عاممقالات

ملك إسماعيل مذيعة قال لها الوزير: هدي اللعب شوية

 ملك إسماعيل مذيعة قال لها الوزير: هدي اللعب شوية

كتب/خطاب معوض خطاب
مذيعة التليفزيون “ملك إسماعيل”، نجمة برامج الشارع في التليفزيون المصري خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، مذيعة نسفت كل الخطوط الحمراء، فهي مذيعة لم ينافسها أحد في جرأتها وشجاعتها لدرجة جعلت وزير الإعلام يقول لها “هدي اللعب شوية” ولم يستطع أن يوقفها أو يعيقها عن عملها أي شيء، فقد تصدت وتجرأت وناقشت هموم ومشاكل الجاهير في برنامجيها الشهيرين: “على الطريق” و”سلوكيات”، وكانت تسجل مع ضيوفها خارج الاستوديو في قلب الأحداث، فذهبت للناس في الشوارع والمصانع والعشوائيات والمستشفيات وناقشت قضايا لم يطرقها أحد غيرها، “ملك إسماعيل” كانت ملكة متوجة على عرش البرامج التي تناقش هموم الوطن والمواطن مقابل أجر يبلغ “33” جنيها عن الحلقة التي تقدمها، قبل أن يأتي زمن يتقاضى فيه “الإعلاميون” الملايين، بينما هم لا يقدمون في برامجهم إلا التفاهات، وللأسف فقد أصبحنا في زمن يكاد يطلق فيه لقب “إعلامي” على كل من مر أمام مبنى “ماسبيرو”.
التحقت “ملك إسماعيل” بالتليفزيون سنة 1963م، وهي ما زالت طالبة بالسنة النهائية بكلية الآداب قسم صحافة جامعة القاهرة، حيث قدمت عددا من البرامج على القناة الأولى، مثل: “لقاء كل يوم”، و”في دائرة الضوء”، و”فرصة العمر”، و”المجلة العمالية”، وبرنامجيها الشهيرين “على الطريق”، و” سلوكيات”.
تميزت “ملك إسماعيل” في تقديم برنامجيها “على الطريق”، و”سلوكيات”، حيث قدمتهما بطريقة “الريبورتاج” صحفي، وربما يعود هذا لسابق عملها بالصحافة قبل انشغالها بالعمل التليفزيوني، واتصفت “ملك إسماعيل” بالجرأة والشجاعة أثناء تقديم حلقات البرنامجين، حيث قدمت فيهما عدة حلقات أثارت بها ضجة في جميع أنحاء مصر.
فقد قدمت “ملك إسماعيل” حلقة شهيرة عن قضية “تجارة الدم”، عن الذين يتاجرون بدمائهم ويبيعونها، وقدمت عدة نماذج وركزت على من يبيع دمه مقابل المال ليأكل ويطعم أسرته، كما ركزت على من يبيع دمه مقابل المال ليشرب به “الحشيش”، كما قدمت حلقة أثارت ضجة كبرى وتعرضت وقتها هي وطاقم العمل معها لمحاولة الاعتداء عليهم أثناء التصوير، وكانت هذه الحلقة عن “تجريف الأرض الزراعية” ، كما قدمت حلقة عن مستشفى “57357”، وذلك قبل البدء في إنشائه.
كما ناقشت قضية “إشغالات الطرق” وتقاعس المحليات عن علاجها، وناقشت قضية “غلق المصانع” ، وقضية “سرقة كابلات الكهرباء”، وقضية انتشار الفئران في الموانئ وفي أكثر من مكان داخل مصر، كما ناقشت قضية “المعاملة السيئة في مستشفى العباسية”، حيث أبرزت سلبيات المستشفى وذكرت عددا من حالات الإهمال داخلها، كذلك ركزت على إهمال الأهالي في زيارة ذويهم من نزلاء المستشفى.
وقدمت ” ملك إسماعيل” حلقة عن قضية “التلاعب بالأسعار”، وحلقة عن قضية “تجارة الحشيش”، حيث سجلت مع تاجر مخدرات اسمه “كتكت”، وسألته يومها: هل تدخن؟ وأجابها بأنه لا يدخن أبدا، كما قدمت حلقة عن المدابغ الموجودة بمنطقة “سور مجرى العيون”، وطالبت يومها بنقلها خشية من حدوث تلوث بيئي بالمنطقة، وقدمت حلقة شهيرة عن قضية “المياه المعدنية”، حيث طالبت ” ملك إسماعيل” الشركات المنتجة بحذف كلمة “معدنية” من الزجاجات المعبأة، لأن التحاليل أثبتت أن هذه المياه ليست كذلك، وبالفعل انتهت حملتها بإجبار الشركات على كتابة كلمة “مياه طبيعية” بدلا من “مياه معدنية”.
ولقد تعرضت “ملك إسماعيل” خلال رحلتها مع “برامج الشارع” لعدد من المضايقات والعقبات التي كان الهدف من ورائها وقفها عن ممارسة عملها بطريقتها المعتادة، بل وصلت لمحاولة الاعتداء عليها وتعرض سيارتها الخاصة للتحطم عدة مرات، بل واحتراقت السيارة بالكامل، وفي كل مرة كانت تقيد القضية “ضد مجهول” لعدم التوصل لمعرفة من قام بهذا الفعل.
آخر المضايقات ومحاولات وقفها عن الاستمرار في عملها هو ما حدث لها سنة 1998م أثناء رئاستها للقناة الأولى بالتليفزيون المصري، حيث تعرضت لموقفين مؤثرين خلال أيام قليلة، الموقف الأول حينما أخبرتها إحدى المذيعات بوفاة الفنان “فريد شوقي”، فأمرت ” ملك إسماعيل” بإذاعة الخبر من خلال برنامج “مساء الخير يا مصر” الذي كان يذاع قبل نشرة أخبار السادسة مساء، ثم تبين بعد ذلك أن الخبر غير صحيح، فتمت محاسبة ولوم “ملك إسماعيل” لسماحها بإذاعة هذا الخبر، وفي نفس الوقت لم يتعرض أحد للمذيعة التي جاءت بالخبر المدسوس رغم شهادة الشهود بذلك، والموقف الثاني كانت “ملك إسماعيل” غائبة عنه، ورغم ذلك فقد عوقبت بوقفها عن العمل، وذلك لأن نفس البرنامج قد أذاع خبرا _تبين كذبه بعد ذلك_ عن تعرض أهالي إمبابة للاعتداء عليهم من قبل بعض البلطجية، نعم لم تأمر “ملك إسماعيل” بإذاعة هذا الخبر لكنها عوقبت بالإيقاف عن العمل لأنها رئيس القناة التي يذاع البرنامج من خلالها، وقالوا في تبرير موقفهم من إيقافها إن إحدى السيدات دخلت الاستوديو وقدمت لهم ورقة بها هذا الخبر وقالت لهم إن رئيس القناة تأمركم بإذاعته وهو ما لم يحدث في الواقع.
وبالفعل أوقفوا “ملك إسماعيل” عن العمل، لكنها رفعت قضية وحكم لها بالتعويض والعودة للعمل مرة أخرى، لكنهم لم يعيدوها كرئيس للقناة الأولى بل تمت ترقيتها لتصبح نائبا لرئيس التليفزيون حتى تقاعدها، ورغم مرور السنين تظل “ملك إسماعيل” دائما ملكة متوجة على عرش برامج الشارع في التليفزيون، وملكة متوجة في قلوب متابعيها ومحبيها الذين كثيرا ما دافعت عنهم وعن مصالحهم، ما زالت “ملك إسماعيل” تعيش على أمل أن تشاهد الإعلام يهتم بهموم المواطن العادي، وما زلنا كمواطنين نعيش على أمل أن نشاهد مذيعة بقدر وقيمة وكفاءة “ملك إسماعيل”.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock