مقالات

التنمر المدرسي .. أسبابه وعلامات تدل على التنمر

قلم فاطمة الكحلوت

بات التنمّر في المدارس من الظواهر الخطيرة التي تُهدّد سلامة الطلاب وسير عملية التدريس بشكلٍ صحيح وسليم، إذ تؤثر هذه الظاهرة على نفسية الطلاب وتمنعهم من الدراسة وتحقيق التفوق الدراسي، ومن إقامة صداقات وثيقة ومتينة فيما بينهم، فيما يلي سنُسلط الضوء على موضوع ظاهرة التنمّر في المدرسة، تعريفها، أسبابها، وطرق علاجها.

التنمر في المدارس:

يُعرّف التنمر المدرسي على أنّه حالة يتعرّض فيها الطفل أو الطالب لمحاولات متكررة من الضرب أو الهجوم الجسدي والكلامي من قبل طفل أو طالبٍ آخر أو مجموعة من الطلاب، وعادةً ما تحدث هذهِ الظاهرة بين شخصٍ قوي يُهاجم شخص أضعف منه من الناحية البدنيّة، أو النفسيّة، أو كليهما، وهذا الهجوم يترك الكثير من العواقب النفسيّة السلبيّة بعيدة المدى لكلا الجانبين أي الضحيّة والمعتدي.

وهناك تعريفٌ آخر لظاهرة التنمر المدرسي عرفهُ دان ألويس وهو نروجي أسّس للعديد من الأبحاث التي تناولت موضوع التنمر المدرسي، حيثُ قال بأنّ التنمر في المدارس هو عبارة عن أفعّال سلبيّة متعمدة من جانب تلميذ أو أكثر لإلحاق الضرر بتلميذٍ آخر، وهذهِ الأفعال السيئة من الممكن أن تكون تهديد بالكلمات كالتوبيخ، الإغاظة، الشتائم، والتهديد بأشياء مخيفة ومزعجة، أو أن تكون بالاحتكاك الجسدي المباشر كالضرب، الدفع، الركل، أو قد تكون بعيدة عن الكلمات أو الضرب الجسدي، كالتكشير بالوجه، واستخدام بعض العبارات غير اللائقة، وكل هذا

يهدف إلى إزعاج الطالب المتعرّض للتنمّر والرغبة في عزله عن المجموعة.

ما الذي يسعى إليه الطفل المتنمر؟!

يقوم بالتنمّر عادةً ما يسعى لتحقيق عدة أمور هي: الطفل

لفت انتباه الآخرين له.

الظهور كشخصٍ قوي وصلب.

رغبة كبيرة في إظهار القوّة والسيطرة على كل الأشخاص الذين حوله إن كانوا زملاء أو معلمين.

الرغبة بالقيادة وحبّ الذات والأنانيّة.

غيرة الطالب المتنمّر الشديدة من تفوّق الطلاب عليهِ مثلًا في الدراسة أو في أي نشاطٍ آخر

ما هي أسباب التنمر المدرسي؟!

يوجد العديد من العوامل والأسباب التي تؤدي إلى الانخراط في سلوك التنمر على الآخرين لإشباع الرغبة في السيطرة، أو للفت الانتباه، وربما جراء الإحساس بالفوقية أو الدونية وانعدام الأمان .

نوضح فيما يلي أبرز أسباب التنمر في المجتمع:

اكتساب سلوك التنمر

قد يعزى سبب التنمر إلى اكتساب هذا السلوك من المحيطين بالشخص، فعلى سبيل المثال يمكن أن ينشأ الطفل في أسرة يتنمر فيها الكبار على بعضهم البعض فينتقل هذا السلوك منهم إلى الأطفال بمرور الوقت، فيصبح الطفل أو المراهق متنمرًا على غيره اعتقادًا منه أن السخرية من الغير والتنمر عليهم يعد أمرًا طبيعيًا. [2]

التعرض للإساءة والعنف

يمكن أن ترجع أسباب التنمر إلى تعرض الشخص للعنف والمعاملة السيئة أو القاسية من قبل والديه، الأمر الذي ينعكس على تصرفاته مع الآخرين فيلجأ إلى صب جام غضبه على من حوله بسلوك عدواني أو ساخر أو متنمر. [3]

إهمال الطفل أو التساهل معه

لا يقتصر سلوك التنمر لدى الأطفال والمراهقين على تعرضهم للمعاملة القاسية من الآباء، ولكن يعد التساهل المفرط مع الأبناء أو إهمال رعايتهم بيئة خصبة لنشأة الطفل دون رادع مصلح لسلوكياته الخاطئة، فلا يجد من يرشده للصواب

علامات تدل على التنمر ….

الإصابات الجسدية (مثل: الكدمات أو الخدوش).

نمط النوم السيئ، أو البدء في التبول في السرير.

تغيُّر في عادات الأكل.

ضياع أو تلف المتعلقات الخاصة بالطفل.

عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة أو الخوف منها.

انخفاض وضعف التحصيل الدراسي.

الرغبة في الجلوس بمفرده وعدم المشاركة في الأنشطة.

القلق والتقلبات المزاجية، والشعور بالتعاسة أو الغضب.

تأثير التنمر:

قلة الثقة بالنفس والعجز.

قلة التركيز وسوء الأداء الأكاديمي.

مشاكل في التكيف مع المدرسة؛ وبالتالي عرضة للغياب من المدرسة والتسرب الدراسي (انقطاع الطالب عن الدراسة وعدم إتمامه لهذه المرحلة).

مشاكل صحية نفسية (مثل: الاكتئاب، والقلق، ومحاولات الانتحار).

التعرض بصورة كبرى لخطر تعاطي المخدرات.

أسباب عدم تدخُّل المتفرجين على التنمر:

الاعتقاد أن شخصًا آخَر سيتدخل.

الخوف من التعرض للأذى أو التنمر، أو أن يصبحوا غير محبوبين أو مكروهين.

قد يكونون أصدقاء مع المتنمِّر/ المسيء (حتى لو لم يوافقوا على كيفية تصرفه).

أن المتفرج ليس صديق الشخص الذي يتعرض للتنمر.

ما يمكن القيام به عند التعرض للتنمر أو عند مشاهدة حالة تنمُّر:

النظر بثقة لعيني المتنمر وترديد أيٍّ من هذه العبارات بصوت واضح “من فضلك لاتتحدث معي هكذا”، أو “لا يعجبني ما تفعله”.

المشي مع رفع الرأس عاليًا، يؤدي استخدام هذا النوع من لغة الجسد إلى إرسال رسالة للمتنمر بأنك لست عرضة للخطر.

إخبار شخصٍ بالغٍ موثوقٍ به (مثل الآباء أو المعلمين أو المدربين).

الإبلاغ عن التنمر إذا كان يهدد بالتسبب في خطر جسدي أو أذى.

تجنُّب الضرب أو الهجوم الجسدي، من المرجح أن تتأذى وتتعرض للمتاعب عند محاولة محاربة المتنمر.

محاولة التحدث إلى المتنمر والإشارة إلى مدى خطورة سلوكهم وضرره.

التدرب على الثقة بالنفس وذلك من خلال ممارسة طرق للرد على المتنمر لفظيًّا أو من خلال السلوك.

التحدث إلى مستشار توجيه، أو مدرس، أو صديق، أو أي شخص يمكنه أن يقدم الدعم الذي تحتاجه.

المدافعة عن الأصدقاء والآخرين الذين يتعرضون للتنمر؛ لمساعدة الضحية على الشعور بالدعم وقد يتوقف التنمر.

نصائح للمتنمِّر:

التذكُّر أنه على الرغم من اختلاف الناس؛ فمن المهم معاملة الجميع باحترام.

البحث عن طريقة لاستخدام القوة إيجابيًّا بدلًا من التقليل من شأن الآخرين.

محاولة التحدث إلى شخص بالغ موثوق فيه للتحدث عن سبب التحول إلى متنمِّر.

التفكير في شعور الشخص الذي يتعرض للتنمر.

إذا كان الطفل يتعرض للتنمر فإنه يحتاج إلى التوجيه والحب والدعم.

إذا كان الطفل يتعرض للتنمر فمن الضروري الاستماع إليه والتحدث معه.

