جمالك حياةعام

وريقات أربعينية

وريقات أربعينية


بقلم: د. غادة فتحي الدجوي


وريقتي الثامنة عشر و قرابة ثاني جمعة في رمضان… الأسبوع الماضي كل يوم في كان يذكرني بأحداث متناوبة حزينة و مفرحة و لكني اكتشفت أن ما هو حلو و مر فيما سبق فهو حلو جدااا رغم مرارته و قسوته أحياناُ.


و وريقتي اليوم بعنوان ” رمضانيات” و سابدأها معكم من الحديث الي القديم .. من أمس كنت بالبيت أطهي الطعام للفطار و ذهب زوجي لصلاة العصر بالجامع ثم أتي و سألني ماذا تطهين فأجبته بما أفعله و كان رده لالا أود اليوم أن نأكل طعمية و بطاطس و فلفل و باذنجان و جبنة و فول و بيض و سلطة… نعم، و قمنا بالفعل لنعد هذه الوليمة و كم استمتعنا بها و أكلنا لدرجة غريبة … لأ أدري ما السبب ؟ هل لبساطة الأكل أم لمشاركتنا سوياُ في إعداد الطعام أم أنه غير المعتاد في رمضان؟ المهم أننا استمتعنا جدا لدرجة أننا كنا محتارين و نحن نأكل نبدأ بماذا لنأكله…. فإكتشفت أنه ان تطهو بحب و تتذوق بحمد الله و أن المهم أن نشكر الله علي نعمة الفرحة بما لدينا.
اقرأ أيضا عباءة رجل الدين
أما الموقف الأقدم و المتكرر في حياتي و أعشقه هو يوم الخميس و الجمعة عندما نذهب لأمي و هي تفكر في كل فرد فينا ماذا يأكل و ماذا يحب و رغم تعبها لاتتهاون في ذلك و أنا أعشق تجمعنا في الفطار علي الطبلية و جلستنا و ضحكنا و تذوقنا و بطبيعتي و من يعرفني يعلم ذلك أني معظم الطعام لا أكله الا من يد أمي… و عندما فكرت وجدت انه طعم الحب و الاهتمام الذي لا يعوض ابدا و طعم الأمان الذي مهما كبرنا لا نجده إلا في بيت الأم و الأب.

و ترجع بي الذكريات إلي شهر رمضان من أكثر من 30 عاما حين وجود أبي رحمة الله عليه و أجواء الفطار و كيف كان يمنع عنا الماء ساعة الفطار و ابداله بالبلح المحلي حتي لا نشبع و يعطي لنا المياه كما يقولون ” بالقطارة” و كان حريص علي أن نأكل من كل الأصناف التي اهتمت أمي أن تصنعها لنا علي اختلاف اذواقنا… و عند السحور تقوم أمي بتحضير كل الطعام في أطباق التسخين و البيض في مياه السلق و تنام…و قبل ميعاد السحور يقوم أبي ببقية الإعدادات حتي يضع كل الأشياء علي طبلية السحور ويبدا العناء معنا كي يوقظنا لنتسحر دون ملل.. لدرجة أنهما أحيانا كانوا يضعوا الطعام في أفواهنا حتي نأكل…
رغم قساوة الحياه و نحن صغار و رغم أننا لم نكن نفهم لماذا أبوانا يوافقون علي أشياء و يرفضون غيرها و كنا نبكي و لكن كانت رغم مرراتها بالنسبة لناعلي قدر أعمارنا..أري الأن كم كانت حلوة.

و كانت بيوتنا عامرة بالضيوف و الضحكات و صوت المسلسلات و الأطباق الحائرة بين الشقق بما تحمله من أصناف و فوازير رمضان و يكون أثنائها الشارع ليس به أحد و صلاة التروايح وصوت المسحراتي و لعب الأطفال في الشارع و الزينة و الأنوار.

و رغم أن هناك من هذه المظاهر ما هو موجود في الأحياء الشعبية أو باقي الأحياء علي الطريقة المودرن إلا ان الطعم اختلف أتدرون لماذا؟ فكروا أنتم كل واحد في حياته و لا تفكروا في ما السييء؟ بل فكروا بالعكس.. كيف يكون لحياتي مذاق و طعم ؟ ما الذي ينقصني؟ او ما الذي أظن أنه ينقصني و هو موجود لكني لا أراه؟


أما عن نفسي فبعد الأربعين أصبحت أفكر في تذوق الحياه بشكل مختلف..أريد أن اسمع صوت أمي أكثر، ألعب مع الأطفال، اقول ما اريد أن أقوله دون تجميل، أتعامل مع الحقائق و ليس فرضياتي، من يتجمل أو يكذب فهو حر و لن أشغل بالي بأن أظهر له أني أعلم كذبه، أكثر من الزكاه و الصدقة، أقابل أصحابي بدون تكليف فكل منا يعلم الأخر جيداَ و الحياة ليست محتاجة لكل هذا التصنع الذي يأخذ مجهود في أشياء ليس لها قيمة، سأتذكر أبي و أخي و كل من أحببناهم و فارقونا بالفاتحة دوما، ساتواصل بصوتي مع من احب و ليس عبرالرسائل الجافة، سأطبخ بحب و أهتم بمنزلي بقلبي… و سأنام علي حمد الله سبحانه و تعالي


إن الأيام عندما تذهب لا تعود إلا بذكريات لتذكرنا أننا مازلنا أحياء فلنثتثمرها ، فقد يأتي يوم نخرج من بيوتنا علي أقدامنا و نرجع جثة هامدة، أحبوا أنفسكم حب حقيقي فإذا احببتم أنفسكم فلن تهينوها أبدا و الأهانة هي أن تفعل أشياء لا ترضي عنها أو تهمل صحتك أو تأمر نفسك بما لا تستطيع…. أحبوا من القلب فالحب و الايمان دواء القلوب .

و أخيراً أوجدوا لأنفسكم الفرص للتجمعوا أنتم و من تحبون علي الخير و رمضان هو شهر الخير … رمضان كريم

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock