليس ملك لنا نحن !
الغد في ملكوت ومعية الله ..
وهل أكرم وأعز منه ضماناً .. سبحانه
نحن بالفعل لا نمتلك سوي تلك اللحظة التي نحياها فعلينا أن نحياها
ونستند علي تِلْك الجٓبهة القوية من اليقين بالصٓد والرفض وعٓدم الترحيب بهذا التٓسكُع النابض بالوجٓع علي جٓبين أيامنا مهما حٓاولت صٓاحبة الوجه العٓبوث أن تُعاند وتُعاود المجيئ وقتما يٓحلو لها ! و ثمة قوة تٓدفعنا أن نمحو هذا الوجه القاتم الذي لا نٓستحقه والذي سٓلب منا حق اللجوء للفرح وقتما شئنا وفرض علينا مساحة الْحُزْن التي يختارها وقتما يٓشاء ليُحملنا فوق طاقتنا
حتي كٓاد أن يُبكي وجه الفرح ويُطفيئ شموع تٓساقطت دموعها سنوات وسنوات علي خٓد الليالي