منح الطفل الانتباه الكامل، مع التحدث في مكان هادئ.

في كثير من الأحيان لا يخبر الأطفال عن التنمر؛ لأنهم يخشون أن يزيد التنمر سوءًا، لذا من المهم أن تدعه يعرف أنك تصدقه وأنه فَعَلَ الصواب بإخبارك بذلك.

طرح أسئلة بسيطة عليه (مثل: إذن ماذا حدث بعد ذلك؟ وماذا فعلت بعد ذلك؟). ثم الاستماع إلى الإجابات.

البقاء هادئًا؛ لتُظهِر له كيفية حل المشكلات، عند الشعور بالغضب أو القلق يجب الانتظار لحين الشعور بالهدوء قبل التحدث معه أو مع الآخرين.

التأكد من أن الطفل يعلم أنه ليس خطأه (مثل: لم يحدث ذلك لأنه يرتدي نظارات).

مدح وتشجيع الطفل على الاستمرار في مشاركة المشاكل معك (مثل: أنا سعيد جدًّا لأنك أخبرتني بهذا).

تجنب التعليقات السلبية (مثل: عليك أن تدافع عن نفسك أو يمكنك البقاء في المنزل).

عدم تشجيعه على المقاومة، والاقتراح عليه بالابتعاد عن المتنمر لتجنبه وعدم إعطائه الأهمية.

اشرح للطفل سبب تنمر بعض الأطفال؛ ليساعده على إدراك أن الموقف ليس خطأه (مثل: أن الشخص المتنمر قد يقلد الآخرين، وعدم معرفة أن التنمر أمر خاطئ أو لديه مشكلة، ويعتقد أنَّ جَعْلَ الآخرين يشعرون بالسوء سيجعل الأمور أفضل).

إذا تعرض طفلك للتنمر في المدرسة، فيجب الحصول على مساعدة المعلم والمدرسة بأسرع ما يمكن.

يحتاج الطفل إلى معرفة أنك تعمل على حل المشكلة، لذا تأكدْ من إخباره أنك ستتحدث إلى المعلم أو المدرسة حول هذا الموضوع.

من المهم عدم إلقاء اللوم على المتنمر أو التحدث بشكل سلبي، والتركيز على الإيجابيات التي يمكن للطفل القيام بها.

عدم محاولة معاقبة المتنمر؛ لأن هذا عادة لا يساعد في وقف التنمر.

إذا كان الطفل يتنمر على شخص آخر، فلا تتجاهله واتخِذ الإجراء بأسرع ما يمكن؛ حيث إنه على المدى الطويل يستمر المتنمرون في مواجهة المشاكل والتي قد تزداد سوءًا إذا سُمِحَ بذلك، غالبًا ما يصبح هؤلاء المتنمرون أقل نجاحًا في حياتهم العملية والعائلية، وقد يتطور سلوكهم العدواني ويواجهون مشاكل مع القانون لذلك:

تحدَّثْ إليه عن سلوكه، وعلَّمْهُ ما معنى التنمر، وسبب كونه مشكلة.

إيضاح نقاط القوة في شخصيته وصفاته الإيجابية.

محاولة مساعدته على رؤية الأشياء من وجهة نظر الطفل الآخر (الضحية أو المتنمَّر عليه).

توضيح أمثلة حقيقية عن النتائج السيئة لأفعاله.

وضع قيودٍ صارمة على سلوكه العدواني أو المؤذي عند تكراره.

تطوير طرق جديدة وبنَّاءة للحصول على ما يريد، وأيضًا طرق لمعاملة الآخرين باحترام.

استخدام التأديب الفعال غير الجسدي (مثل: فقدان الامتيازات) عندما يحتاج الطفل إلى الانضباط.

البحث عن طرق إيجابية لوقف التنمر مع مدير المدرسة والمعلمين والمستشارين وأولياء أمور الأطفال الذين يتنمر عليهم الطفل.

الإشراف على وقتهم عبر الإنترنت ومراقبة المواقع التي يتصفحونها.

طلب المساعدة من المختص (مثل: المعلم، أو المستشار النفسي) عند مواجهة صعوبة في تغيير السلوك.

كاتبة وباحثة اجتماعية – الأردن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock